قرأت لك

الجماعات الشيعية

.كتب  _ أشرف المهندس

المعانى الثلاثة للتشيع المعنى الثانى ( المذهبى ) و المعنى الثالت  (  الأيديولوجي )المعنى الثانى للتشيع، وهو التشيُّع (المذهبى) فهو يشير إلى نظام فقهى وسياسى، يختلف فى كثير من التفاصيل مع المذهب السنى الذى ينتمى إليه معظم المسلمين فى مصر والبلاد العربية والدول الإسلامية فى آسيا .وهو الأساس الذى تقوم عليه اليوم الدولة الإسلامية فى (إيران) وقامت عليه فى الماضى دول وكيانات إسلامية شهيرة، منها الدولة الفاطمية فى مصر، والدولة الصفوية فى بلاد فارس، ودولة الشيعة الإسماعيلية (الحشاشون) فى قلعة «أَلَموت» التى أنهكت الدولة العباسية وروَّعتها بأساليب وطرق الاغتيالات، ويتلخص المعنى (المذهبى) للتشيع فى الاعتقاد بأن أركان الإسلام خمسة، أربعة منها يتفق فيها المسلمون كافة (الصلاة، الصوم، الزكاة، الحج) والركن الخامس عند الشيعة خصوصاً، هو الاعتقاد بالإمامة، و هو عند السنة: شهادة ” لا الله إلا الله “فالإمامةُ عندهم منصبٌ إلهىٌّ كالنبوة، فمثلما يختار الله النبى ويؤيده بالمعجزات والوحى، يختار الإمام للقيام بوظائف النبى ويؤيده بالتسديد والعصمة، كبديل للوحى. ولا يصح إيمان المسلم الشيعى (مذهبياً) إلا باعتقاده بالإمامة. وهو الأمر الذى يظهر بوضوح عند الشيعة الإثنى عشرية (الإمامية) التى هى أوسع الفرق الشيعية انتشاراً فى الماضى والحاضر، وهى التى تدين إيران اليوم بمذهبها .حيث تقول مصادرهم المعتمدة: إن عقيدة «الإمامة» قائمة على أن الله لا يترك الأرض خالية من قائم بالحجة (إمام) سواء كان هذا الإمام القائم بالحجة ظاهراً مشهوراً، أو غائباً مستوراً.وعلى أساس هذه «النظرية» تزدهر فى النفوس عقيدة فرعية، هى الإيمان بالإمام الغائب «المهدى» الذى لا يستبعد الشيعة المعاصرون، أنه لا يزال حياً على الرغم من اختفائه قبل (ألف سنة) بسبب مطاردة الأمويين له، وهم يؤكدون أن الذى يؤمن بأن النبى «نوح» عاش ألف سنة إلا خمسين، وبأن العبد الصالح «الخضر» لا يموت . لا بد له أيضاً من الإيمان بأن الإمام الغائب حىٌّ، ولسوف يعود لا محالة فيملأ الأرض إيماناً وخيراً وعدلاً، بعدما مُلئت كُفراً وجُوراً وظلماً.. وعلى كل حال، فإن عقيدة (المهدى المنتظر) موجودة أيضاً عند أهل السنة، ولكن بشكل أبسط بكثير مما هى عليه عند الشيعة.وعلى الصعيد (المذهبى) يختلف الشيعة عن السنة فى بعض الأمور الفقهية، مع أنهم يتفقون مع سائر المسلمين فى معظم التفاصيل الأخرى. ولهم فقهٌ خاص يميزهم عن المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة عند أهل السنة (المالكية، الحنفية، الشافعية، الحنبلية) وهو المذهبُ «الجعفرى» الذى حدَّد ملامحه الأولى، الإمامُ جعفر الصادق» الذى طالما حظى بتقدير الشيعة والسُّنة على السواء، على اعتبار أنه واحدٌ من أجلاَّء علماء آل البيت .وبطبيعة الحال، تطوَّر الفقه الشيعى (المذهب الجعفرى) تطوراً كبيراً خلال الألف سنة الماضية، مع جهود علماء وفقهاء الشيعة الذين قرروا قواعد شرعية، منها كما أسلفنا ما يتفق المسلمون جميعاً عليه، ومنها ما يختص بالشيعة وحدهم أو بالشيعة الإثنا عشرية دون غيرهم، فمن ذلك: زواج المتعة.ومثلما يعتمد التشيع بالمعنى الثانى (المذهبى) على التشيع بالمعنى الأول العام (التاريخى) لإثبات صحة موقفه، يعتمد التشيع بالمعنى الثالث (الأيديولوجى) على المعنيين السابقين، للحصول على أقصى استفادة ممكنة من هذا المذهب.. أى أن المعانى الثلاثة للتشيع، متراكبة.ومقصودى بالمعنى الثالث للتشيع، الاستعمال النفعى للمذهب على نحو «أيديولوجى» يسعى لاستخدام التشيع باعتباره شعاراً سياسياً وإطاراً جامعاً، يميز جماعة من المسلمين عن غيرهم من دون أن يخرج بهم عن إطار الإسلام، بل يزعم أنه (الإسلام) الصحيح. ومن هذه الزاوية مثلاً، ندرك السر وراء دعم إيران لحزب الله فى لبنان، لأنه يحارب إسرائيل، بينما لا تدعم إيران حركة «حماس» التى من المفترض أنها تقوم بالدور نفسه! والسبب فى ذلك، أن التشيع يجمع (أيديولوجياً) بين إيران وحزب الله، بينما تمثل (حماس) المذهب السنى، بالمعنى السياسى، ولذلك فهى تحظى بدعم الدول ذات الطابع المذهبى السنى، لا الشيعى.ومن هذه الزاوية النفعية (الأيديولوجية) أيضاً، نفهم السبب وراء خلو تنظيم «القاعدة» مثلاً من مجاهدين شيعة، واقتصار أغلب رجاله (المجاهدين) على الجانب السنى، مع أن «الجهاد» أصلٌ شرعى «لازم» من أصول الشيعة. لكنه بحسب الخبرة التاريخية والواقع المعاصر، لا يتم تحت لواء السُّنَّة، لأن الاتجاهين «السنة، الشيعة» صارا مع مرور السنين إطاراً سياسياً، طالما استعمل بالمعنى الأيديولوجى . ومن هنا، استعان الصفويون فى إيران قبل عدة قرون بالمذهب الشيعى، فى حربهم ضد الدولة العثمانية التى كان مذهبها (السُّنة) بحسب الفقه الحنفى. ولم تكن إيران قبل الصفويين بلداً شيعياً، لكنها صارت معهم كذلك، وبقيت من بعدهم على ذلك.ولا يقتصر استعمال (المذهب) الشيعى بشكل نفعى (أيديولوجى) على الدول والجماعات الكبيرة، وإنما يستعمل التشيع بالمعنى الثالث لأهداف محدودة وشخصية لتحقيق مصلحة فردية. مثال ذلك ما رأيناه فى دولة لبنان، حيث يتجاور المذهبان السنى والشيعى مع مذاهب أخرى ذات طابع دينى طائفى (دروز، مارون، كاثوليك..) وكلها معترفٌ بها فى هذا البلد العجيب، الجميل، الزاخر دوماً بالقلاقل والصخب. فى لبنان رأينا كثيرين من ذوى الشأن، والأغنياء، يتحولون من المذهب السنى إلى المذهب الشيعى (على الورق) لأنهم لم ينجبوا ذكوراً، ويخشون على بناتهم من نظام المواريث المعمول به فى مذاهب السنة .وهو الأمر الذى فعله أناسٌ معرفون، منهم وزراء ورؤساء وزارة. وما كان هدفهم من وراء ذلك إلا الاستفادة والمنفعة الحاصلة من وراء تحولهم الشكلى إلى التشيع، بالمعنى الثالث (الأيديولوجى) وليس بالمعنى الثانى (العقائدى).     وبناءً على هذا المعنى الثالث (الأيديولوجى) للتشيع، يمكن أن نفهم السبب فى معاناة العرب السُّنة، الساكنين منذ قرون بجنوب إيران، ولذلك ينزحون تدريجياً إلى دول الخليج، هرباً من العنت الذى يواجهونه فى دولة صار التشيعُ شعارها، والأئمة قوَّادها الحقيقيين.ومن هنا أيضاً، نفهم السر وراء دعم إيران للثورة التى لم تكتمل فى دولة «البحرين» على اعتبار أن الثائرين هناك، معظمهم من الشيعة. وهو الأمر الذى تستند إليه حكومة البحرين (السُّنية) فى قمع الثائرين، وتساعدها فى ذلك دول الخليج (السُّنية) تحت المسمى الذى صار يتردَّد كثيراً مؤخراً: قوات درع الجزيرة، أما الثورة فى سوريا مثلاً أو اليمن، فهى لا تحظى بالاهتمام والدعم الإيرانى، لأن الثائرين من أهل السُّنَّة ولا يقتصر مرادنا هنا على الكشف عن العمق التاريخى لجماعات مثل (البهرة) وهم الشيعة الإسماعيلية، أو إمامهم المدفون فى مصر (أغاخان) أو النظر فى الموروث الاحتفالى (الفولكلورى) الممتد من الزمن الشيعى «الفاطمى» بمصر.. بل ننظر أيضاً من خلال وعينا بالتشيع، واتجاهاته المتعددة، فى تأثرنا المباشر بالأحداث الصاخبة الجارية اليوم 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى