كتب حازم مطر
إن مفهوم التوتاليتارية هو مفهوم مطابق لطبيعة الليبرالية الجديدة التي يتبناها اليمين الأمريكي المتطرف بزعامة الرئيس جورج بوش, الذي يمارس فاشية و”أبلسة” للنظام الدولي الجديد، و للأسواق, و لوسائل الإعلام. و خير دليل على ذلك، عاصفة التدابير المضادة للحريات المدنية التي اعتمدت في الولايات المتحدة. فغداة أحداث 11 أيلول/سبتمبر أنشيء قضاء استثنائي وحصل وزير العدل السيد جون اشكر وفت على إقرار القانون المناهض للإرهاب و المعروف بـ” القانون الوطني “, الذي يسمح للسلطات بتوقيف المشتبه بهم لفترة غير محددة و إبعادهم و سجنهم في زنزانات انفرادية, ومراقبة بريدهم و محادثاتهم الهاتفية و اتصالاتهم عبر الانترنت, و تفتيش مراكز إقامتهم من دون إذن قضائي .
الدولة ”التوليتارية“، هي دولة تقوم وصفتها الرئيسة على محاربة اعدائها الخارجيين والداخليين، وعلى تأمين اقصى قدر من الاجماع الحماسي، قد يكتفي النظام التوتاليتاري بسحق المجتمع او سكانه، لكن الدولة التوليتارية تجد من واجبها ان تجعله يتكلم، تجد من واجبها ان تعبئه وتستنفره، انها تتماهى به او عليه ان يتماهى بها.
الحقيقة ان الدولة التوليتارية او المجتمع التوتاليتاري بالمعنى الدقيق للكلمة، لا وجود لهما، اذ اننا نجد في هذا النظام ان الدولة والمجتمع السياسي والمجتمع المدني هي كيانات تختلط كلها ضمن حزب او جهاز سلطة كلي القدرة، ان الانظمة التوتاليتارية لا تختزل الى الصورة التي تقدمها عن نفسها، صورة التطابق التام بين القائد والحزب والشعب، فمن الامور التي لا تقل اهمية عن الاجماع المعلن، هو التنديد الدائم بالعدو، والرقابة، والقمع، وتحويل الخصم الداخلي الى خائن وعميل لاعداء الخارج، كما ان لجان الثورة، والبوليس السياسي، وفرق الصدم ومناضلي الحزب كلهم يظلون على أهبة الاستنفار والتعبئة في حرب لا نهاية لها ضد خصم مقيم في العقول والافئدة بقدر ما هو متلاعب بالمصالح، فالحرب من صلب الانظمة التوتاليتارية التي لا تعرف مطلقا هدوء الانظمة الاستبدادية القديمة واطمئنانها، وذلك ان التوتاليتارية هي، في آن معاً، وريثة الحركات المجتمعية ومنشئة لنسق معين، فهي لا تنقطع ابداً عن التهام القوى المجتمعية الفاعلة اذ تعتبر نفسها منحدرة منها، وتسعى في الوقت نفسه الى الغاء وجودها الفعلي.
لقد عرف القرن العشرون انماطاً تاريخية من الانظمة التوتاليتارية، اولها التوتاليتارية القوموية التي تنادي بجوهر قومي او اثني وترقعه في وجه الجامعية عديمة الجذور التي تتصف بها السوق والرأسمالية، والفن بل حتى العلم، او تواجه به امبراطورية متعددة الجنسيات، وشهد اواخر القرن التاسع عشر ولادة هذه القوموية المضادة للحداثة التي حلت على نطاق واسع حمل التصور العقلاني التحديثي للامة الذي كانت فرضته الثورة الفرنسية، وتنتمي الفاشية على مختلف منوعاتها الى هذه المقولة العامة.
اما النمط الثاني من التوتاليتارية فينبغي تقريبه من النمط الاول لانه يستند هو الاخر الى كائن تاريخي، لكن هذا الكائن لم يعد الامة، كما هو بالنسبة للنمط الاول، بل صار الدين في بعض التجارب من هذا النوع التي كانت تستند الى حركة مجتمعية ديمقراطية الى توتاليتارية ثيوقراطية تؤطر الشعب ضمن شبكة كثيفة قوامها عملاء المراقبة والتعبئة والقمع المتحشدون في حرس قمعي.
هناك انماط اخرى من التوتاليتارية لا تتكلم باسم عرق او دين، بل هو بالعكس موضوعي اذ يقدم نفسه بوصفه داعية من دعاة التقدم والعقل والتحديث، وهي صيغة من صيغ الاستبداد تشترط تعبئة مجمعية وقولا ايديولوجيا موجهين ضد عدو هويته، بانه السيطرة الامبريالية والاستعمارية، وصيغة النظام في العراق في الفترة 1968-2003 مثال صارخ لهذه التوتاليتارية الصارمة.
