غريبٌ جدًا تقلب البحر على مدار ساعات اليوم.. فساعةً تجده يلاطم بأمواجه بعضه بعضًا وساعةً تجده شديد الهدوء والسكينة. وبحسب شدة الرياح أو هدوءها يكتسب البحر هدوء امواجه أو العكس..
ولعل فى هذا تشابه كبير بين حال البحر وحالنا! نحن جنس النساء الذي ألقى بسهام الحيرة ليصيب بها مراكز الإدراك عند الرجال، ولا أمل لكم فى فهمنا مادمتم انتم متقلبي المزاج، شديدي التغير، فتارة نجدكم نسمات صيف ليلية وساعة نجد منكم انقلابًا كرياح الخماسين. وما شأن الرجال بالأمر؟ اسمعكِ يا من تنادين بسؤالك فى الفراغ مستغربة تعلق أمرهم بأمرنا.. لكن فى الواقع علينا الإقرار بأن أمر كلانا متداخل حد الاندماج ولا فكاك منه. ما من امرأة إلا وتريد بالاً هادئاً وصحة ومال، طفلاً يسليها و فى بعض الأحيان كتابًا تعيش بطلة لإحدى حكاياته.. أتعرف كيف نحب أن تكون الحكاية؟ أريد فى الحكاية أبًا يشبعني دلالًا بحزم، يرعى، يأمر فيُطاع، ويحمي فيكون دعمًا لا ينقطع ما حييت. أريد رجلًا أسير بجواره فى شوارعنا فلا ينتهكني، ولا يمس طرف ثوبي بسوء، لا أريد أن أكف عن ارتداء ثوبي الوردي حتى أكون بمأمن من شرك! أريد عالماً أعمل فيه (إن انا وددت ذلك) بكفاءة اعدكم بتميزها، وأريد موعد انصراف مناسبًا كي أتمكن من الذهاب لمصفف الشعر فأحصل على قصة شعر جديدة على أن أعود لبيتي فى ساعة واحدة لا أربع ساعاتٍ ونصف وأرجو فى نهاية الحكاية أن أجد بطلي واقفًا بمظلةٍ وردية تحمينا فى الشتاء من زخاته. أما انت فماذا تريد انت؟ تريد امرأة تنقدك بمالها لتجود عليها بزواجك منها؟ تريدها أن تعرف الدنيا ولا يصيب عقلها صدأ حين تتورط فى العمل لعشر ساعاتٍ يومياً بدلاً من أن يزيل صدأه كتاباً تقرأه بين ذراعيك؟ وتريد زوجة لعوب تنفض عن جسدها تعب يومها ونظرات المتعلقين بأطراف ثوبها فتصبح بين يديك جارية تلهث وراءك لتتعلم ابجديات العشق! لتقدم انت لها كفيك بحفنة حبوب تتناولها فى صمت لتشبع دون تذمر من قلة المعروض ؟ لو أن الفتاة آمنت تقلب الموج لما اضطرت للعمل في ظروفنا القاسية.. لو أنها وجدت شريكًا يهديها بقاربٍ تبحر به لتصل إلى آخر العمر بسلام لملكته الدفة وعاونته على تحريك الأخرى بمنتهى الهمة. اتعرفون ماذا تريد الفتاة؟ تريد الأمان..والكفاف..وكلاهما في رجل.