الحرمان من الرعاية الطبية الأساسية والتعرض لبيئات مادية عنيفة. ومع تصاعد قمع المعارضين من قبل النظام الإيراني، يجد السجناء السياسيون أنفسهم في طليعة هذه الحملة الوحشية. تشير التقارير الواردة من مراكز مثل سجن شيبان في الأهواز، وسجون إيفين، قزل حصار، وشيراز، والعديد من المدن الإيرانية الأخرى إلى تدهور الوضع، حيث يعاني السجناء من تدهور صحتهم بسبب حرمانهم من العلاج. ويُستخدم هذا السلوك المتعمد كوسيلة للتعذيب بهدف إضعاف عزيمة أولئك الذين يتحدون الحاكم وقواته القمعية.
بعض السجناء السياسيين أمضوا عقوداً في السجن ويواجهون الآن أزمات صحية خطيرة دون إمكانية الوصول إلى الخدمات الطبية. على سبيل المثال، أحد السجناء، رغم معاناته من مشاكل صحية متعددة، بما في ذلك أمراض القلب والتهاب المفاصل الحاد، حُرم من الإجازة الطبية لمدة 24 عاماً. هذا جزء من نهج أوسع يُطبق بشكل منهجي في جميع سجون البلاد.
وفي ظل هذه الظروف القاسية والمُنهكة، كثف النظام الإيراني من استخدام عقوبة الإعدام. تم إعدام ما لا يقل عن 112 سجيناً في شهر آب (أغسطس) 2024، وهو أول شهر من رئاسة مسعود پزشكيان في إيران (أعلى عدد من الإعدامات في الأشهر الثمانية الماضية). هذه الزيادة تؤكد نية النظام إحباط أيّ مقاومة من خلال بث الخوف والوحشية. كان الإعدام الجماعي لـ 29 سجيناً في سجن قزل حصار في 7 آب (أغسطس) واحداً من أكثر الأمثلة الكارثية على هذه السياسة، حيث يُعد من أكبر عمليات الإعدام الجماعية في السنوات الأخيرة.
منذ بداية العام الميلادي الجاري، تم إعدام ما لا يقلّ عن 457 سجيناً. وفي الشهر الماضي، أُعدم السجين السياسي رضا رسائي، الذي اعتُقل خلال انتفاضة 2022. كما أُعدم سجين آخر في مدينة شاهرود علناً، مما أثار استياءً واسعاً. خوف النظام الإيراني من الانتفاضات والمأزق الذي خلقه دفعه إلى قتل المزيد من الشعب الإيراني. إنها استراتيجية اتبعها هذا الاستبداد الديني منذ تأسيسه.
رداً على الإجراءات القمعية للنظام، حظيت حملة “أيام الثلاثاء لرفض الإعدام” باهتمام واسع، حيث شارك السجناء السياسيون في 21 سجناً في إضراب عن الطعام. دخلت هذه الحملة أسبوعها الثاني والثلاثين، وأصبحت رمزاً للمقاومة ضد أساليب النظام الوحشية. البيان الأخير للمعتصمين أدان الإعدامات الأخيرة، وطالب بإنهاء ما وصفوه بـ”الوضع اللاإنساني”، داعين المجتمع الإيراني والمجتمع الدولي للوقوف في وجه ممارسات النظام. يطالبون بأن يستمع المجتمع الدولي إلى دعوة الشعب الإيراني، وخصوصاً السجناء السياسيين، لرفض الإعدام، ومحاسبة النظام الإيراني على كل عملية إعدام.
أمير حسين مرادي، طالب متميز وسجين سياسي محتجز منذ عام 2020، ظهر كمنتقد قوي للنظام من وراء القضبان. وأكد مؤخراً في بيان له على براءته وانتقد الحكومة بسبب الاعتقال غير القانوني الذي تعرض له. كلمات مرادي تتناغم مع كلمات العديد من السجناء السياسيين الآخرين الذين يواجهون سياسات النظام الظالمة، ويؤكد أن الحكومة هي التي يجب أن تعتذر عن جرائمها ضد الشعب الإيراني، وليس السجناء.
تسليط الضوء على موجة الإعدامات الحالية واستمرار سوء معاملة السجناء السياسيين يبرز يأس النظام في الحفاظ على سيطرته. ومع ذلك، لا يزال عزم السجناء قوياً، حيث يواصلون مقاومة محاولات الحكومة لإسكاتهم. وضع السجون في إيران يُذكّر بالأزمة الحادة لحقوق الإنسان في البلاد، وهي أزمة تتطلب اهتماماً دولياً وإجراءات عاجلة.
وأخيراً، بينما يكثف النظام الإيراني قمعه، يواصل السجناء السياسيون العصيان والمقاومة، وعلى الرغم من المعاناة الكبيرة التي يواجهونها، يرفضون أن يتم إسكاتهم. نضالهم ليس فقط من أجل الحرية الشخصية، بل هو معركة أوسع من أجل العدالة وحقوق الإنسان في إيران. العالم الآن يشهد شجاعة هؤلاء السجناء ومقاومتهم للظلم الذي يمارسه ضدهم الاستبداد الديني الحاكم.
كتبت السیدة مريم رجوي بشأن دائرة الإعدامات المستمرة من قبل نظام ولاية الفقيه في حسابها على منصة X: “كانت ماكينة إعدام الشباب الإيراني آلية لحياة وبقاء النظام الثيوقراطي. لا ينبغي السماح لنظام الملالي بأن يعرّض حياة السجناء السياسيين للخطر في مواجهة حركة الاحتجاجات”.
في الختام، المقررة الخاصة لحقوق الإنسان للأمم المتحدة في إيران، ماي ساتو، نشرت الأربعاء تغريدات عدَّة حول زيادة الإعدامات والتعذيب في إيران. وأعربت في هذه التغريدات عن قلقها الشديد إزاء الظلم وتجاهل حقوق المحاكمة العادلة في تنفيذ عقوبة الإعدام في نظام الملالي.