كتبت : سناء عبد الله يواجه كيري ضغوطا من الحلفاء كي يضم إلى القائمة الضيقة للجماعات التي تلقى دعما أمريكيا جماعات جديدة والإعتراف بدور الفصائل الإسلامية التي تنظر إليها الإدارة كجماعات متطرفة. وأضافت الصحيفة أن الرئيس باراك أوباما سيواجه الأحد والاثنين الرئيس التركي طيب رجب أردوغان الذي تستضيف بلاده قمة مجموعة العشرين الاقتصادية التي ستعقد في منتجع أنطاليا على البحر المتوسط. وأكد أردوغان يوم الأربعاء أن سوريا ستكون «الموضوع الأهم»على جدول أعمال القمة وأنه سيدفع باتجاه الفكرة التي تطالب بها تركيا وهي إقامة منطقة آمنة وحظر جوي في شمال سوريا وقريبا من الحدود مع تركيا. وسيشارك في القمة الرئيس الروسي بوتين الذي بدأ حملة جوية في سوريا قبل شهر ولديه أفكاره الخاصة حول التحول السياسي والإرهاب والغارات الجوية. ويعتبر لقاء فيينا هو الثاني في سلسلة من الجهود الجديدة التي بدأها كيري لحل الأزمة عبر الطرق الدبلوماسية. وتقول يونغ إن الإدارة بدأت تفكر جديا بالآثار الخطيرة لاستمرار الحرب على جهودها لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية بالإضافة للكارثة الإنسانية التي تسببت بها. ويبني كيري على جهوده الناجحة للتوصل لاتفاق مع إيران حول ملفها النووي من أجل دفع الملف السوري إلى الأمام. وألقى يوم الخميس خطابا مهما قبل سفره إلى فيينا. بناء الزخم ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قوله «هذه فلسفة تقوم على الزخم» وذلك من خلال «جمع الأطراف معا وإجبارهم على التقدم للأمام والالتزام بمواقفهم». وتقول الصحيفة إن الخطة هي مواصلة عقد لقاءات قوية حتى يتم تحقيق النجاح وفي حالة «لم يقدم شيئا» أي كيري يقول مسؤول بارز في الإدارة «فربما حصل لقاء آخر بعد هذا وستتلاشى. ولا نعرف ما سيحدث. لقد شاهدت كيري يخرج أرنبا من القبعة من قبل». وكان كيري قد اتفق مع نظيره الروسي سيرغي لافروف قبل انعقاد فيينا-1 لتنحية القضايا الخلافية مثل مشاركة الأسد في العملية الإنتقالية أم لا. ودعيت إيران مع الـ19 دولة التي شهدت المؤتمر الأول. وهذه هي أول مرة تشارك فيها طهران الداعم الرئيسي للأسد في نقاش دولي حول سوريا. ولم يدع النظام السوري ولا جماعات المعـارضة السورية للاجتماع الأول ولن يكونوا حاضرين في اجتـماع يـوم. فالأطراف الدولية متفقة على أهمية التوصل لأرضية مشتركة وعندها يتمكن كل طرف من إقناع المتحاربين بأهمية ما تم التوصل إليه والضغط عليهم. وركز اجتماع فيينا الأول على قضايا مثل التوصل لحل سياسي للأزمة وفتح معابر إنسانية للمناطق المنكوبة ووقف إطلاق النار. وتحضيرا لاجتماع السبت قامت ثلاث مجموعات عمل بدراسة مقترحات حول من يسمح لها من جماعات المعارضة المشاركة في الحكومة الإنتقالية وتلك المستبعدة بالإضافة للموضوعات الإنسانية. وفيما يتعلق بطبيعة الجماعات التي لا يسمح لها بدور في العملية الانتقالية هناك اتفاق حول استبعاد «جبهة النصرة». وتطالب السعودية وتركيا بضم جماعة أحرار الشام إلى قائمة المجموعات التي تدعمها الولايات المتحدة. مع أن الأخيرة لا تصنف أحرار الشام بالمعتدلة ولا ترى ضرورة دمجها في العملية