اسليدرمقالات واراءمنوعات ومجتمع

الذباب الالكتروني نمط أخر من الحروب

بقلم دكتورة : نهلة المحروق

الذباب الالكتروني أبرز أدوات التيارات الفكرية المعاصرة المقدمة

يتغير العالم بشكل سريع ومتباين من حيث ترتيب الدول ذات السياق القوة الاولي عالميا وذلك باختلاف أدوات السيطرة العالمية والتي تتمثل في القوة الصلبة والناعمة فمن حيث القوة الصلبة والتي تمثلها العسكرية باتت دول العالم لديها رؤية واضحة ولقد أدركت بعض الكيانات القيود المفروضة على القوي الصلبة وتأتي القوة الناعمة أحد أبرز الأدوات المتصاعدة

وتتعد مصادر القوة الناعمة حيث تشمل الثقافة والقيم والدبلوماسية ويشكل الإعلام أحد أدوات الثقافة وتعد وسائل الإعلام الاجتماعي نافذة بديلة للإعلام التقليدي بجانب قدرة الحكومات على الرقابة على محتويات ما يقدمه للإعلام التقليدي “الجهاد الالكتروني الزائف وآليات مواجهته.

في هذا الصدد بات الأفكار الجديدة والتي تحمل رؤية في استخدام الأدوات المتاحة للوصول الى الهدف المرجو شيء واضح ويعد الإعلام أداة متاحة تساعد في تحقيق الأهداف تعد وسائل الإعلام المختلفة أحد أدوات القوى الناعمة تستمد الميديا الجماهيرية قوتها كمجال وسائطي فائق التأثير، من قدرتها علي الإثبات والإبطال في الزمن والسياق المناسبين كما يجري الحديث، في بداية القرن العشرين عن قوة الكلمة ؛

ومن قوة الكلمة إلي قوة الصورة عندما عزز ظهور التليفزيون من نفوذ الصورة السينمائية والفوتوغرافية وتدفقت الأدبيات لدور الصورة في الرأي العام
جعلت القوة الإلكترونية بعض الفاعلين الأصغر في السياسة الدولية لديهم قدرة أكبر علي ممارسة كل من القوة الصلبة والقوة الناعمة عبر الفضاء الإلكتروني وهو ما يعني تغيراً في علاقات القوي في السياسة الدولية

حيث سعت الدول إلى الاستفادة من تلك في تطوير استراتيجيتها العسكرية والسياسية من أجل حماية مصالحه الوطنية ، فالدولة عادة ما تترجم قدراتها علي تحقيق أهدافها الخارجية من خلال استخداماتها وسائل مختلفة أهمها الدبلوماسية والقوة العسكرية والدعاية والأدوات الاقتصادية

إن التدخل في صناعة وصياغة الرأي العام أو هندسة الجماهير مسألة لا يمكن إنكار وجودها لأنها أظهر من أن تخفى ذلك لا يمثل ولاسيما في المجتمعات التي تعاني من مشكلات فكرية أو مشكلات عامة أو يخشي من تعرضها لأزمات أو مشكلات أو تزمع علي القيام بتغييرات مهمة كل تلك المبررات وأشباهها تعطي وجاهة لعملية التدخل،

وهناك تدخل سلبي وصناعة رأي عام مضلل يعتمد على الإشاعات وعلى الخداع ويكون هذا غالبا للتورية علي عوار الممارسة أو لرعاية مصالح جهات أو شخصيات أو جماعات أو حكومات متنفذة تأتي مصالحها بخلاف مصالح الجماهير
وتستخدم الدول وسائل الإعلام الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر واليوتيوب كأحد أدوات الحروب خاصة في الشرق الاوسط

وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلي سلاح إعلامي فعال وباتت إحدى الأدوات الرئيسية التي يتم توظيفها في المعارك السياسية والعسكرية والاعلامية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لدولة أو جماعة ما وذلك بما تملكه من عدد من المستخدمين يقترب من ملياري مستخدم وبما يتميز به من سرعة نقل المعلومات في الوقت الحقيقي للحدث وقدرتها على التشبيك المباشر بين مختلف المستويات الرسمية وغير الرسمية وتعد هيمنة المعلومات هي عقيدة الحروب الحديثة