و كي لا يتعرض العسكريون الأمريكيون لأي ملاحقة بسبب ارتكابهم جرائم حرب في الخارج، فإن واشنطن عارضت إنشاء محكمة الجزاء الدولية, ولا تزال تعارضها. و صادق الكونغرس على قانون حماية الأمريكيين أثناء الخدمة الذي يسمح للولايات المتحدة باتخاذ أقصى الإجراءات وصولا إلى الاجتياح, من أجل استعادة أي مواطن أمريكي مهدد بالمثول أمام محكمة الجزاء الدولية هذه .
و الحا ل ,منذ فرضت الولايات المتحدة هيمنتها على النظام العالمي عملت إدارة الرئيس بوش على بناء نظام بوليسي عالمي, وسلطة توتاليتارية كونية لامنظورة ,يخدمان المنطق التوتاليتاري ,و الطبيعة التوتاليتارية لليبرالية الجديدة , في السعي إلى التعبئة الإيديولوجية ضد العراق و العرب و المسلمين.
وأمراض هذه السلطة التوتاليتارية أو الفاشية الجديدةأمراض أمريكية بامتياز، نشير في هذا الصدد إلى ظاهرات أساسية :
1-انتهاك القانون الدولي بشكل فاضح و سافر، و تهميش الأمم المتحدة، و تحديد الولايات المتحدة وحدها معايير الحياة السياسية الدولية باسم ” تفوق أخلاقي ” مزعوم ,و من أجل فرض قانون الإمبراطورية الأمريكية الفاشي على عالم اليوم، الذي يخدم أهدافها و مصالحها الإستراتيجية، متجاهلة بصورة متعمدة أن العالم هذا الذي نعيش فيه شبع من حكم الإمبراطوريات الإستعمارية التعسفية .
2-الصهيونية في إدارة الرئيس بوش: تواجهنا الصهيونية اليهودية و الصهيونية المسيحية بالتلازم، و الدعم المطلق الذي تقدمه الولايات المتحدة لدولة الكيان الصهيوني و هو ليس دعما لدولة أجنبية، بل هو دعم لدولة لا تعدو كونها مظهرا من مظاهر الفاشية الأمريكية، و قاعدة عسكرية استيطانية للإمبريالية الأمريكية في قلب الوطن العربي.
3-العدوانية السافرة، و استخدام القوة العسكرية وسيلة لدفع شبح الأزمة الداخلية التي تنذر بالانفجار، بعد مسلسل فضائح الشركات الأمريكية الكبرى الذي تفجر خلال الشهور الأخيرة ,و الذي أفصح عن العديد من مساوئ و إخفاقات النظام الرأسمالي الأمريكي، الذي كان ينظر إليه بعضهم باعتباره ” النموذج ” الذي يجب أن يحتذى به في البلدان التي تأخذ بنظام ” اقتصاد السوق “.
أخيرا، إن العدوانية العسكرية المنفلتة من عقالها، و الفاشية التي تمارسها الإمبراطورية الأمريكية ضد الأمم و الشعوب و الدول التي تبدي نزوعا إلى الإستقلال الوطني و التنمية المستقلة، أو فك الروابط مع الامبريالية و الخروج من منطق العولمة الرأسمالية المتوحشة، تعكس درجة التوحش و الفاشية و التوتاليتارية التي بلغتها هذه الليبرالية الجديدة التي تبناها اليمين الأمريكي المتطرف. إن التوتاليتارية الليبرالية الجديدة تسعى إلى السيطرة على العالم لخدمة أهداف الإمبراطورية الأمريكية و ليس إلى الحرية، و إلى اغتيال الديمقراطية الفتية في العالم الثالث .
و النظام التوتاليتاري الأمريكي بزعامة بوش يمارس أكثر أشكال النهب و الاستغلال و القهر وحشية و فظاظة، و هذا العدو الرئيس للديمقراطية ليس في مراكز النظام الرأسمالي و حسب, بل في العالم الثالث .
و يبدو أن امكانات التطوير الديمقراطي في الوطن العربي تتناسب عكسا مع الهيمنة الإمبريالية الأمريكية على النظام الدولي بوجه خاص .
الإمبراطورية الأمريكية التي تحاول تكييف النظام الدولي التوتاليتاري وفق مصالحها و تعيد العالم المتمدن إلى الفاشية و البربرية و شريعة القوة العارية. الامبراطورية الأمريكية هذه هي النسخة الجديدة من النازية الهتلرية، فليحذرها العالم، خاصة العرب و المسلمون .