الانتقالية نظرا لتعاونها في بعض الأحيان مع جبهة النصرة. ويعترف هاموند بالمشكلة ويقول إن الإتفاق على قائمة شاملة للجماعات الإرهابية يحتاج لتفكير عميق مؤكدا أن «السعوديين لن يقبلوا بفكرة تصنيف أحرار الشام كإرهابية». وحذر من الخلافات حول هذه النقطة «لو ذهب كل واحد (للقاء السبت) وهو يقول أنا أعرف الجماعة التي يجب التعامل معها وتلك التي يجب استبعادها، فعندها لن نتقدم كثيرا». وعلى ما يبدو فكيري راغب بتوسيع قائمة الجماعات المقبولة أمريكيا مع أن مسؤولا شكك في موافقة الإدارة كيري رغبته. وهناك مشكلة أخرى تتعلق بوقف إطلاق النار الذي لن يشمل جبهة النصرة خاصة أنها تسيطر على مناطق واسعة ولديها علاقات مع جماعات المعارضة المسلحة الأخرى. وترى الصحيفة ان تفاؤل كيري بإمكانية التوصل لحل نابع من إيمانه أن الروس ليسوا معنيين كثيرا بمصير الأسد قدر قلقهم من انهيار الدولة السورية وخسارتهم موقعهم المتميز على البحر المتوسط. لكن مسألة مصير الأسد ستحضر عاجلا أم آجلا حتى لو تم اقناع إيران بدعم حكومة قوية تشارك فيها جماعات المعارضة السنية. ورغم اتفاق الأمريكيين والروس على فترة رحيل الأسد في مدى عام ونصف إلا أن الأمريكيين يريدون رحيله في وقت قريب، أما الروس فيريدون بقاءه حتى النهاية. ولن تنتهي الدائرة السورية عند نقطة رحيل الأسد حيث ستظهر مسألة أخرى تتعلق بمن يحق لها أو لا يحق من الجماعات المشاركة في المرحلة الإنتقالية. ولا تزال الجماعات السورية التي تلقى دعما من أمريكا وغيرها تتمسك بتحديد موعد زمني لرحيل الأسد كشرط لمشاركتها في العملية السلمية. وفي النهاية ستترك نتائج فيينا على نبرة البيان الختامي لقمة العشرين التي ستبدأ في اليوم التالي. ولا بد من الإشارة أن الموقف التركي، المصر على مواصلة إقامة مناطق آمنة في شمال سوريا، قد يجد تعاطفا من الدول الأوروبية التي تريد وقف تدفق المهاجرين إلى بلدانها وتتطلع لمساعدة من تركيا. سوريا الحرة وفي رحلة لمراسل صحيفة «نيويورك تايمز» بن هابارد في مناطق شمال – شرقي سوريا استمرت عشرة أيام وجد أن كل شخص في المناطق هذه عثر على الزاوية التي تمكن من خلالها ملأ الفراغ الذي تركه انهيار الدولة السورية. ووجد «تنظيم الدولة الإسلامية» في هذه المناطق الواقعة على مفترق طرق مكانا لتوسيع ما أطلق عليها «الخلافة» فهي قريبة من النهر ويمكنه من خلاله نقل المقاتلين والبضائع المهربة. ومع تمدد المقاتلين الأكراد وطرد الجهاديين نشأ كيان مستقل شبه فوضوي وعلى النمط الاشتراكي، أما البقية مثل مهربي النفط فيحاولون الحصول على شيء من الدولة المنهارة. فالمزارعون والمهربون ومن يحاولون جمع شتات مجتمعاتهم بعد أشهر من حكم الجهاديين أقاموا ميليشيات حلت محل الشرطة. وأقامت نقاط التفتيش وغطت أعمدة النور بصور المقاتلين القتلى. وفي محطات البنزين المدمرة أقيمت أكواخ يتم فيها بيع الكاز والنفط بأوعية بلاستيكية. وتحولت المكاتب الحكومية إلى إدارات جديدة للجماعات التي تحاول توفير الكهرباء. وفي داخل الفوضى برز الأكراد الذين تحولوا منذ العام الماضي لقوة مسيطرة في المنطقة وأعلنت قواتهم – الحماية الشعبية – عن حكم ذاتي فيما