اسليدرمقالات واراء

الرّصاصة الثّاقبة (الخيانة الزوجيّة)

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم: زينة محمد الجانودي

الخيانة مصطلح وفعل قاسٍ للغاية وتعرّف بالعديد من التعريفات، بناءً على موضعها أو المراد منها.
فالخيانة لغة: هي مصدر خان يخون خونًا فهو خائن، والمفعول به مخون، وتدور معاني الخيانة حول الكثير من الأمور، كخيانة العهد ونقض الميثاق، وخيانةالثقة وإفسادها، وخيانة الأمانةوعدم صيانتها…
والخيانة الزوجية تعرّف بأنّها الإخلال بالمحافظة على عهد الرّابطة الزوجيّة من قبل أحد الزوجيْن أو كليْهما،وذلك بأن يقيم الرجل أو المرأة أو كلاهما علاقة بالخفاء مع شخص آخر غير زوجه.
فالخيانة الزوجية هي التي تعرّضَ ويتعرّضُ لها العديد من الأزواج منذ العصور الماضية وإلى العصر الحديث.
وتختلف باختلاف أسبابها وأشكالها، ويختلف مفهومها من شخص لآخر باختلاف نظرته إليها.
وهي تبدأ بالكلمة ثمّ النظرة ثمّ الميل العاطفي وتتطوّر لأبعد من ذلك… وغالبا مايكون هناك جانب نفسيّ وتأثيرات وضغوط محيطة تزجّ بالفرد نحو الوقوع في بئر الخيانة، ولا يستطيع إنقاذ نفسه إلا بعد فوات الأوان.
إنّ الحفاظ على حياة الزوجية سليمة وحميمة وسعيدة، أصعب بكثير من بداية الزواج نفسه، لأنّه بعد فترة من الزواج تحدث الرّتابة والملل وفتور العلاقة العاطفية بين الزوجيْن، والتباعد بينهما
وذلك نتيجة لعدّة أسباب وليس مبرّرات تؤدّي إلى الخيانة الزوجية، والخيانة فعل وذنب بشريّ ليس حكرًا على جنس دون آخر،
فهناك أسباب تتعلّق بخيانة الرجل لزوجته وأسباب تتعلّق بخيانة المرأة لزوجها.
ومن أهم أسباب خيانة الرجل لزوجته:
١-سوء فهم معنى الحب:
يخلط الكثير من الرجال بين مفهوم الحب ومفهوم الإعجاب، فيعتقدون أنّهم وقعوا في الحب، في حين أنّ الحب لا يقتصر ولا ينحدّ بمشاعر الإعجاب فقط بل هو تواصل روحي بين شخصيْن تجمعها مشاعر مشتركة، فبعد فترة من الزواج يصاب الرجل بخيبة أمل،
وذلك بسبب اكتشافه بعدم توافر كافّة الصفات في زوجته التي يتمنّاها في الأنثى، والتي توهّم أنّه أحبّها قبل الزواج، ولكنّه لو كان حبا حقيقيا لما أصيب بخيبة أمل ولكانت زوجته هي من يتمنّاها حقا، وهذا يدفعه إلى تعويض ذلك عن طريق اللجوء إلى امرأة أخرى يجد فيها الحبّ الحقيقي و الصفات التي يتمنّاها والتي هي مفقودة عند زوجته.
٢-فشل العلاقة الحميميّة:
تساهم الرّغبات الجسديّة أو الجنسيّة في خيانة الرجل لزوجته، لأنّ العلاقةالحميميّة جزء لا يتجزأ من الزواج،فتضاؤل الإشباع الجنسي على مرّ الوقت،ينتج عنه شعور الرجل بأنّه يستحقّ لقاءات جنسيّة أكثر، وبعض الرجال بمجرّد الملل من علاقتة الحميميّة مع زوجته يلجأ إلى الخيانة بهدف التغيير والتنويع من دون تفكير.
٣- إهمال الزّوجة لنفسها:
بعد الزواج وإنجاب الأطفال، يقلّ وأحيانا يتلاشى اهتمام الزوجة بنفسها، فلا يعود ذلك من أولويّاتها واهتماماتها، وقد يتغيّر شكل وجسم المرأة بسبب الزواج والحمل، وتهمل الزوجة الاهتمام والعناية بجسمها ومظهرها، فيبدأ الرجل بالبحث عن امرأة أخرى تتمتّع بمظهر يلفت انتباهه.
