اسليدرالتقارير والتحقيقات

البطل سمير عبد المنصف : برغم أني وحيد الأسرة لكن التحقت بالجيش لتحرير سيناء الحبيبة

احجز مساحتك الاعلانية

حوار – إبراهيم خليل إبراهيم

الإنسان المصري خير الخلف لخير السلف وأكد ذلك البطل سمير عبد المنصف فبرغم أنه وحيد الأسرة إلا أنه تقدم للقوات المسلحة لتحرير سيناء الحبيبة التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وفي هذا الحوار نتعرف على الكثير .
……………………………………؟

سمير عبد المنصف قاسم عامر من مواليد 23 إبريل عام 1951 في قرية الجعافرة مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية وبعدي استقبلت الأسرة 5 بنات والتحقت بالدراسة الابتدائية ثم الإعدادية وأثناء أداء الامتحانات قامت إسرائيل يوم 5 يونيو عام 1967 بالهجوم على مصر واحتلت سيناء فحزنت لأن مصر نالت هزيمة لا تستحقها وحصلت إسرائيل على نصر لا تستحقه فالجندي المصري لم يدخل المعركة .
……………………………………؟

بعد حصولي على الشهادة الإعدادية بتفوق قررت ترك الدراسة والانضمام متطوعا في صفوف القوات المسلحة المصرية وبالفعل تحقق مقصدي في 28 من شهر نوفمبر عام 1968م لتحرير سيناء المحتلة من دنس الاحتلال ولم تعلم الأسرة بقراري وبعد فترة من غيابي عن المنزل وبحث الأسرة تم التوصل إلى مكاني بالقوات المسلحة فذهب الوالد مع الجد إلى الوحدة العسكرية ودارت الأحاديث معي في محاولة لرجوعي إلى الأسرة ولكن أصريت على الاستمرار وهنا كانت قناعات الوالد والجد بوجودي بين صفوف القوات المسلحة لتحرير سيناء المحتلة .
……………………………………؟

حصلت على تدريبات متعددة في أساليب وفنون القتال واللاسلكي والكاراتيه والصاعقة والأمن الحربي والشئون الإدارية وفي شهر فبراير عام 1969 تواجدت مع رفاقه في الكتيبة الرابعة مشاه باللواء الخامس الفرقة 19 مشاه بالجيش الثالث الميداني وفي السرية الثانية بالكتيبة الرابعة التي يقودها الملازم أول أحمد عبد الفتاح في شمال ميناء الأدبية على خليج السويس وتعرفت على سمير عبد الرحمن طه ومحمد عبد الحميد حربية ومجموعة من الجنود زملاء الكفاح وفي الخلف كان يقف جبل عتاقة الشاهق يرصد ويراقب ويشاهد كفاحنا وصمودنا.
……………………………………؟

انتقلت مع رفاقي إلى منطقة عجرود وقاد الكتيبة الأسيوطي البطل المقدم حسام الهلالي وضمت الكتيبة نخبة من خيرة الأبطال منهم النقباء عمر سليمان وإسماعيل البحيري وأحمد عبد الفتاح والملازم أول على محرز ومن ضباط الصف أذكر فتحي عبد اللطيف وعبد الرحمن هلال ومحمد عبد الحميد ومحمد طنطاوي وعبد المهيمن عبد المعز وعزب وصلاح فهيم وفي شهر أبريل عام 1969 انتقلت مع رفاقي إلى منطقة الشط بقناة السويس القريبة من قرى عامر وكوبري العمدة وجناين المانجو والنخيل وفي الجهة الأخرى للقناة يوجد خط بارليف الحصين الذي أقامته إسرائيل لتمنع عبور القوات المسلحة المصرية وهذا الخط فاق كل الخطوط الدفاعية التي شهدها التاريخ العسكري ولكن غاب عن القيادات الإسرائيلية أن مصر لديها أقوى الأسلحة وهى تتمثل في الإنسان المصري الذي هو من صنع المولى عز وجل .
……………………………………؟