أطلقوا عليها «روجوفا» والتي تحظى بنوع من الأمن النسبي. ويعمل فيها قادة المجتمع على بناء نظام يقوم على فلسفة عبدالله أوجلان زعيم حزب «العمال الكردستاني – بي كي كي» السجين في تركيا. ولكن تعاليمه تنتشر في كل أرجاء المنطقة «حولوا أرضكم وماءكم ونفطكم لمشاع وابنوا أرضا حرة وحياة ديمقراطية». وتأثر أوجلان بتعاليم المفكر الأمريكي الفوضوي موراي بوكتشين حيث دعا لحكم تشرف عليه الإدارات المحلية. ويقول عاملون في المشروع إنهم لا يريدون تمزيق سوريا ولكنهم يهدفون لتحقيق ثورة اجتماعية تكفل حقوق الأعراق والأقليات. ولكن الكثير لا يزال في إطار الطموح لأن أيا من القوى الخارجية لم تعترف بالنظام الجديد فيما تنظر تركيا نظرة شك وعداء. ولا يزال معظم العاملين في إدراتهم متطوعين أو موظفين يتلقون رواتبهم من الحكومة السورية. استمرار الهجرة ويشير الكاتب إلى أن مدينة القامشلي التي تنتشر فيها أعلام قوات الحماية الشعبية لا يزال جزء منها خاضعا للحكومة السورية. ولم يدمر تمثال لحافظ الأسد فيما تظهر الشرطة السورية بزيها الأبيض وهي تسير حركة المركبات. ويقول قادة الأكراد إن استمرار الوجود الحكومي هو رمزي حيث لا يزال النظام يدير المطار فيها، كما أن وجود الحكومة جنب المدينة الغارات الجوية. وينقل عن الصحافي الكردي أحمد موسى «يمكن لقوات الحماية الشعبية طرد النظام في ساعة ولكن من يحل محله؟» مجيبا «الغارات الجوية والبراميل المتفجرة». ويقول الكاتب إن الأمن النسبي لم يحسن فرص العمل وهو ما دفع الكثيرين في المنطقة للبحث عن فرص حياة جديدة في أوروبا. ويقول شيوان أحمد الذي يعمل مساعد جزار أن «الوضع في روجوفا لا يشجع الناس على الإقامة». وسافرت زوجته وابنه البالغ من العمر عبر قارب. وتم إنقاذهما لكن 13 من أقاربهم ماتوا، ومع ذلك لا يزال الناس في حالة رحيل. وحتى العام الماضي كانت هذه المنطقة بيد تنظيم الدولة. ولا تزال شعاراته وأعلامه المرسومة على الجدران واضحة. وكانت بلدة تل أبيض القريبة من الحدود مع تركيا نقطة ترانزيت للمقاتلين الأجانب. وينقل الكاتب روايات من السكان حول معاملة الجهاديين لهم وكيف أنهم نهبوا البلدة والمجتمعات المحلية. ومع انه تم تعيين مجلس محلي يديره عربي وإمرأة كردية إلا ان الخدمات الرئيسية غير متوفرة. وقال أرمني بقي في البلدة أثناء فترة الجهاديين إنه دفع مئة دولار للتنظيم حتى لا يدمر بيته. ولا يزال يحتفظ بالفاتورة ولم يمزقها «لأنك لا تدري ماذا سيحصل بعد».وستبدأ الجولة الثانية من المحادثات الدبلوماسية حول مصير سوريا نهاية الأسبوع الحالي ولا أحد متفائل من نتيجة جيدة لأن القوى الدولية المشاركة في محادثات فيينا تنقسم إلى ثلاثة معسكرات واضحة: المعسكر الذي يدعم بشار الأسد ويضم كل من إيران وروسيا. أما الثاني فهو الذي يرى ضرورة رحيله وهما السعودية وتركيا فيما يجد المعسكر الثالث نفسه موزعا بين المعسكرين وهو المعسكر الذي تتسيده كل من الولايات المتحدة وبريطانيا. وعليه فهناك حاجة لعمل «بهلواني» دبلوماسي كي يتفق المشاركون على خطة سلام ترضي مطالب كل طرف كما تقول صحيفة «إندبندنت» البريطانية في افتتاحيتها. ونظرا لالتزام كل من روسيا