من المعلوم ان ظاهرة التسول تنتشر في الانظمة الشمولية الدكتاتورية من العالم . واذا أزادت هذه الظاهرة في احدى الدول فهذا مؤشر خطير يشير الى ضعف الدولة وكثرة الفساد الذي اطاح بالاقتصاد حيث اوصل هؤلاء الناس الى ذلك المستوى .
ومن جانب اخر يطلق على المجتمعات التي تتكاثر فيها هذه الظاهرة بانها مجتمعات متخلفة أي المجتمعات النامية .
وعلم النفس يرى من يقوم بالتسول حالة مرضية نفسية تعبر عن نقص في السلوك و في تربية الشخص الذي يمارسها ويعدها عملية تغطية لما يعانيه هذا الشخص من مشاكل اجتماعية ونفسية ويرى فيها حلا لهذه المشاكل.
ان الاطار العام لمن يقوم بالتسول هو ممن يعاني من الامراض كالعوق او الشلل او الاسباب الاخرى مثل عائلة تفتقد الى معيل او انه توفى وترك خلفه ايتام ولا تتوفر فرصة عمل لوالدتهم مما يدعوها الى ان تستجدي لعجزها , فكل هذا الاطار علاجه بيد الدولة اولا ,ومساعدة المجتمع ثانيا , ومراجع الدين ومؤسسات الايتام ثالثا .
ولكن في وقتنا المعاصر اتسع الاطار ليشمل الاصحاء من الافراد وبمستوى ملفت للنظر وبأساليب متنوعة حتى اصبح التسول مهنة عمل لبعض الفتيات والاطفال .
وهذه مشكلة عويصة مستقبلاً ستولد مشاكل اجتماعية اخرى تؤدي الى الانحراف و عمل عصابات منظمة تدمر المجتمع.
وعندما يتحول الاستجداء الى مهنة , فأنها لم تأتي اعتباطاً ,لا سيما اذا علمنا بأن بعض المتسولين يمتلكون ما لا يمتلكه صاحب الدخل المتوسط من الدور السكنية والسيارات الحديثة استعداداً لثراء فاحش من أجل تشكيل عصابات اجرامية .
ان ما دعنا لطرح هذا الموضوع ما يتردد على لسان الشارع العراقي بأن بعض هؤلاء المتسولين ورائهم شركات في كل شركة متعهد يديرهم ويوزعهم حسب المناطق والتقاطعات في شوارع المدن العراقية .ويضمن للشريدة من اهلها السكن والغذاء والملبس والاجر اليومي مما تكسبه من تسولها .
ويربي الاطفال بعد ان يشتريهم من عصابات الاختطاف ليضمهم الى سلك التسول في مناطق اخرى بعيده عن اهلهم ومعارفهم .
اما اسلوب العمل :ـ
ـ الفتيات الشريدة تضع النقاب لكي لا يعرفها احد .
ـ الاطفال عن طريق التسكع في عيادة الاطباء والاسواق وهم يحملون بعض كتيبات الادعية الصغيرة ويحركوا مشاعر الناس وعواطفهم من خلال اسلوب رخيص يبدا بالتوسل وينتهي بالتقبل بعض الاحيان .
ـ النساء متوسطات الاعمار تضع طفلا صغيرا او تحمله وتقول بانه يتيما او مريضا وما شاكل من الادعاءات الكاذبة . وهنا نتسأل من المسؤول عن معالجة هذه المشكلة الكبيرة ؟ّ!
لا شك بأن الدولة تتحمل اعباء هذه المسؤولية بشكل رئيسي واساسي ,ثم المجتمع من بعدها .
ويليهما كل من يدعي التدين والمشاريع الانسانية . وقلنا الدولة , فالدولة من ضمنها مؤسساتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ,أي جب ان توفر فرص عمل او رواتب رعاية .
وكذلك الاجهزة الامنية المختصة من قوى الامن الداخلي , فلو تم فتح ملفات متابعة لبعض المتسولين … اين يذهبون بالمال ؟ اين يسكنون ؟
من المسؤول عنهم ؟ سيجدو بعد المتابعة من هو المتعهد ! وغطاء شركته . وستعرف الشريدة الهاربة من اهلها ,لماذا هربت ؟ ويعرف من اين اختطفوا الاطفال ومنذ متى ؟ أن المسألة ليست بالهينة وغض النظر عنها جريمة لا تغتفر , فالجدية والتأمل فيها واجب وطني لكل شريف .