الدكتور خالد عبد الغنى وورقة عمل , الدمج باعتباره آلية لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم
الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقليوبة في 17 ديسمبر 2018
ورقة عمل إعداد الدكتور خالد محمد عبد الغني
دكتوراه القياس النفسي للمرضى النفسيين وذوي الاحتياجات الخاصة
مؤتمر تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم
الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقليوبة في 17 ديسمبر 2018
مدخل :
مفهوم الدمج هو فى جوهره مفهوم إنساني اجتماعي أخلاقي يقوم على تنفيذ بعض الاجراءات البيئية والاجتماعية والسياسية والمهنية التى تسهل للمختلفين عملية المشاركة فى الأنشطة المجتمعية المختلفة كأقرانهم من الأسوياء. وقد بدأ مفهوم الدمج كأساس لبرامج التأهيل والرعاية يدخل فى مسار التنفيذ فى معظم الدول الصناعية منذ منتصف القرن الماضي، إلا أن فلسفته كانت تقوم على أساس العزل والرعاية فى مؤسسات اجتماعية خاصة. أما فلسفة الدمج فى منظومة التعليم العام لم تبدأ ممارستها فى الدول الغربية إلا منذ عام (1983)، ثم انتشرت فكرة دمج المختلف فى المجتمع بدءا من مرحلة ما قبل المدرسة ومروراً بمراحل التعليم المختلفة. كما أن الدمج لا يعنى مجرد وجود الأطفال المختلفين داخل الفصل العادي بل يجب أن يكون هناك تفاعل اجتماعي وعلاقات ثنائية وقبول متبادل بين الأطفال المختلفينوالعاديين ليكتسب الأطفال المختلفين الإحساس بالراحة والأمان كأعضاء فى جماعة الفصل . فالدمج نابع من حركة حقوق الإنسان ، في مقابل سياسة التصنيف والعزل لأي فرد بسبب اختلافه بغض النظر عن العرق والمستوى الاجتماعي والجنس ونوع الاختلاف، فكلما قضى الطلاب المختلفون فترة أطول في المدارس العادية في صغرهم زاد تحصيلهم تربويا ومهنيا مع تقدم العمر. ومن هنا جاءت فكرة المدرسة الجامعة التي لا تغلق أبوابها في وجه أي طالب مهما كانت مشكلته، ولذلك سميت الجامعة لأنها تجمع كل التلاميذ دون أية تفرقة أو تمييز.
ويعتبر مفهوم الدمج من المفاهيم التي تشكل اهتماما لدى جميع العاملين والمهتمين في حقل رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن المجتمعات التي مازالت تجتهد في رعاية المختلفينوفي تأهيلهم وجدت في فكرة الدمج الخلاص الأساسي والرئيسي للعلاج وللوقاية من الأمراض الاجتماعية والنفسية. فالمختلف يحتاج إلي شتى أوجه الرعاية من خلال منظور الدمج حتى يتسنى له الحصول على الاحترام والتقدير المجتمعي، وحتى يتسنى له العيش في الحياة الكريمة التي تسعى الأنظمة المعنية به لتوفيرها له . لهذا تعددت الآراء والاتجاهات حول كيفية الدمج والنواحي والجوانب التي يجب أن يشملها الدمج , لهذا ظهرت عدة أنواع من الدمج ولكل نوع خصوصيته التي تميزه من خلال طبيعة الفائدة التي تقدمها:
ومع هذا فالدمج يعد قضية شائكة ومشكلة معقدة يجب أن تحل ، ولن تحل ما دام هناك فريق مؤيد وآخر معارض لهذا الأسلوب فمن قال بوجوب الدمج قال ذلك بناء على رؤيته الشخصية لأولئك الأطفال المعذبين المبعدين الذين لا يرون شمسا ولا هواء إلاَّ في مدارسهم الخاصة، أما من قال بعدم الدمج فمن وجهة نظره أن الدمج يزيد عقدة الطفل المختلف عقدا كثيرة فإذا رأى الأطفال العاديين يلعبون تزيد عقده ، وإذا رآهم يركضون تزداد مشكلته وهكذا تتوالى العقد النفسية على الطفل المختلف إلى جانب ألمه الجسدي ، ولكي لا نكون متشائمين كثيرًا جاء فريق ثالث حاول الإنصاف والجمع بين الرأيين فقال بوجوب الدمج إذ كانت حالة المختلف بسيطة أو متوسطة أما إذا كانت حالته صعبة فيجب عدم الدمج.