٤-الاضطرابات والمشاكل الزوجيّة:
إنّ كثرة خلافات ونقاشات الرجل مع زوجته في المنزل، وترك هذه المشاكل من دون حلّ، تؤدي في النهاية إلى تراكمات، وأحيانا تقوم المرأة بالشكوى من زوجها أمام أهله أو أهلها الذي يزيد من توسيع دائرة المشاكل، وتسبّب الضغينة، وعدم الشعور بالسعادة،
فيتطلّع الرجل إلى الفرار بدل من التعامل مع مشاكل الزواج، ويرى أنّه من الرّاحة له التعامل مع امرأة جديدة يشعر معها بالرّاحة والهدوء.
٥- الأنانيّة وقلّة النضج عند الرجل:
في كثير من الأحيان لا يتعلّق سبب خيانة الزوج بزوجته نفسها، بل بسبب معاناة الرجل من الأنانيّة، ومحاولة تعزيز الرّضا عن الذات، لجذب الانتباه إلى نفسه، أو قد يعتبرها لإرضاء رجولته،
بسبب وصوله لمرحلة منتصف العمر، فيسعى إلى البحث عن علاج لذاته من خلال الخيانة، فيكون سبب الخيانة مجرّد رغبة الزوج في الخيانة،وهو بذلك يعتقد أنّ إقامة علاقة مع امرأة أخرى لن تضرّ، مادامت زوجته لاتعلم بذلك، فيبحث عن امرأة أخرى حتى يرضي ذاته.
ويعتبر البعض أنّ الخيانة خطيئة محصورة بالرجل فقط، فعند سماع كلمة خيانة تتخيّل الأذهان صورة رجل يقضي ليلته مع امرأة وصباحه مع أخرى، لارتباط الأذهان بطابع الرّجل الشرقيّ الذي لاتكفيه امرأة واحدة، أوبأنّه يكون الدافع وراء خيانتة إهمال الزوجة له، أو عدم اهتمامها بنفسها،دون الرّجوع إلى عالم المرأة الدّفين وحالتها النفسيّة واحتياجاتها التي ربّما تدفعها نحو هذا الخطأ،
فغالبا ماتكون تلك الزوجة الخائنة، حنونة طيبة القلب إلى حدّ كبير، لأنّه يسهل التّلاعب بها وبمشاعرها، وتتسّم بالتوتّر وانعدام الثقة في النّفس،
وهذه الصّفات تؤهّلها لأن تكون فريسة سهلة هيّنة لرجل، يعرف كيف يسيطر على قلبها ومشاعرها وتفكيرها، وهنا يدقّ قاموس الخطر، وتوقع نفسها بمغامرة نهايتها المحتومة هي الفشل.
ومن أهمّ أسباب خيانة المرأة لزوجها:
١-إهمال الزوج لزوجته:
إنّ ضغوط الحياة والعمل، ربما تأخذ الزوج من زوجته، وتصرفه تماما عن الاعتناء والاهتمام بها، وهي في ريعان شبابها، فيمتنع الزوج عن التغزّل بزوجته، ومدح صفاتها، وإسماعها الكلام المعسول، ولا يلتفت إلى احتياجاتها، ولا يرأف بحالتها إذا مرّت بموقف محزن، ويقلّل من طلباتها العاطفية، التي تكون بأمسّ الحاجة إليها، ممّا يدخل المرأة بدائرة الوحدة المغلقة، فتلجأ إلى من يحتويها، ويفرغ مابداخلها من طاقات مكبوتة ومشاكل وأحزان وأسرار.
٢- عدم الرضا بالعلاقة الحميمية:
تحدث الخيانة عند المرأة، عندما لاتكون راضية عن العلاقة الجنسيّة مع زوجها، وأهم عوامل عدم الرضا، أنّ المرأة لا تجد الرومانسيّة والعاطفة التي تحتاجها من الرجل في العلاقة والتي تؤكّد عشقه لها، فالمرأة يحركّها قلبها، فهو غريزتها الأولى، فتبحث عن من يرضيها من هذه الناحية.
٣- تعرّض المرأة للصّدمات النفسيّة:
المرأة كائن رقيق وهشّ من أعماقه، ولذلك عندما تتعرّض لصدمات أو مواقف قاسية في حياتها قد تفقد صوابها، وتؤثّر على تفكيرها وانحرافه بطريقة سلبيّة، كموت عزيز لها، أو تعرضّها لحادثة مؤلمة، أوخيانة زوجها لها،
ولا تجد في زوجها خير أنيس، فتسعى لأن تستعيد ذاتها،وتحاول الشعور من جديد بالسعادة التي فقدتها، وذلك من خلال مشاهدة صورتها الداخليّة، بشكل سعيد و متجدّد عند رجل آخر.
٤- اهتزاز ثقة المرأة بنفسها:
تتعرض الكثير من النساء بعد الزواج والإنجاب، إلى تغيّر في المظهر الخارجي، أو عندما تتقدّم المرأة في العمر، تبدأ ملامحها بالاتجاه نحو الشيخوخة، فتعاني من الترهّل والانحناءات، فتصاب المرأة بانعدم الثقة بنفسها،
وذلك عندما تشعر بعدم تقبّل زوجها لها، وتعرّضها للانتقادات الدائمة من قبله، وتلجأ في هذه الحالة للخيانة، لتثبت بأنّها مازال مرغوب فيها، وأنّها جميلة في عيون رجل آخر.
وهناك أسباب مشتركة بين الرجل والمرأة تؤدي إلى الخيانة الزوجيّة أهمها:
١-الشعور بالملل:
أشارت الدراسات إلى أنّ ٧١% من الرجال الخائنين و٤٩% من النساء الخائنات قاموا بالخيانة بسبب الشعور بالملل، فعندما تصل الحياة الزوجيّة إلى روتين قاتل، يحاول الزوج والزوجة الهروب بالبحث عن الإثارة المفقودة خارج المنزل، بدلا من إيجاد حلول وطرق جديدة، لتحقيق انتعاش الزواج وإبعاد الملل.
٢- عدم وجود قواسم مشتركة:
إنّ قلّة توافق الزوجيْن من الناحيتيْن الفكرية والاجتماعية،كاختلاف النّشأة الاجتماعيّة لكلّ من الرجل والمرأة، واختلاف العادات والتقاليد التي تربّى عليها كلّ منهما،والتفاوت في المستوى الثقافي والعلميّ بينهما، هذا كلّه يؤدي إلى فقدان التفاهم، وعدم الانسجام والاستقرار والرّاحة النفسيّة، وحدوث فجوة بينهما، الأمر الذي يعزّز حدوث الخيانة بينهما.
٣-الافتقار للتربية السليمة والوازع الديني:
إنّ التربية السليمة والوازع الديني يصونا القلب والنّفس من السوء،ويشكّلان رادعا منيعا عن ارتكاب الأفعال الخاطئة، كالخيانة الزوجيّة.
إنّ هذه الأسباب وغيرها المتعلّقة بخيانة الزوج وخيانة الزوجة والأسباب المشركة بينهما ليست مبرّرا للخيانة.
لأنّ الخيانة مرض يصيب جسد الحياة الزوجيّة، فينهكها ويهلكها، ورصاصة ثاقبة تخترق منظومة القيم الاجتماعيّة،
وهي من التحدّيات الكبرى التي تهدّد الاستقرار الأسريّ وتهدم جداره،وتفقد الثّقة بين الزّوجيْن التي هي دعامة البناء في الحياة الزوجيّة.
كما ولها آثار نفسيّة واجتماعيّة على الأبناء، حيث يشعرون بعدم الاستقرار، وبأنّ الحياة يغلب عليها الغدر، ممّا ينعكس سلبًا على سلوكهم.
ولكي يُبنى زواج ناجح على أسس متينة، تجعله منيعا ضد أيّ نوع من المشاكل التي قد تطرأ على هذا الزواج وأخطرها الخيانة الزوجيّة، يجب أن يُحسن الرجل والمرأة اختيار شريك الحياة الذي هو ضمانة لعدم انهيار الزّواج أو تفكّك الأسرة في المستقبل.

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button