وإيران بدعم النظام السوري عسكريا ومشاركتهما في الحرب فقد أصبحت لهما اليد الطولى في العملية السياسية. والسؤال كما تقول إن كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيميل نحو شركائه في هذه المحادثات ويتوصل معهم لتسوية قابلة للحياة. مرنة نوعا ما فمن ناحية هناك مشكلة في تنظيم انتخابات وسط الدمار الكبير الذي تعيشه البلاد ولن يقبل الأسد الذي ملأ آلة الدولة بالمقربين منه ومن أبناء عائلته أي حل يعني تراجع سلطته، طالما لم تأت من حلفائه الروس. وتقول الصحيفة «طالما ظل الأسد فلن تنتهي الحرب. والطريقة الوحيدة لإنهائها هو مضاعفة روسيا جهودها الجوية والتي ركزت بشكل كبيرعلى جماعات المعارضة المعتدلة وليس تنظيم الدولة». فبحسب التقارير الاستخباراتية الأمريكية فقد استهدفت نسبة 85% من الغارات الجوية الروسية تلك الجماعات حتى الآن. ومن هنا فلن تتخلى هذه عن سلاحها طالما استمر الأسد في السلطة. والطريقة الوحيدة لإنهاء المعارضة هي تدميرها رغم أنها لا تزال تحظى بدعم من الولايات المتحدة وإن بشكل جزئي وإرسال قوات خاصة لا يتجاوز عددها 50 جنديا. وتأمل روسيا أن تحضر الخطة التي اقترحتها «معارضة متحدة» إلى طاولة المفاوضات مع أن غارات الطيران الروسي قتلت حتى الآن 200 مواطن. وتدعو الخطة لإحياء خطة جنيف عام 2012 ولكنها مرتبطة بالغارات الجوية على جماعات المعارضة باعتبارها «إرهابية» وعليه فالسؤال مرتبط بمن يجب دعوته منها إلى طاولة المفاوضات وتلك التي يجب استبعادها. وتقول الصحيفة إن روسيا تبنت تصنيف النظام السوري لفصائل المعارضة «الإرهابية» بمن فيها تلك التي تتعامل معها الولايات المتحدة ونظرت في ملفاتها المخابرات الأمريكية. كما أن هناك جماعات مسلحة تقاتل إلى جانب «جبهة النصرة» – فرع «القاعدة» السوري والتي أثبت مقاتلوها أنهم الأكثر مراسا في الحرب. وبحسب «إندبندنت» فلن تتم الإجابة على هذه الأسئلة في فيينا، وربما كانت فرص نجاح المؤتمر أفضل لو عقد على خلفية وقف للنار محلي «وطالما استمر العنف على الأرض سيضطر الدبلوماسيون لتخفيض عملهم. فالكابوس السوري لا يزال بعيدا عن النهاية» كما تقول. وتعتقد كارين دي يونغ في صحيفة «واشنطن بوست» أن الولايات المتحدة قد تضطر لقرارات صعبة يوم غد السبت في فيينا. وستجد نفسها أمام خيارات تجنبتها إن أرادت أن تنجح استراتيجيتها الدبلوماسية والعسكرية في سوريا. وسيحاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بناء زخم من أجل تحقيق عملية انتقال سياسية في هذا البلد الذي يشهد حربا أهلية منذ عام 2011. وتشير هنا إلى الخطة الروسية التي سربتها وسائل الإعلام ويتم تداولها في أروقة الأمم المتحدة أنها تحتوي على قدر من المرونة. فهي تدعو إلى دستور جديد للبلاد في غضون 18 شهرا يتم عرضه على استفتاء عام تتبعه انتخابات رئاسية. ولا تطرح الخطة من قريب أو بعيد مصير الأسد الذي تطالب المعارضة السورية برحيله ولكنها تؤكد أنه لن يترأس العملية الدستورية. وتقول الصحيفة ان الأسد قد يتم في أحسن الحالات استبعاده من المفاوضات مع استمرار المفاوضات ما سيقود لتنحيته بتصويت شعبي عندما تكتمل العملية الانتقالية.