الاقتصاد الإيراني في قبضة مافيا خامنئي: من الخصخصة إلى السطو الممنهج على ثروات الشعب

في الوقت الذي تتهاوى فيه البنية الاقتصادية لإيران تحت وطأة الفساد، برزت الخصخصة كأداة مركزية تستخدمها بقايا النظام الإيراني لنهب ما تبقى من مقدرات الشعب. الخصخصة في المفهوم السليم تعني تحويل الشركات الحكومية إلى كيانات خاصة لرفع كفاءتها وخفض الأعباء المالية، لكن في ظل حكم خامنئي، تحولت إلى أداة منهجية للغصب والهيمنة لصالح دوائر السلطة.
وما يجري في إيران لا يمكن وصفه إلا بعملية نهب علني لمؤسسات الدولة، تنفذه شبكات مافياوية مرتبطة بالولي الفقیه. هذه المافيا تستولي على ممتلكات الدولة تحت لافتة “الخصخصة” وبأسعار زهيدة، لتسلمها إلى مقاولين وشخصيات مقربة من مراكز السلطة، دون أن تكون لهم أي خبرة في مجالات الإنتاج أو تشغيل المصانع. الهدف ليس تطوير الاقتصاد، بل تفكيكه وتصفية أصوله لمصلحة المحسوبين على النظام.
من شركة قصب السكر في هفت تبه إلى سكك الحديد: حلقات متتالية من السطو
قضية شركة قصب السكرفي هفت تبه تمثل أحد أكثر النماذج فجاجة لهذا النوع من الخصخصة. الشركة العريقة التي كانت توظف الآلاف من العمال، بيعت في عام 2015 بثمن بخس إلى مقاولين شباب لا يمتلكون الخبرة ولا رأس المال الكافي، بل كانوا واجهة لأطراف متنفذة. النتيجة كانت كارثية: تراكم الديون، طرد العمال، توقف الإنتاج، واندلاع احتجاجات متكررة.
نموذج آخر يظهر في ملف سكك الحديد الإيرانية، حيث جرى خصخصة أجزاء منها لشركات وهمية مرتبطة بالحرس وأجهزة النظام. بدلًا من تحسين البنية التحتية، تحولت السكك إلى مصدر لجني الأرباح من خلال الفساد في التوريدات والعقود.
سرقة علنية في قائمشهر: بيع هوية المدينة بثمن بخس
وفي مثال حديث، تم بيع مصنع النسيج رقم 1 في قائمشهر – أحد رموز الصناعة الوطنية – في صفقة مشبوهة إلى أحد مقاولي الطرق بقيمة لا تتعدى 419 مليار تومان. هذه الصفقة التي تمت في عطلة نوروز 2025 دون رقابة أو شفافية، كانت بإيعاز من شخصيات نيابية مرتبطة بخامنئي، في محاولة لتصفية ما تبقى من أملاك الدولة قبل السقوط.
المشتري لا يملك أي صلة بصناعة النسيج، والمصنع على الأرجح سيتحول إلى مخازن أو عقارات استثمارية. في هذه العملية، خسر العمال مصدر رزقهم، وخسرت المدينة رمزها وهويتها الاقتصادية، بينما كسبت شبكات السلطة صفقة عقارية جديدة.
لماذا تتسارع وتيرة النهب؟
السرعة التي يتم بها التفريط في ثروات إيران توحي بشيء أبعد من الجشع. إنّها مؤشر على إدراك النظام لحتمية السقوط، تمامًا كما فعل رموز نظام الشاه في أيامه الأخيرة حين باعوا البلاد لمن يدفع. اليوم، يفعل الملالي نفس الشيء، لكن على نطاق أشمل، مستخدمين الغطاء القانوني للخصخصة، وبدعم من مؤسسات الولي الفقیه.
الحل ليس إصلاحًا… بل ثورة شاملة
لا يمكن إصلاح هذا الفساد المتجذر بقرارات إدارية أو تغييرات سطحية. التجربة أثبتت أن الخصخصة في ظل نظام خامنئي ليست سوى غطاء للنهب وتصفية الحسابات، ولن تتوقف ما لم يتم اقتلاع جذور النظام نفسه. الحل الوحيد أمام الشعب الإيراني هو ثورة شاملة تطيح بهذه العصابة الحاكمة، وتعيد الثروات إلى أصحابها الحقيقيين – العمال، الفلاحين، الشباب، وكل من حُرم من أبسط حقوقه الاقتصادية والاجتماعية.
إنّ صمت اليوم هو تسليم بالغد. إسقاط هذا النظام الفاسد لم يعد خيارًا، بل ضرورة لبقاء إيران وشعبها.