قد تكون إجابتى صادمة،لأنها ببساطة لا ليسا وجهين لعملة واحدة،وهو عكس أعتقاد الكثير من الناس وخاصة الشباب ممن لم يقدم على تجربة الزواج بعد،والغريب إنها فكرة بعض ممن يعيشون تجربة الزواج بالفعل. بعض الناس،على إختلاف مراحلهم العمرية، يعتقدون أن الحب-مرحلة التعارف وما قبل الزواج-هو النظرات وتلامس الأيدى والكلمات المنمقة المنتقاة بعناية فائقة والأحلام المشتركة والمكالمات الهاتفية الطويلة جدا والهدايا طبعاً الغالى منها والرمزى،وعليه، فأى إختفاء لأى من تلك العناصر السابق ذكرها وخصوصاً المكالمات والهدايا هو دليل قاطع على نقص مستوى الحب بين الطرفين أو على الأقل طرف دون الآخر،وبالتالى،أصبح للحب قالب واحد وأشكال محددة للتعبير عنه متمثلة فى مكالمة تليفونية أو “دبدوب” ضخم أو قطعة شيكولاتة أو حتى موعد لحضور فيلم سينمائى. هذه الصورة أو هذا القالب الأوحد للحب،صدرته لنا وسائل الإعلام مؤخراً،لا أقصد إنتقاداً أبداً،لكن الأفلام والأغانى المصورة وحتى بعض الروايات،جعلت مشاعرنا مقولبة معلبة وجاهزة،لا شئ يشبه أصحابه،أصبحت الفتيات تتمنى شاباً فى وسامة الممثل فلان أو المغنى فلان أو حتى الشاعر فلان لأنه يهدى حبيبته كل تلك القصائد حتى وإن كان يهجوها، لامانع المهم أنه يقصدها هى لا غيرها !! لم تعد قصص الحب فريدة من نوعها، كما كانت فى السابق،لكل حبيبين قصة ،تختلف كل الأختلاف عن سواهما. وهذا النمط الأوحد أنتقل أيضاً لنظرتنا للزواج والحياة الزوجية “المثالية” ،فترى الجميع يبحث عن تلك الزوجة الجميلة التى تستيقظ من النوم بكامل زينتها مبتسمة بهية الطلعة معتدلة المزاج ،وذلك الزوج الذى يستيقظ هو الآخر تملؤه مشاعر الشوق لزوجته على الرغم من بقائها إلى جواره طوال الليل ! أصبح الكل يعتقد أن الزواج هو تكملة لمرحلة النظرات الهائمة والتنهدات الحارة التى بدأها الحبيبين فى أول لقائهما. الصادم جداً فى الأمر،أن كل ما مرا به لم يكن حباً وما هم فيه من خيال مصيره إلى زوال،ذلك إذا ظلا داخل قالب الحب السينمائى الجاهز،أما إذا دخلا إلى عالم الحب الحقيقى،تلك التى يرى فيها الإنسان عيوب الطرف الآخر ويقبله بها ويسعى كل منهما جاهداً أن يصلحا معاً تلك العيوب،أن يعرف كل منهما نقاط ضعف الآخر فلا يستغلها ضده أبداً،بل أن يدرك أن ضعفهما الإنسانى يتحول لقوة حقيقية طالما أنهما يتمسكان ببعضهما البعض طوال الرحلة وحتى آخر العمر. الحب أن يرى حزنك المختبئ خلف إبتسامة واهية قد لا يرى ذلك غيره الحب أن تجد فى الآخر ملجأ وأماناً،حتى وإن أخطأت،يحتويك ويتقبل خطأك ويصححه الحب ليس أحتضان جسد لجسد ، بل عناق روح لروح الحب هو التحرر من الخوف فى حضرة الحبيب،لا تخاف أن لا يفهم قصدك،لا تخاف أن يعاقبك،لا تخاف أن يبتعد بلا سبب الحب هو الحرية فى كل شئ، الكلام والتصرفات وحتى الأحلام الحب هو المساندة والمشاركة حتى فى أصغر الأمور وما قد يبدو تافهاً او بسيطاً أما الزواج فهو أن تستطيع أن تنفذ كل تعريفات الحب السابقة مع شخص واحد وأنت تشعر بالسعادة والمتعة الزواج مركب صغير داخل محيط متلاطم الأمواج،يصادفه الكثير من العواصف والأعاصير،نجاحه الحقيقى، أن يبقى طرفى العلاقة متمسكين بالبقاء معاً حتى آخر العمر مهما كانت التحديات ليس معنى ذلك أن الزواج صراع دائم بين الزوجين من طرف والعالم الخارجى من طرف آخر طوال الوقت،وإن كان هذا يحدث،أكيد هناك أيام مشمسة وجميلة بلا عواصف ولا أمطار وهى الرصيد الحقيقى ورأس المال الأساسى لهذه الشراكة،الذكريات الجميلة،المعين الأساسى الذى يغذى العلاقة ويجعلها أجمل وأقوى.