بقلم : الاديب الدكتور/موسى نجيب موسى
فى التفات بلاغى واضح قام القاص المبدع احمد فتحى رزق بوسم مجموعته القصصية الرائعة بعنوان ( الحب فوق هضبة الفيس بوك) وهذه احالة مباشرة الى رائعة كاتبنا الكبير الراحل نجيب محفوظ الحب فوق هضبة الهرم وهذا يعكس مدى دارية ووعى القاص باهمية الالتفات فى عتبة رئيسة من عتبات النص وهى العنوان وبذلك جعل احمد فتحى رزق العنوان هو النبراس الذى يمسك به القارئ وهو يتجول داخل دهاليز مجموعته ليضئ له المناطق المعتمة داخل النص والعتمة هنا اقصد بها الاشارات والاحالات الدالة على الحدث الذى يرويه داخل نصوصه المختلفة … واعتمد احمد فتحى رزق فى مجموعته القصصية التى بين ايدينا على لغة رقيقة تغلفها غلالة شفافة من الفن والجمال وان افلتت منه فى بعض الاحيان ووصلت الى حد السطحية والمباشرة مما اوقع بعض النصوص داخل المجموعة فى مأزق الخطابية ظنا منه انه يريد ان يوصل فكرة ما للقارئ دون الارتكاز على فطنة وذكاء وثقافة المتلقى وهذا يعتبر فنيا خللا فى تنكيك الكتابة يجب ان يحذر منه الكاتب فى نصوصه القادمة حتى تصبح اكثر نضجا واكثر جودة وهذا لاينتقص من قدرات وامكانات احمد فتحى رزق فى الكتابة ولكن نحن نريده ان ينتقل فى مجموعاته القادمة الى ميادين اكثر رحابة ويقدم نصوصا اكثر وعيا ونضجا … كذلك يعتمد احمد فتحى رزق فى كتابته الراقية هذه على توظيف تكنيكات مختلفة ومتنوعة فى السرد مثل تكنيك الفلاش باك والتداعى الحر وتوظيف الراوى داخل النصوص دون سلطة من الكاتب تذكر لدرجة ان القصة تاخدنا الى عالمها الخاص دون ان نشعر ان هناك رواى للحدث او راصد له من الخارج مما يخلق لدى المتلقى حالة من التوحد والتماهى مع النص وهذه احدى غايات الفن الحقيقى وهو احداث التأثير الفنى والجمالى فى نفس المتلقى او القارئ بمختلف مستويات التى تحدث عنها جاك دريدا فى دراساته وكتاباته عن التكفيكية حينما اشار الى مستويات التلقى المختلفة عندما قال أن النص هو ذلك النص الذي يمنح لذة القراءة أو الكتابة باعتبار القارئ هو كاتب النص وهو يفعل ذلك عبر الغياب لا عبر الحضور,أي أن اللذة تأتي من الفجوات التي كلما امتلأ بها نص ما كلما كان هذا النص جديرا بالاعتبار, مثل روايات بيكيت القصيرة بخاصة مثل رواية الحب الأول خاصة حين يتمكن النص من مشاغبة مسلماتنا ودفعنا إلي التشكك فيما كنا نظنه صاحب حصانة.يفعل النص ذلك بأدواته اللغوية، بل وهذا هو الأقرب إلي النسق المفاهيمي لما بعد الحداثة، فإن اللغة نفسها هي التي تقوم بفعل الأداء وليس النص نفسه,أي أنها تقوم بهذا الأداء من خلال النص، فالنص أشبه بالاحتفال اللغوي الذي تكون اللغة أثناءه في إجازة من أعبائها اليومية العادية … ورغم ان احمد فتحى رزق فى بعض قصصة يمنح اكثر مما يخبئ ويصرح اكثر مما يلمح ولكن نرى أن لديه آلية الكتابة المختزلة اذا ماعتمد على الجمل القصيرة السريعة واعتمد على التكثيف على مستوى اللغة والحدث وكلها اداوات هامة تاتى بقليل من الدربة والتعود والاستمرار فى الكتابة والوعى بما يقوله النقاد عن كتاباته وكذلك بقليل من الصبر والاحتمال اللذان يتمتع بهما احمد فتحى رزق على مستوى شخصيته الانسانية العادية فى حياته الطبيعية … كل ذلك يشير إلي أننا امام كاتب بالفعل موهوب ولديه امكانات الكتابة الجيدة ولديه مشروعه الابداعى الخاص اذا ما تخلص سريعا من بعض الهنات التى اشرنا إليها فى السابق .