واصلت مع رفاقي الأبطال الكفاح واشتركت في عمليات عبور قناة السويس ومهاجمة القوات الإسرائيلية الموجودة في الضفة الشرقية وتقرر العودة بأسير وفي الوقت المحدد عبرنا قناة السويس وكان الليل يغلف المنطقة ورصدنا عربة إسرائيلية نصف مجنزرة تقوم بالمرور على بعض النقاط القوية بخط بارليف وقمنا بزرع الألغام تحت قيادة البطل نور وفي خيلاء حضرت العربة المجنزرة بقيادة آدمون وبمجرد مرورها على الألغام انفجرت وحاول آدمون الهروب ولكنه وقع في الأسر .
……………………………………؟

بعد تنفيذ المهمة عدنا ومعنا الأسير وكان في استقبالنا بالفرح والتكريم قائد اللواء البطل العقيد محمد الكنزي وقائد الكتبية البطل المقدم حسام الهلالي وفي 8 أغسطس عام 1970م تم وقف إطلاق النار تنفيذاً لمبادرة وزير الخارجية الأمريكي وليم روجرز وفى الليلة السابقة تم تحريك أعداد كبيرة من كتائب الصواريخ لتدخل مواقعها التي أنشئت غرب القناة وبعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر تولى الرئيس السادات المسئولية وعندما تقرر عبور قناة السويس وخوض الحرب لتحرير سيناء من دنس اليهود جمعنا قائد اللواء قبل العبور بوقت قصير ثم قال قائد الوحدة : يا أولادي هل أنتم جاهزون للحرب وتحرير سيناء الحبيبة ؟ فأجبنا في صوت واحد كله إصرار وتحد : جاهزون يا أفندم وهنا قال لهم : إن شاء الله نفطر في تل أبيب .
……………………………………؟

ضمن الموجات الأولى عبرت مع رفاقي أبطال السرية الثانية بقيادة البطل الرائد سمير المهدي والتابعة للكتيبة الرابعة بقيادة البطل المقدم على الخياط ومعنا الأبطال ملازم أول حسين علام والملازم أول موسى جلال والملازم أول عثمان إسماعيل والملازم أول رضا فهمي باللواء الخامس مشاة بقيادة البطل العقيد سيد الشافعي أبو العلا بالفرقة 19 مشاة بقيادة العميد يوسف عفيفي بالجيش الثالث الميداني بقيادة البطل اللواء عبد المنعم واصل وبمجرد عبورنا قام الملازم أول نبيل صالح قائد المجموعة بتسلق الساتر الترابي وسحق العلم الإسرائيلي وألقاه في قناة السويس لتلهو به الأسماك ورفع العلم المصري على النقطة 149 إحدى النقاط الحصينة بخط بارليف وتعالت الصيحات ( الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ) وبدأت الاشتباكات وتبادل إطلاق النار وفجأة أصيب البطل الملازم أول نبيل صالح وقال لنا : ( كونوا رجالا وأبطالا وحافظوا على مصر الحبيبة ) ثم فاضت روحه إلى بارئها .
……………………………………؟

من النقاط الحصينة بخط بارليف النقطة 149 هذه النقطة قام العدو بتحصينها وتسليحها بعد وقف إطلاق نار معارك الاستنزاف عام 1970 حيث يوجد بها 8 رشاش نصف بوصة و( 6 ) مدفع مضاد للدبابات عديم الارتداد و( 3 ) مدفع هاون عيار 81 مم و( 3 ) مدفع هاون عيار 120 مم و( 2 ) دبابة بأطقمها و( 2 ) عربة صواريخ أرض/ أرض متوسطة المدى وأجهزة حديثة للرؤية الليلية والتصنت الإلكتروني حتى مدى 10 كيلو متر واتصال وتوجيه للطائرات الحربية الإسرائيلية وكميات كبيرة من الذخيرة وقطع الغيار والمعدات والإمدادات الطبية والمواد الغذائية التي تكفى ما بداخلها لأكثر من 30 يوما ومجهزة هندسياً ومحاطة بالأسلاك الشائكة والأشركة الخداعية والعوائق المعدنية وفي أعلى النقطة برجاً للمراقبة وتوجد على تبة مرتفعة تشرف على الأراضي المحيطة بها لعشرات الكيلو مترات وتتحكم في محاورة إستراتيجية تعوق الجيش المصري إذا فكر في عبور قناة السويس والتقدم إلى سيناء ومن تلك المحاور المحور الشرقي المتجه إلى الممرات والمحور الجنوبي المؤدى إلى رأس سدر والمحور الشمالي المتجه إلى جنوب البحيرات ويوم 7 أكتوبر 1973 تم تكليفي مع رفاقي الأبطال بالهجوم على النقطة 149 ودارت الاشتباكات الطاحنة وهنا قام البطل محمد زرد بلف جسمه بحزام ناسف وأقتحم النقطة ولم يهتم بالنيران الإسرائيلية الكثيفة وفي ثوان معدودة سقطت النقطة وتم أسر مجموعة كبيرة من الإسرائيليين وأستشهد البطل محمد زرد في ميدان الشرف والكرامة وفى اليوم التالي تهاوت 9 مواقع أخرى من خط بارليف .
……………………………………؟

صدرت الأوامر بالتقدم داخل سيناء وفي تقدمنا تعاملنا مع القوات الإسرائيلية وتمكنا من تدمير عدد من الدبابات والمجنزرات الإسرائيلية وقتل وأسر الكثير وتمكنت من تدمير دبابتين ووصلنا بالقرب من مركز القيادة الإسرائيلي في اليوم الثامن من أكتوبر 1973م / 12 رمضان 1393هـ واستولت القوات المصرية على خط بارليف بكامله على طول القناة وتم تحرير مدينة القنطرة شرق ووصلت القوات المدرعة المصرية إلى مسافات متقدمة داخل سيناء .
……………………………………؟

بعد استشهاد البطل الملازم أول نبيل صالح تم ضم مجموعتي إلى السرية الثانية وعند علامة الكيلو 11 طريق الشط متلا يوجد مركز قيادة إسرائيلي في بطن تبة مرتفعة وهذا المكان يسيطر على القطاع من البحيرات المرة الصغرى شمالا حتى بور توفيق جنوبا وحرصت إسرائيل على إخفائه عن مراقبة القوات المصرية وأيضا كان المركز يشتمل على غرفة عمليات مجهزة بالوثائق والخرائط والأجهزة الإلكترونية الحديثة ووسائل الاتصال المختلفة التي تحقق له الاتصال بكافة الأسلحة المختلفة البرية والجوية وتساعد على تحقيق الإعاقة والشوشرة ضد القوات المصرية وكذلك سرعة الإنذار للقوات الرئيسية والتبليغ عن الموقف أولا بأول وتم تزويد المركز بأجهزة التكييف والإنارة والمرافق الصحية والمطابخ والثلاجات ووسائل الترفيه المتعددة علاوة على مؤن تكفي من بداخله لمدة شهور وأنشأت إسرائيل هذا المركز من الخرسانة المسلحة وفوقها خمسة طوابق من مكعبات الأحجار والقضبان الحديدية لتوفير الأمان والوقاية الكاملة ضد عمليات القصف سواء الجوي أو المدفعي بالإضافة إلى وجود نقط ملاحظة على الهيئات المشرفة وحفر للمواقع والأسلحة المختلفة ومرابض الدبابات ومدافع عيار 155 م تتحرك ذاتيا كما أنشأت إسرائيل جوار مركز القيادة محطة ضخ للمياه لإمداد القوات الموجودة بمحور متلا والنقط القوية على القناة بالمياه من خلال خطوط أنابيب مصنوعة من البلاستيك أما حجم القوات الموجودة في مركز القيادة والاحتياطات المخصصة لنجدته بحوالي 2 سرية مشاة ميكانيكي و( 2 ) سرية دبابات وسرية مقذوفات موجهة م د س س 11 .
……………………………………؟

في صباح يوم 9 أكتوبر 1973 صدرت الأوامر إلى أبطال اللواء الخامس المشاة المدعم بسرية صاعقة وكتيبة مدفعية ميدانية وسرية صواريخ موجهة مضادة للدبابات وفوج ذاتي بحركة عداد 3 سرايا وسرية قاذف لهب خفيف وسرية مهندسين عسكريين عدا فصيلة بتطوير الهجوم والوصول إلى رأس كوبري الجيش عند علامة الكيلو 12 طريق الشط / متلا وكنت مع رفاقي الأبطال وقمنا بالهجوم الصامت ليلا والوصول إلى خط رأس كوبري الجيش وحرمان العدو من خطوطه النيرانية المجهزة وتم تكليفي بتنفيذ عملية ضد القوات الإسرائيلية وكانت النتائج رائعة حيث تم تدمير الموقع الإسرائيلي الذي يضم عدد من المدافع عيار 155 ملي ( أبو جاموس ) وتم توزيع الأدوار وتمت محاصرة مركز القيادة الإسرائيلي وفي التوقيت المحدد تم الهجوم عليه بسرية مشاة من جهة الغرب وأخرى من الشمال وفوجىء العدو بقواتنا الباسلة ودار القتال بالسلاح الأبيض وفر عدد كبير من الإسرائيليين تجاه الشرق فواصلنا القتال وتطهير المركز وإخلاء أجهزة الشوشرة والإعاقة والرادارات الأرضية وأجهزة الإنذار وفي الساعة الثالثة لفجر يوم 12 أكتوبر 1973م الموافق 16 رمضان 1393هـ تمكنا من الاستيلاء على مركز القيادة الإسرائيلي .
……………………………………؟

تمت محاصرة مجموعتي واعتبرت في عداد المفقودين وواجهنا قسوة الحصار والجوع والعطش في صبر وجلد وعشنا على الطبيعة وبعد المفاوضات التي جرت بين الجانبين المصري والإسرائيلي تم التوصل إلى مكاننا وعدنا إلى حضن مصر الحبيبة وفي 28 فبراير عام 1974 كنت ضمن الدفعة الأولى المقررة لها إجازات لزيارة الأهل واستقليت القطار المجمل بالورود من محطة الجفرة بالسويس وعندما وصلت إلى القاهرة كانت جموع المصريين في استقبالي مع الأبطال بالورود والزغاريد والأفراح والطبول وفور هبوطي من القطار سجدت على أرض محطة رمسيس شكرا لله تعالى .
……………………………………؟

لم أذهب إلى منزلنا بل ذهب إلى أسرة زميلي ورفيق النضال والعزة والكرامة البطل سمير عبد الرحمن طه المقيمة في شارع الترعة بشبرا مصر وعندما عرف سائق التاكسي أننا من رجالات القوات المسلحة الذين حققوا النصر العظيم قام بتقبيلنا قائلا : ( أنتم رفعتم رؤوسنا يا أبطال ) ورفض أخذ الأجرة .
……………………………………؟

في طريقي إلى قريتي إذا بالأمطار الشديدة وكأن السماء تشاركني سلامة العودة وتغسل غيمات السحب وتنقي الكون ووصل إلى شبرا المظلات واستقليت تاكسي عن طريق قريب لي ولم يبق بيني وبين قريتي الجعافرة مركز شبين القناطر سوى 3.5 كيلو مترات فقررت قطعها مترجلا وكان الليل يغطى المنطقة بظلامه الدامس بينما كانت أنوار فرحة سلامة عودتي تنتظرني في قلوب الأسرة والأهالي والأصدقاء منهم الخال موسى وسيد وعلي عبد الشفيق والرائد فاروق عبد اللطيف شفيق والعم شاكر قاسم وأولاده وعطية ووحيد وناصر محمد عامر وشديد وعطية ورفيق وفيصل وفتوح عبد المنعم عامر وأولاد العموم وبمجرد وصولي مشارف الجعافرة إذ بالزغاريد والطبول تنطلق معبرة عن فرحة الوصول وأسرع الوالد باحتضاني أما الوالدة فسقطت على الأرض مغشية عليها من شدة الفرح
……………………………………؟

أصريت على أن يكون زفافي مع الاحتفالات بذكرى النصر العظيم ففي السادس من أكتوبر عام 1981 م تم عقد قراني ومن القدر العجيب أن زوجتي أمل قاسم محمود الابنة الوحيدة بين 7 أشقاء وأنا الابن الوحيد بين 5 شقيقات وفي الثالث من شهر يوليو عام 1982 رزقنا الله بشيماء وفي السادس من شهر أكتوبر عام 1984 بمروة وفي الثامن من شهر فبراير عام 1986 بمحمد وفي السابع من شهر أغسطس عام 1987 بفاطمة.
……………………………………؟

في السادس عشر من شهر يناير عام 1998 خرجت إلى الحياة المدنية وفي عام 2004 توفي والدي وبعده بـ 4 سنوات توفيت والدتي .

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى