دار الأوبرا المصرية الخميس 21/ 12/ 2017
وفي قاعة سينما الحضارة وأمسية من الأماسي الراقية لمنتدى فضفضة للآداب والفنون ” اللغة العربية هويتنا ومصدر ثقافتنا ” شكراً جزيلاً للشاعر الكبير الأستاذ جلال عابدين والفنان الشاعر الأستاذ محمد المصري.ولأسرة منتدى فضفضة…
كان ومازال هدف الاستعمار طمس معالم الماضي الحضاري للبلاد التي يغزوها مستخدماً في ذلك شعابه الملتوية لطمس الهوية، وإن تمكن من طمس الهوية فيستطيع ـ من ثم ـ أن ينفث سمومه مستهدفاً أول ما يستهدف أهم مقوم من مقومات القومية، ألا وهو اللغة, كما حدث في الجزائر وتونس أو في دول المغرب العربي الشقيق، ولذلك فمن يقرأ ” طبائع الاستبداد” للكواكبي في بداية العشرينيات من القرن الماضي يعِ ويدرك حقيقة هذا الأمر؛ حيث إن الكواكبي قد سخَّر كل طاقاته من أجل الدفاع عن القومية العربية أو العروبة بشكل عام وأن اللغة هي أهم مقوم من مقومات القومية العربية؛ لأنها الدعامة الأساسية, والرابطة المشتركة بين العرب، والتي تميزهم عن الشعوب الباقية بصرف النظر عن معتقداتهم الدينية.
جميل أن نلتقي على مائدة اللغة العربية، والأجمل من ذلك أن تخصص منظمة اليونسكو التربية والعلوم والثقافة يوماً للاحتفاء باللغة العربية وهو يوم الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام، وجدير بنا أن نلقي الضوء ـ ونحن في هذا المقام ـ على تلك اللغة العظيمة التي شرفها المولى عز وجل ؛ حيث اختارها لتكون لغة قرآنه العظيم بأن جعل كلامه المنزل على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بها يقول تعالى ” بلسان عربي مبين ” وقال عز وجل ” إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ” . فأصبحت لغة الضاد هي اللغة التي حباها الله واختصها لقرآنه العظيم فبها نزل وبها يقرأ ويحفظ. والسؤال لماذا اختار المولى عز وجل هذه اللغة ؟ الإجابة : لقد كان العرب قبيل نزول القرآن أرباب الفصاحة والبيان فلا ننسى العصر الجاهلي أو عصر ما قبل الإسلام، حيث الشعر ولغته الجزلة الرصينة والكتابات الرفيعة التي كانت اللغة العربية هي السيد الأول فيها، فجاء القرآن متحدياً العرب فيما هم بارعون فيه؛ لأنك إذا أردت أن تتحدى إنساناً في شيء فلا بد أن تتحداه فيما هو بارع فيه حتى نرى مقدرتك على أن تأتي بما لم يستطعه الأوائل، جاء القرآن وأنزل على المصطفى صلى الله عليه وسلم، فكان خير من نطق الضاد قاطبة والضاد هي علامة أو رمز للغة العربية لأنها هي اللغة الوحيدة التي بها حرف الضاد .. ولكن وفي هذه الأوقات يحلو لبعض المثقفين في عصر العولمة أن يجردوا اللغة العربية من أي فضيلة أو مكرمة، وأن يلصقوا بها كل نقيصة أو مذمة، غافلين أو متغافلين عما تتمتع به اللغة العربية من مزايا وخصائص، ناسين أو متناسين أنها كانت لغة العلم والحضارة زهاء عشرة قرون فلا يكاد فن من الفنون إلا ويكتب بها ولا ينشر إلا تحت لوائها.
قال الثعالبي في توطئة كتابه ” فقه اللغة وسر العربية ” أما بعد حمد الله على آلائه، والصلاة والسلام على محمد وآله، فإن من أحب الله أحب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن أحب النبي العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب، ومن أحب العربية عنى بها وثابر عليها وصرف همته إليها . ومن هداه الله للإسلام وشرح صدره للإيمان وأتاه حسن سريرة فيه، واعتقد أن محمداً خير الرسل، والإسلام خير الملل، والعرب خير الأمم والعربية خير اللغات والألسنة……..
شكراً جزيلا للأدباء والمثقفين والشعراء الذين حضروا معنا هذه الأمسية