التايمز: سياسي إسباني يتهم النظام الإيراني بالاستعانة بشبكات المافيا الأوروبية لتنفيذ اغتيالات

29 مايو/أيار 2025 – نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية يوم الثلاثاء، 27 مايو/أيار 2025، مقالاً للكاتب آدم سيج من باريس، يتضمن مقابلة مع السياسي الإسباني البارز أليخو فيدال كواديراس، النائب السابق لرئيس البرلمان الأوروبي، الذي تعرض لمحاولة اغتيال في مدريد في نوفمبر/تشرين الثاني 2023. ويسلط المقال الضوء على اتهامات فيدال كواديراس المباشرة للنظام الإيراني بتوظيف شبكات الجريمة المنظمة في أوروبا لتصفية معارضيه، وهي استراتيجية وصفها بأنها جزء من “إرهاب الدولة” الذي تمارسه طهران.
شهادة فيدال كواديراس واتهامات مباشرة
يروي فيدال كواديراس كيف نجا من الموت عندما “سحب رأسه بشكل غريزي” في اللحظة التي كان القاتل يستعد فيها لإطلاق النار، مما أدى إلى اختراق الرصاصة، التي كانت تستهدف رقبته، فكه. وأكد السياسي الإسباني، الذي كان يتحدث في باريس قبيل لقائه بنواب فرنسيين، أن “النظام الإيراني يدفع أموالاً لشبكات إجرامية لتنفيذ هذه الهجمات. إنهم يجندون منظمات مافيا لتنفيذ مهامهم”. وأضاف أن هؤلاء القتلة المأجورين “ليس لديهم أي ارتباط أيديولوجي بالنظام، بل يسعون فقط وراء المال. إنهم مجرمون محترفون، وهذه مجرد وظيفة أخرى بالنسبة لهم”.
ويعتقد المحققون في إسبانيا وهولندا وفرنسا، وفقاً للمقال، أن محاولة الاغتيال في مدريد تمت بأمر من طهران ونفذتها “مافيا موكرو”، وهي شبكة مخدرات هولندية قوية. وقد تم حتى الآن اعتقال ما لا يقل عن ثمانية أشخاص على صلة بالقضية، من بينهم مهرز عياري، وهو فرنسي-تونسي نشأ في ضواحي باريس. وتشير صحيفة “لوموند” الفرنسية إلى أن لعياري سجلاً إجرامياً حافلاً في تهريب المخدرات والاحتيال والابتزاز والسطو المسلح وتزوير الوثائق والعنف والتهديد بالقتل، وأنه مطلوب أيضاً في فرنسا في قضية مقتل مهرب مخدرات صغير. وتفيد “لوموند” بأن المحققين الفرنسيين يعتقدون بصلة عياري بمافيا “موكرو”، حيث تم العثور على رسائل على هاتف شقيقه تناقش الحصول على سلاح من روتردام، ورسالة أخرى من رقم هولندي مجهول تتضمن مقطع فيديو لفيدال كواديراس.
تأكيدات استخباراتية ونمط إيراني ممنهج
ألقي القبض على عياري (38 عاماً) في عام 2024 في مدينة هارلم الهولندية، بينما كان يخطط لاغتيال معارض إيراني آخر، حسبما ورد. وفي تقريره السنوي الصادر في أبريل/نيسان الماضي، ذكر جهاز المخابرات والأمن العام الهولندي (AIVD) أن محاولتي الاغتيال (ضد فيدال كواديراس والناشط الإيراني) “تندرجان ضمن الأساليب التي تتبعها إيران منذ سنوات: استخدام الشبكات الإجرامية في أوروبا لإسكات المعارضين المزعومين للنظام. ووفقاً للمعلومات المتاحة، من المحتمل جداً أن تكون إيران مسؤولة عن محاولتي الاغتيال هاتين”. وقد وصفت إيران هذه الادعاءات بأنها “خرافة سخيفة”.
ولم يقتصر الأمر على الاستخبارات الهولندية، فقد أشار المقال إلى أن الموساد الإسرائيلي وجهاز الأمن السويدي لديهما أيضاً أدلة على أن إيران تجند عصابات إجرامية لمهاجمة أهداف يهودية وإسرائيلية في أوروبا، كما أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) أن طهران تستخدم تكتيكات مماثلة في الولايات المتحدة.
وفي سياق متصل، عرضت الشرطة الهولندية مكافأة قدرها 50 ألف يورو مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال سامي بقال بونوڤار، وهو مواطن إسباني-مغربي مطلوب لصلته بمحاولة اغتيال الناشط الإيراني في هارلم، ومحاولة اغتيال فيدال كواديراس، وجريمة قتل مأجورة أخرى في هولندا عام 2021.
استهداف فيدال كواديراس ودوافع النظام
أوضح فيدال كواديراس ، العضو السابق في البرلمان الأوروبي عن حزب الشعب الإسباني وأحد مؤسسي حركة فوكس الشعبوية، أنه استُهدف بسبب معارضته البارزة للنظام الإسلامي الإيراني. وهو من مؤيدي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وكان على رأس القائمة السوداء للعقوبات التي فرضتها طهران على شخصيات غربية في عام 2022.
وروى السياسي الإسباني تفاصيل الهجوم الذي تعرض له أثناء عودته من نزهة في حديقة ريتيرو بمدريد، حيث اقترب منه المهاجم من الخلف قائلاً: “مرحباً سيدي”، مضيفاً: “لقد حركت رأسي فقط، وهذا ما أنقذني”. واحتاج إلى سبعة أشهر للتعافي، تضمنت جراحة ترميمية للوجه وعلاجاً “للصدمة اللاحقة للحادث”.
واعتبر فيدال كواديراس أن “إرهاب الدولة” هو أحد التكتيكات المتعددة التي تستخدمها إيران لترهيب الحكومات الغربية، إلى جانب احتجاز الرهائن وتطوير الأسلحة النووية. وألمح إلى أن هذه الاستراتيجية كانت فعالة إلى حد ما، على الأقل فيما يتعلق بالحكومة الاشتراكية الإسبانية، قائلاً: “لم يكن هناك أي رد فعل دبلوماسي أو سياسي في مدريد تجاه محاولة اغتيالي. الحكومة لم تقل شيئاً على الإطلاق”.
إن ما كشفه تقرير “التايمز” على لسان فيدال كواديراس يرسم صورة مقلقة لمدى استعداد النظام الإيراني لاستخدام أدوات الجريمة المنظمة العابرة للحدود في محاولة لإسكات أصوات معارضيه في قلب أوروبا، مما يستدعي وقفة دولية حازمة لمواجهة هذا النهج الإرهابي.