كتب: اسلام المانش
تمر البلاد هذه الأيام بأزمة طاحنة قد تأتي على الأخضر واليابس ألا وهي الارتفاع الجنوني غير المسبوق لعملة الدولار، وبصرف النظر عن أسباب الارتفاع الخطير لعملة الدولار كونها مخطط لتركيع البلاد وخلق الأزمات أو ضعاف النفوس الذين يتحكمون في سعر صرف الدولار عن طريق مكاتب الصرافة المنتشرة في أنحاء الجمهورية الآن، لاشك أن البلد في أزمة حقيقية ولابد أن تستفيق من سباتها ويخرج علينا المسئولون بحلول فورية وقوية لهذه الأزمة الخطيرة التي تؤثر على حياتنا اليومية من مأكل ومشرب ودواء وقد تؤثر على مصير دولة بأكملها.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن… لماذا مصر بالذات؟
الاجابة أن مصر هي البلد الوحيد التي ضربت مثالاً في الصمود والشموخ بعد ما سُمي بـ “ثورات الربيع العربي” التي جاءت على الأخضر واليابس، وغيرت خريطة الشرق الأوسط الجغرافية والاستراتيجية والأمنية، فمازالت مصر صامدة أمام كل المحاولات التي تريد أن تنال من وحدتها وأمنها بفضل وعي شعبها وجيشها ولم يعد لأعداء مصر إلا الحرب الباردة مثل التلاعب في سعر صرف الدولار والضغط على مصر اقتصادياً، فعواقب هذه الأزمة وخيمة ولها تأثير سلبي على استيراد المواد الغذائية الأساسية والأدوية المستوردة والمواد الخام للصناعات الهامة والحيوية وعلى رأسها صناعة الحديد مما يهدد بتوقف عدد كبير من المصانع وتوقف العديد من الصناعات المهمة للبلاد.
من المؤكد أن الأزمة ليست في قلة عدد الدولارات في مصر، بل المشكلة الأكبر تكمن في تخبط مصرفي على مستوى الدولة خلال السنوات القليلة الماضية فتارة يحددون حد الإيداع والسحب للعملة الأجنبية وتارة أخرى يسمحون بالإيداع والسحب بلا حدود وتارة ثالثة يقيدون الشركات المتعاملة مع الدولار بمبالغ كبيرة، ووسط هذا التضارب في القرارات يهرب المستثمر الأجنبي، والذي هو مصدر أصيل للعملة الصعبة وشريك في التنمية، ووسط هذه الأزمة الكبرى يخرج بنك باركليز، وهو أكبر البنوك العالمية، وله فروع في شتى الدول من السوق المصري ساحبًا معه 20 مليار دولار مما أدى إلى تفاقم الأزمة أكثر وأكثر، نتيجة تراجع إيرادات السياحة والصادرات والاستثمار الأجنبي، وتحويلات العاملين في الخارج، وقناة السويس، بحسب تقارير رسمية.
والحلول كثيرة والخبراء المصرفيين أكثر وأكثر.. ولكن من يتخذ القرار الآن؟
على الدولة اختيار الحل الأنسب لهذه الأزمة في هذه المرحلة الحرجة جداً، ولا مفر من غلق كل شركات الصرافة التي تتلاعب بسعر الدولار باحثةً عن المكاسب المادية والربح السريع ضاربة بعرض الحائط مصلحة الوطن، لابد أن يكون المتحكم في سعر صرف الدولار جهة واحدة على مستوى الجمهورية، وهي البنك المركزي المصري، وإلا فانتظر انهيار الدولة، فالمؤمرات التي تحيط بمصر أكثر مما نتخيل.
ويأتي دور المواطن والذي لا يقل أهمية عن أي إجراء يمكن أن يتخذ في هذه الأزمة، فلابد من تشجيع الصناعة المحلية وتشجيع الإقبال على شراء المنتج المحلي والوطني حتى ولو كان سعره أغلى من المستورد حتى لا تضيع أموالنا هباءً خارج البلاد، فالاستثمار داخل البلاد أفضل من خارجها، لابد وأن تتحرر الدولة من عبودية الاستيراد وتشجيع الصناعة المصرية والمحلية والاهتمام بتنميتها، لابد أن تعود مصر إلى عصرها الذهبي، فمصر هذه الدولة الأبية عبر السنين والأزمان والتي لم يقدر عليها أحد عبر التاريخ، ولن يقدر بإذن الله تعالى.