إن الدور الذي تؤديه الميديا الاجتماعية ، والجماهيرية بشكل عام في حسم الصراعات الكبرى “، والاضطرابات وتعبئة الرأي العام ، لا يصح التقليل من أهميته من حيث أبعاده ، كما لا يصح المغالاة في شأنه إذا أدركنا أن قدرة وسائل الإعلام الحشد والتعبئة وتوجيه الرأي العام والحسم في القضايا المصيرية

وتستخدم الدول مجموعات مدربة تعمل وفق أجندة خاصة هدفها اختراق مواقع الخصم والترويج لوجهة نظر ،حيث أكد جون راسل خبير في شؤون الأمن الالكتروني الذباب الالكتروني ما يقوم به هو محاولة للسيطرة علي سردية تهديد وتخوين المجتمعات وهو ما يطلق عليها الذباب الإلكتروني

منهجية الذباب الالكتروني
تبدا منهجية الذباب الإلكتروني بالعقل الجمعي وهو ظاهرة نفسية تفترض فيها الجماهير أن تصرفات الجماعة في حالة معينة تعكس سلوكاً صحيحاً.

ويتجلى تأثير العقل الجمعي في الحالات التي تسبب غموضاً اجتماعياً، وتفقد الجماهير قدرتها على تحديد السلوك المناسب، وبدافع افتراض أن الآخرين يعرفون أكثر منهم عن تلك الحالة

ويأتي العقل الجمعي وفقاً لموضوع معين أو انحياز لشخص أو لدولة أو حزب ويؤكد عالم الاجتماع الفرنسي أميل دوركايم ( 1858 ـ 1917 ) مؤسس نظرية العقل الجمعي على ضرورة التميز بين ما يسميه بالتصورات الفردية التي ترتبط بالأفراد والمجموعات في بيئات وثقافات معينة

ولا تصلح للتعميم زمانيا أو مكانيا, والتصورات الجمعية المشتركة بين الشعوب وبين الأجيال التي تؤثر في سلوكهم دون وعي مباشر بها, وتمثل تلك التصورات الروح أو المادة التي يقوم عليها المجتمع. ويؤكد دوركايم على أن الحياة العقلية تتكون من تيارات من التصورات المستقرة في أذهان الناس بعضها فردي وبعضها جمعي

وهناك منهجية منظمة تتضح في طريقة عمل الذباب الالكتروني من خلال منشورات كثيره في وقت قصير ، حسابات وهمية تقوم بالنشر وهناك قله المعلومات الشخصية علي الحسابات ،وتركيز المحتوي علي موضوع معين ،نابعة من تنظيم أو جماعة أو مجموعات سواء رسمية أو غير رسمية

ميكانيزمات عمل الذباب الإلكتروني للبروباغندا الرقمية
الانتشار بقوة في مختلف المواقع الاخبارية العالمية وفي صفحات الشخصيات المؤثرة التي لديها صدى دولي ومنتديات ومنصات التواصل التابعة لدولة معادية بانتحال صفات واسماء مرتبطة بالدولة المعادية،

كذلك استغلال الكون فورميا الاجتماعية السائدة للدولة المستهدفة (الأعراف ،التقاليد، العقائد والأفكار) والتواصل معهم بلهجتهم المحلية لعدم لفت الانتباه ونشر الإشاعات والدعوة الى إسقاط نظام الحكم والتحريض عل الأعمال التخريبية لخلق بيئة غير مستقرة وتوسيع فجوة الاغتراب بين الدولة وشعبها.

تجنيد أشخاص ذوي التأثير العالي من رجال دين، إعلاميين، أكاديميين ورياضيين.. اللذين لديهم الآلاف وبعضهم لديه الملايين من المتابعين والزج بهم في حرب التغريدات لأن وجهة نظرهم تحظى بقبول جماهيري ولهم صدى اعلامي واسع، منهم من يتم استيعابه عن طريق التهديد ومنهم بالأموال والمناصب

وتضم هذه الفئة كذلك شبكات دولية منظمة متعددة الجنسيات (لوبيات) تقودها دولة ما (الدولة المشغلة لهؤلاء الشخصيات) لكي تدافع عنها بالوكالة وتروج لتوجهاتها ومصالحها الداخلية والخارجية.

التلاعب بالصور والفيديوهات بإظهار صور وفيديوهات مفبركة لأحداث غير حقيقية أو وقعت مثلا في الدولة -أ- والدعاية لها عل أنها ملتقطة في الدولة -ب- خاصة القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والصراعات والتي عادة ما تثير تفاعل كبير في الأوساط الإعلامية.

النشر والتعليق عن طريق حساب شخصية حقيقية أو موثقة موالية حتى تعطى مصداقية للمنشور ثم تقوم الكتائب الالكترونية بدعمه ورفع مستوى التفاعل فيه بإبداء الاعجاب والترويج له في أكبر عدد ممكن من المواقع ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي.

مهاجمة الرأي أو الجهة المعارضة بالشتم، الابتزاز، التخوين (الاتهام بخيانة الوطن والعمالة لقوى أجنبية) والشخصنة بتحويل النقاش من فكري حول قضية سياسية أو اجتماعية الى أمور شخصية متعلقة بصاحب المنشور أو الفئة المخالفة.

شن حملات التبليغ بشكل جماعي في نفس الوقت أو عبر دفعات ضد الأشخاص والحسابات المعارضة واتهامها مثلا بالمساس بالمؤسسات الرسمية والأشخاص أو المقدسات، فعند كثرة التبليغات يقوم موقع التواصل الاجتماعي بحظر واخفاء المنشور المبلغ عنه،

الذي هو في الأصل مجرد رأي عادي أو نقد لسياسات الحكومات ولا يحتوي على التجريح او اساءة للأديان والمقدسات وانما تم التبليغ عنه لكي لا ينتشر ويقوم بالتأثير على الرأي العام والتفافه حولها ما ينتج عنه ظهور هاشتاغ غير مرغوب فيه.

برمجة منشورات وتعليقات تعمل بشكل آلي هدفها الأساسي هو تكرار الشائعات والتعليقات في نفس القضية، فمن كثرة تكرار المحتوى حتى تدخل في لاوعي المتلقي وتصبح مؤثرة عليه،

في هذا الصدد يقول يوزف غوبلز وهو وزير الدعاية في ألمانيا النازية:

“الدعاية الناجحة يجب أن تحتوي على نقاط قليلة وتعتمد التكرار”
وتكتسب كتائب التعليقات الإلكترونية أهميتها من اعتبارين مهمين أولهما أنها تعمل على توجيه دفة التعليقات باتجاه معين ومن ثم فرض السيطرة وحجب الرأي الآخر (المؤيد) عن الظهور، ومن ثم الإيحاء للقراء بأن الاتجاه العام معارض لما ورد في هذا المقال أو التقرير، واستغلال نظريات علم النفس في صرف الأنظار عن الفكرة أو الأفكار الرئيسية الوارد في أي مقال وبناء حالة من الجدل حولها، بين مؤيد ومعارض، في محاول لنسف دعائم هذه الأفكار أو على الأقل التشكيك في صدقيتها وواقعتها

والاعتبار الثاني يتمثل في التأثير نفسياً في أصحاب الآراء المناهضة لإيران ودفعهم للتخلي عن هذا التوجه تحت ضغط سيل الشتائم والسباب، التي توجهها الكتائب الإلكترونية في تعليقاتها حيث يخشى الكاتب تكرار تجربته ويفضل البقاء بعيداً، وهو تكتيك يشبه أسلوب “داعش” المسمى بالصدمة والترويع” الذي ترجمه التنظيم من خلال عمليات الذبح والقتل والحرق، التي ترسل رسائل صادمة إلى الجيوش المشاركة في العمليات العسكرية ضده

وتتحدد محاور عمل الكتائب الالكترونية في حدث حقيقي ويتم المبالغة وتحويره واختلاق حدث من العدم ( شائعة) وترويجها بسرعة
وبالبحث في الحلول لتلك الكتائب التي تهدم الدول بمنهجية أكثر فتكا من السلاح توصلنا إلى مواجهة تهميش الشباب و حتمية التنمية الشاملة لمواجهة الشباب

و الاعلام المنظم بالدلو صاحب الخطط الممنهجة وبناء الامن الفكري وقيام المؤسسات الدينية بدورها في تجديد الخطاب الديني وكذلك صناعة مراكز متخصصة في مناصحة المتطرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى