أخبار مصرأهم الاخبارالأدب و الأدباءالثقافةالمرأةاهم المقالاتحصرى لــ"العالم الحر"منوعات ومجتمع

الخلاص الأخير لنادية الامام ” بقلم أحمد فتحى رزق

الحياري هم القاسية قلوبهم ولن يكونوا من أهل الرضا يوما ما و....

احجز مساحتك الاعلانية

العنوان موفق جدا للمحتوى السردي والأحداث والنهاية .

الغلاف الأمامي كان معبرا وموفقا لمعنى العنوان والمحتوى ,  الغلاف الخلفي و كتابة المقتبس  بسبب التكوين اللوني, وهو مهم لجذب القارئ ومساعدته على اقتناء الكتاب .

الإهداء , الحياري هم القاسية قلوبهم ولن يكونوا من أهل الرضا يوما ما ولن يصلوا أيضا للرحمة والعدل, وقد ترفقت الكاتبة بهذه التقدمة بهؤلاء في بداية الرواية .

لم تهتم الرواية بفكرة تقسيم الفصول علي اعتبار ان العمل جزء واحد منسدل سردا وتفصيلا وقد يكون ذلك  من النوع التقليدي الكلاسيكي أعاد لذاكرة القراءة الروائيين العظماء مثل أديب نوبل,  نجيب محفوظ  .

الأسلوب رشيق مهادن تنساب من بين الحروف قطرات عبق التجربة والخبرات المتراكمة للكاتبة بل هي دراما حياتية مستمرة تصلح جيدا لعمل فنى على قدر كبير من الحبكة والابداع ولن يحتاج لمعالجات كثيرة  في الحوار مما يضعف العمل, فقط  ترتيبات السيناريو والحركة , فالرواية تتحدث عنى وعنك وقد نجحت الكاتبة في توصيل رسالتها للمتلقي عبر شخصية ( راجية ) .

الرواية تنتمى الي الفلسفية في مواضع كثيرة والبحث عن معنى الحياه والوجود وتطبيقاتها المستمرة على امتداد العمل ( أبواب لا تفتح الا بالحزن ) وتفسير أوضح ( إن بعد العسر يسر )

لقد بدت الرواية تاريخية باستخدام اسم العائلة العلوية في مواطن عده.

فإن سمَّيتَها رواية تاريخية، تكون ” الخلاص الاخير ” عتبتها ، تكونُ على صواب، وإن اعتبرتهَا رواية سيرة ذاتية بأكثر من معنى للكاتبة ، لن تكون مجانباً للصواب، وإن صنَّفتها في مجملها رواية تسجيلية، تكون محقَّاً ولو إلى حين، وإن قيَّمتَها رواية مكان له اسمه ومجتمعه في مضمار تاريخ معين، تصيب في القول، وإن اعتبرتها هي كل ذلك، لن تجانبك الحقيقة. ذلك هو التقدير المبدئي لرواية ” الخلاص الأخير ” الصادرة حديثا في مائتي وخمسون صفحة من القطع المتوسط .

نادية الامام  مرئيه كثيراً ومعنية بتأكيد المعنى الذي يشدها إلى فكرة رواية تعتمد التجريب رغم وجود سمات نمطية في بنية السرد، حيث تظهر أحداث ووقائع تاريخ وبشر ترد إجمالاً بأسمائهم، وصدامات مع سلطة , ربما أيضاً تعبيراً عن معايشة تحمل نبرة التصدي للغياب وتفعيل الحضور.

وهي في ذلك محاولة للتغلب على نمطية السيرة الذاتية ان وجدت ,

ذلك ما يخضع الاستعداد للقراءة متعدداً في التفاعل وعملية استقصاء الشخصيات وظلالها.

لابد من الإشارة منذ البدء إلى أنّ جماليةَ نصِّ رواية ” الخلاص الأخير ” وأهميتَه المعرفية لا يمكن أن يعكسها أيُّ نصّ نقديٍّ محتمَل. إذ لا تروي قصة ولا أحداثا متسلسلة يمكن اختزالها في نص يكتب على هامشها، على غرار ما ترويه الرواية الكلاسيكية. إن ما يشد القارئ إليها هو جاذبية إبداع أسلوبها ودقة وسمو معانيها. حيث عمدت الكاتبة إلى آلية اختزال الأفكار وتكثيفها لتصب في عمقها الدلالي. وترَك للقارئ فسحةً واسعة للتخيّل والتحليل والاستيعاب. وذلك ضمن قالب أدبي فني بديع. جمع فيه كاتب الرواية بين جمالية الأسلوب وعمق المعنى، بين جاذبية الأدب الروائي والفكر الفلسفي.

لا يسَع قارئَ رواية ” الخلاص الأخير ” إلاّ أنْ يجزم  في أولى ملاحظاته  بأن في قراءة الرواية، يجد من يحمل همَّ البحث عن المعرفة ضالته. ويجد من يتوق إلى جمالية الذوق الأدبي الرفيع حسا إبداعيا فنيا يشدّه بشغف كبير.

أهمية الرواية وكل خصائصها الجمالية تتجسد فيما أبدعته الكاتبة من أساليب حوارية. تبدأ منذ العنوان الأول حتى النهاية .

يعدّ هذا العمل الروائي إضافة للمكتبة العربية بقالبه الإبداعي المتميِّز. إنّه رواية جديدة قد تعكس خصائص رواية ما بعد الحداثة، التي تمنح المؤلف  حرية التصرف في شكل بناء الرواية وأسلوبها. إنها الخواص التي يحددها النقاد في تجاوز الكاتب الروائي لخيوط حبكة الرواية الكلاسيكية. حيث قامت هذه الأخيرة على ضرورة وجود وحدة الموضوع، أي قصة متسلسلة لها بداية ونهاية، وعقدة وبطل يصنع أو تصنعه أحداثها في إطار مراحل زمن تاريخي خَطّي.

إنّ عمقَ مضمون ومحتوى  الرواية يعود إلى اعتماد الكاتبة على الموضوعية المعرفية. إذ استلهمت في قالب حواري جذاب – من الفكر الفلسفي المعاصر

هذا، وإن كان الفكر الفلسفي الصوفي يغلب على معاني الحوار. وكان الكاتبة تستجلب منه مقولاتها ، فما ذلك إلا ليعيد مساءلتها بتقنيات الفلسفة المعاصرة ونظريات التحليل النفسي.  وحددتها ضمن قوالب فلسفية وعلمية معاصرة,  وهي محاولة تعكس إبداع الكاتبة في انتصارها لصالح القيم الانسانية النبيلة.

يتجسّد الجانب الإبداعي لرواية ” الخلاص الأخير ” في كونها ليست قصة بمفهومها التقليدي وليس لها بطل. موضوعُها وبطلُها فكرةٌ انبثقت، وبَدَتْ في بداياتها الأولى غيرَ محدّدةِ المعالم. غير أنها صارت تتوضّح وتكشِف عن معناها كلّما ارتقى النِّقاش في الحوار الدائر بين الشخوص.

أحداث الرواية تجري في أماكن محددة . وشخصياتها متمثلة في راجية وفايزة وماهر وعزمي وفاتن وأم الوداد …ومع ذلك فهي لا تستعرض حدثا أو أحداثا مترابطة واقعيةً أو متخيّلة  كتلك التي عهدها القارئ  وإنما تناقش بأسلوب حواري أخّاذ فكرةً، إحساساً سيكولوجياً.

تتبع الكاتبة  للرواية ليس تتبعا تاريخيا زمنيا بقدر ما هو ترتيب معرفي يحمل تطورا للأحداث أو المعاني.

تَبْرَع الرواية  بفضل دقة وفنية أسلوبها في العرض والوصف في إثارة فضول القارئ ومساءلته لقناعاته منذ فقرتها الأولى. ويزداد الشغف بقراءتها مع الحوار الأول بين راجية وسامح .

إنّ إبداع وجماليةِ رواية” الخلاص الأخير ”  تكمن في إشراك الكاتبة القارئ إشراكا مُلهِماً يغريه بإعادة كتابة الرواية، روايتِه الشخصية وتجربته هو, إذ يولِّد إبداعا شخصيا جديدا لدى قارئها.

الرواية تتسع لصفحات طويلة ودراسة بعض الشخصيات مثل فرج فودة ويحي وشاهيناز وفكرة الحِداد في بعض القري والمدن .

ظهرت شخصية الكاتبة فى مواطن وشخصيات عده بشكل متوازن .

لقد نجحت الكاتبة نادية الامام فى نقلة نوعية بهذا العمل الروائي الذي أصفه بالضخم مع التمنيات لمزيد من الأعمال والتميز .

احمد فتحي رزق

المشرف العام

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button