كتب/ عزيز ويصا
معلم خبير جغرافيا مدرسة دمياط الثانوية العسكرية
بداية نشأة التقويم المصري القبطي في سنة 4241 ق.م.، أي في القرن الثالث والأربعين قبل الميلاد، عندما رصد
المصريون القدماء نجم “الشعرى اليمانية”، ووضعوا هذا التقويم برصد ثلاثة ظواهر طبيعية معًا، وهى: “الشروق الاحتراقي للنجم” مع “شروق الشمس” مع قدوم “فيضان النيل”، ثم حسبوا المدة بين كل ظهورين حتى وصلوا إلى عدد أيام السنة. وقسموا السنة إلى ثلاثة فصول كبيرة، هي: الفيضان والبذار والحصاد. ثم إلى اثني عشر شهر، كل شهر منها ثلاثون يومًا، وأضافوا المدة الباقية وهي خمسة أيام وربع وجعلوها شهرًا أسموه الشهر الصغير، وصارت السنة القبطية 365 يومًا في السنة البسيطة و366 يومًا في السنة الكبيسة، وقد احترم الفلاح المصري هذا التقويم نظرًا لمطابقته للمواسم الزراعية ولا يزال يتبعه إلى اليوم.
وأول شهور السنة القبطية هو شهر توت، نسبة إلى العلامة الفلكي الذي وضع التقويم المصري القديم واخترع الأحرف. وقد ولد توت في قرية منتوت التي لا تزال موجودة وتتبع مركز أبو قرقاص محافظة المنيا بصعيد مصر بنفس اسمها القديم
وقد كتب عالم المصريات “بريستد” أن هذا التقويم العظيم… حمله “يوليوس قيصر” إلى روما واستعمل فيها على أنه أفضل تقويم. ويذكر د. إسحق عبيد، في كتابه “حكمة المصريين”(1): أن هذا التقويم هو أول تقويم علمي “تقويم شمسي” الذي تتبعه كافة شعوب العالم المتحضر. وأن التقويم الميلادي العالمي مأخوذ من التقويم الجريجورى المأخوذ من التقويم الروماني المأخوذ من التقويم المصري.
وفى بادئ الأمر لم يطلق المصريون على شهورهم أسماء، بل اكتفوا بالقول الشهر الأول ثم الثاني… وهكذا، ولكن في عهد الفرس أيام الأسرة السادسة والعشرين وفي القرن السادس قبل الميلاد، أطلقوا على كل شهر اسم معبود من معبوداتهم وربطوا كل شهر بمثل شعبي يميزه، على النحو التالي:
توت ::مشتق من اسم الإله تحوت، إله المعارف ومخترع الكتابة. وفي هذا الشهر كان يعم ماء النيل أراضى مصر وتطلق التقاوي من الغلال لزراعة الأراضي، وفيه توجد أنواع متعددة من المحاصيل مثل: الرمان والزيتون والقطن والسفرجل، ويقولون في الأمثال “أزرع ولا أفوت”.
بابة ::وهو مشتق من اسم الإله بيتبدت، إله الزرع وفيه يخضر وجه الأرض بالمزروعات. ومن محاصيل هذا الشهر، التمر والزبيب والقلقاس. ويقولون في الأمثال “إن صح زرع بابة غلب القوم النهابة”.
هاتور:: وهو مشتق من اسم الإلهة حتحور “آثور” Ἅθωρ، إلهة الحب والجمال. وفي هذا الشهر يتجمل وجه الأرض بجمال الزراعة، لذلك يقولون “هاتور أبو الذهب المنثور”
كيهك ::وهو مخصص للمعبود كاهاكا، أي عجل أبيس المقدس. وفي هذا الشهر يزرع الخيار بعد إغراق أرضه، وفيه يتكامل بذر القمح والشعير والبرسيم. ويقولون في الأمثال “كيهك صباحك مساك، تقوم من فطورك تحضر عشاك”، وذلك نسبة إلى قِصَر اليوم في هذا الشهر.
طوبة ::وهو مخصص للمعبود إمسو، ويسمى أيضًا خم، وهو شكل من أشكال آمون رع إله طيبة بمصر العليا أو إله نمو الطبيعة. وفي هذا الشهر تسقى أراضى القلقاس والقصب، ويظهر الفول الأخضر والنبق. ويقولون في الأمثال “طوبة تخلى الصبية كركوبة من البرد والرطوبة”.
أمشير ::و مأخوذ من إله الزوابع منتو. ويقولون في الأمثال “أمشير أبو الطبل الكبير والزعابيب والعواصف الكثير”
برمهات ::وينسب إلى الإله بامونت إله الحرارة. وفي هذا الشهر تزهر الأشجار ويكون اللبن الرائب أطيب شهور السنة. ويقال في الأمثال “برمهات روح الغيط وهات”
برمودة:: وهو مخصص للإله رينو أو إله الرياح القارصة أو إله الموت ويصور بصورة أفعى. وفي هذا الشهر يكثر الورد ويزرع الخيار والملوخية ويقطف أوائل عسل النحل. ويقولون في الأمثال “في برمودة دق بالعمودة”.
بشنس :هو مخصص للإله خنسو إله القمر. وفي هذا الشهر يبدأ ظهور البطيخ والمشمس والخوخ ويجنى الورد الأبيض. ويقولون في الأمثال “بشنس يكنس الغيط كنس”.
بؤونة ::وهو ينسب للإله خنتى إله المعادن. وفي هذا الشهر يكثر ظهور الخوخ والمشمش ويطيب التوت الأسود. ويقولون “بؤونة تكثر فيه الحرارة الملعونة”.
أبيب ::هو ينسب إلى هوبا إله الفرح أو هابى إله النيل. وفي هذا الشهر يكثر العنب ويطيب التين وتكثر الكمثرى ويقطف بقايا عسل النحل. ويقولون “أبيب طباخ العنب والزبيب”
مسرى ::معناها إبن الشمس لأنه مخصص لولادة الشمس. وفي هذا الشهر يدرك الموز allwki والليمون التفاح والرمان. ويقولون في الأمثال “مسرى تجرى فيها كل ترعة عسرة”.