إن مفهوم التوتاليتارية هو مفهوم مطابق لطبيعة الليبرالية الجديدة التي يتبناها اليمين الأمريكي المتطرف بزعامة الرئيس جورج بوش, الذي يمارس فاشية و”أبلسة” للنظام الدولي الجديد، و للأسواق, و لوسائل الإعلام. و خير دليل على ذلك، عاصفة التدابير المضادة للحريات المدنية التي اعتمدت في الولايات المتحدة. فغداة أحداث 11 أيلول/سبتمبر أنشيء قضاء استثنائي وحصل وزير العدل السيد جون اشكر وفت على إقرار القانون المناهض للإرهاب و المعروف بـ” القانون الوطني “, الذي يسمح للسلطات بتوقيف المشتبه بهم لفترة غير محددة و إبعادهم و سجنهم في زنزانات انفرادية, ومراقبة بريدهم و محادثاتهم الهاتفية و اتصالاتهم عبر الانترنت, و تفتيش مراكز إقامتهم من دون إذن قضائي .
الدولة ”التوليتارية“، هي دولة تقوم وصفتها الرئيسة على محاربة اعدائها الخارجيين والداخليين، وعلى تأمين اقصى قدر من الاجماع الحماسي، قد يكتفي النظام التوتاليتاري بسحق المجتمع او سكانه، لكن الدولة التوليتارية تجد من واجبها ان تجعله يتكلم، تجد من واجبها ان تعبئه وتستنفره، انها تتماهى به او عليه ان يتماهى بها.
الحقيقة ان الدولة التوليتارية او المجتمع التوتاليتاري بالمعنى الدقيق للكلمة، لا وجود لهما، اذ اننا نجد في هذا النظام ان الدولة والمجتمع السياسي والمجتمع المدني هي كيانات تختلط كلها ضمن حزب او جهاز سلطة كلي القدرة، ان الانظمة التوتاليتارية لا تختزل الى الصورة التي تقدمها عن نفسها، صورة التطابق التام بين القائد والحزب والشعب، فمن الامور التي لا تقل اهمية عن الاجماع المعلن، هو التنديد الدائم بالعدو، والرقابة، والقمع، وتحويل الخصم الداخلي الى خائن وعميل لاعداء الخارج، كما ان لجان الثورة، والبوليس السياسي، وفرق الصدم ومناضلي الحزب كلهم يظلون على أهبة الاستنفار والتعبئة في حرب لا نهاية لها ضد خصم مقيم في العقول والافئدة بقدر ما هو متلاعب بالمصالح، فالحرب من صلب الانظمة التوتاليتارية التي لا تعرف مطلقا هدوء الانظمة الاستبدادية القديمة واطمئنانها، وذلك ان التوتاليتارية هي، في آن معاً، وريثة الحركات المجتمعية ومنشئة لنسق معين، فهي لا تنقطع ابداً عن التهام القوى المجتمعية الفاعلة اذ تعتبر نفسها منحدرة منها، وتسعى في الوقت نفسه الى الغاء وجودها الفعلي.
لقد عرف القرن العشرون انماطاً تاريخية من الانظمة التوتاليتارية، اولها التوتاليتارية القوموية التي تنادي بجوهر قومي او اثني وترقعه في وجه الجامعية عديمة الجذور التي تتصف بها السوق والرأسمالية، والفن بل حتى العلم، او تواجه به امبراطورية متعددة الجنسيات، وشهد اواخر القرن التاسع عشر ولادة هذه القوموية المضادة للحداثة التي حلت على نطاق واسع حمل التصور العقلاني التحديثي للامة الذي كانت فرضته الثورة الفرنسية، وتنتمي الفاشية على مختلف منوعاتها الى هذه المقولة العامة.
اما النمط الثاني من التوتاليتارية فينبغي تقريبه من النمط الاول لانه يستند هو الاخر الى كائن تاريخي، لكن هذا الكائن لم يعد الامة، كما هو بالنسبة للنمط الاول، بل صار الدين في بعض التجارب من هذا النوع التي كانت تستند الى حركة مجتمعية ديمقراطية الى توتاليتارية ثيوقراطية تؤطر الشعب ضمن شبكة كثيفة قوامها عملاء المراقبة والتعبئة والقمع المتحشدون في حرس قمعي.
هناك انماط اخرى من التوتاليتارية لا تتكلم باسم عرق او دين، بل هو بالعكس موضوعي اذ يقدم نفسه بوصفه داعية من دعاة التقدم والعقل والتحديث، وهي صيغة من صيغ الاستبداد تشترط تعبئة مجمعية وقولا ايديولوجيا موجهين ضد عدو هويته، بانه السيطرة الامبريالية والاستعمارية، وصيغة النظام في العراق في الفترة 1968-2003 مثال صارخ لهذه التوتاليتارية الصارمة.
و كي لا يتعرض العسكريون الأمريكيون لأي ملاحقة بسبب ارتكابهم جرائم حرب في الخارج، فإن واشنطن عارضت إنشاء محكمة الجزاء الدولية, ولا تزال تعارضها. و صادق الكونغرس على قانون حماية الأمريكيين أثناء الخدمة الذي يسمح للولايات المتحدة باتخاذ أقصى الإجراءات وصولا إلى الاجتياح, من أجل استعادة أي مواطن أمريكي مهدد بالمثول أمام محكمة الجزاء الدولية هذه .
و الحا ل ,منذ فرضت الولايات المتحدة هيمنتها على النظام العالمي عملت إدارة الرئيس بوش على بناء نظام بوليسي عالمي, وسلطة توتاليتارية كونية لامنظورة ,يخدمان المنطق التوتاليتاري ,و الطبيعة التوتاليتارية لليبرالية الجديدة , في السعي إلى التعبئة الإيديولوجية ضد العراق و العرب و المسلمين.
وأمراض هذه السلطة التوتاليتارية أو الفاشية الجديدةأمراض أمريكية بامتياز، نشير في هذا الصدد إلى ظاهرات أساسية :
1-انتهاك القانون الدولي بشكل فاضح و سافر، و تهميش الأمم المتحدة، و تحديد الولايات المتحدة وحدها معايير الحياة السياسية الدولية باسم ” تفوق أخلاقي ” مزعوم ,و من أجل فرض قانون الإمبراطورية الأمريكية الفاشي على عالم اليوم، الذي يخدم أهدافها و مصالحها الإستراتيجية، متجاهلة بصورة متعمدة أن العالم هذا الذي نعيش فيه شبع من حكم الإمبراطوريات الإستعمارية التعسفية .
2-الصهيونية في إدارة الرئيس بوش: تواجهنا الصهيونية اليهودية و الصهيونية المسيحية بالتلازم، و الدعم المطلق الذي تقدمه الولايات المتحدة لدولة الكيان الصهيوني و هو ليس دعما لدولة أجنبية، بل هو دعم لدولة لا تعدو كونها مظهرا من مظاهر الفاشية الأمريكية، و قاعدة عسكرية استيطانية للإمبريالية الأمريكية في قلب الوطن العربي.
3-العدوانية السافرة، و استخدام القوة العسكرية وسيلة لدفع شبح الأزمة الداخلية التي تنذر بالانفجار، بعد مسلسل فضائح الشركات الأمريكية الكبرى الذي تفجر خلال الشهور الأخيرة ,و الذي أفصح عن العديد من مساوئ و إخفاقات النظام الرأسمالي الأمريكي، الذي كان ينظر إليه بعضهم باعتباره ” النموذج ” الذي يجب أن يحتذى به في البلدان التي تأخذ بنظام ” اقتصاد السوق “.
أخيرا، إن العدوانية العسكرية المنفلتة من عقالها، و الفاشية التي تمارسها الإمبراطورية الأمريكية ضد الأمم و الشعوب و الدول التي تبدي نزوعا إلى الإستقلال الوطني و التنمية المستقلة، أو فك الروابط مع الامبريالية و الخروج من منطق العولمة الرأسمالية المتوحشة، تعكس درجة التوحش و الفاشية و التوتاليتارية التي بلغتها هذه الليبرالية الجديدة التي تبناها اليمين الأمريكي المتطرف. إن التوتاليتارية الليبرالية الجديدة تسعى إلى السيطرة على العالم لخدمة أهداف الإمبراطورية الأمريكية و ليس إلى الحرية، و إلى اغتيال الديمقراطية الفتية في العالم الثالث .
و النظام التوتاليتاري الأمريكي بزعامة بوش يمارس أكثر أشكال النهب و الاستغلال و القهر وحشية و فظاظة، و هذا العدو الرئيس للديمقراطية ليس في مراكز النظام الرأسمالي و حسب, بل في العالم الثالث .
و يبدو أن امكانات التطوير الديمقراطي في الوطن العربي تتناسب عكسا مع الهيمنة الإمبريالية الأمريكية على النظام الدولي بوجه خاص .
الإمبراطورية الأمريكية التي تحاول تكييف النظام الدولي التوتاليتاري وفق مصالحها و تعيد العالم المتمدن إلى الفاشية و البربرية و شريعة القوة العارية. الامبراطورية الأمريكية هذه هي النسخة الجديدة من النازية الهتلرية، فليحذرها العالم، خاصة العرب و المسلمون .