بعد الاطلاع على عدة مصادر قديمة ذكرت نسب الشيخ {أحمد الرفاعي} بأمانة بهذا الشكل على قول الذهبي و السبكي وابن خلكان : أبو العباس أحمد بن أبي الحسن علي بن احمد بن يحيي بن حازم بن علي بن رفاعه المغربي الأصل ثم البطائحي.
أتوقف مع هذا التسلسل الذي كتب بأمانه ويكفي أن يكون الرجل طاهر المولدين من أبوين معروفين. ولا أجزم بانتسابه إلى أهل البيت (ع) أو من قبيلة عربية , وذلك بسبب ما رأيته من كتابات تحقيقية وبحوث حديثة لا ترقى إلى مستوى الباحث المنصف الحيادي
حيث أن تناول الموضوع منطلق إما من عاطفة أو تعصب أعمى , كما هناك بعض الكتب القديمة وتحققت حديثا فأضيف لها موضوعات غير مطابقة للنسخة الأصلية، ولا نعلم هل هي من المحقق أو من غيره ,
هذا كما في كتاب (الثبت المصان في ذكر سلالة ولد عدنان) , فمن المستحيل أن يكتب العلامة أبو النظام الأعرج (ت 787هـ ) قذفا وشتما وانتهاكا للحرمات ويتعدى على الحدود ,فهذه ليست بأخلاق عالم معروف يتقيد بالضوابط الإسلامية واحترام الرأي الآخر , ففي المذكور وضعت وصية سميت بوصية الجرثومة المحمدية ,وهي غير موجوده أصلا في نسخة المخطوط , وما يدل على هذا التدليس إتلاف النسخة الأصلية. وأحب أن أشير إلى ما بين البحوث الحديثة هناك بحثا أكاديميا راقيا هو (ادأب الشيخ والتلميذ (المريد ) في كتاب الحكم الرفاعية للأمام الرفاعي ) للأستاذة المساعدة الدكتورة نوال كاظم محمود (جامعة بغداد / كلية الاداب / قسم التاريخ ).
ورغم أني أقدم الاعتذار عن تحقيق النسب لسبب المذكور , لكن هذا لا يمنع من أن أضع بعض النقاط المهمة التي يحتاجها الباحث في بحثه عن نسب الشيخ الرفاعي .
النقطة الاولى :ـ المشكلة الحقيقية في نسب الزاهد أحمد الرفاعي ليست في التسلسل العلوي المطروح في القرن العاشر والعصر الحديث , فهناك مخطوطات منذ العصر العباسي ممكن أن نجد فيها الاستشكال في اختلاف الأسماء ,
ولكن المشكلة تكمن فيما بعد رفاعة فمن أبوه ؟
وهل هناك إجماع من قبل المؤرخين على اسم واحد ؟
إن خير الدين الزركاني في الاعلام الجزء الاول يقول بأن اسم والد رفاعه هو المهدي بن القاسم محمد .
وابن الملقن في طبقات الاولياء قال بأن رفاعة بن يحيي بن حازم .
وأكتفي بذلك و أقول من يستطيع من الباحثين أن يجزم باسم والد رفاعة بالدليل؟
إن اهل السير كالذهبي و السبكي وابن خلكان عملوا بالأمانة العلمية؛ إذ لم يذكروا اسم والد رفاعه لأنهم لم يتوصلوا اليه باطمئنان تام .
والنقطة الثانية:ـ من خلال اطلاعي على شعر الشيخ أحمد الرفاعي لم اجده في أقواله ولو باشاره إلى انه ينتسب الى نسب هاشمي او يدعي ذلك, ما عدا تيمنه وحبه لأهل البيت (ع) فأن اسماء بناته فاطمة وزينب .
أما النقطة الثالثة والمهمة :ـ جل المؤرخين الاقدمين والمعاصرين ومؤلفاتهم تتحدث عن سيرة الخلفاء العباسيين الذين حملوا العداء لأهل البيت (ع) من ذرية الامام علي (ع) حيث بدأت باغتيال الامام جعفر الصادق (ع) بالسم من قبل ابو جعفر المنصور الدوانيقي , ثم قتل الإمام موسى الكاظم (ع) بأمر هارون الرشيد , وقتل الامام علي الرضا (ع) من قبل المأمون , ثم قتل الامام محمد الجواد(ع) على يد زوجته بأمر المعتصم , واغتيل الامام علي الهادي(ع) على يد المتوكل , وسم الامام الحسن العسكري (ع) من قبل المعتمد , ثم ملاحقة ذراريهم من الرجال حتى انتشروا في كل الأوطان ومنهم من أخفى اتصاله بالنسب الهاشمي , فمن المحتمل أن يكون أجداد القطب الرفاعي ممن أخفوا نسبهم وهاجروا من الحجاز إلى المغرب ,
ثم جاء أحمد الرفاعي الى البطائح في كور واسط , لاسيما أننا نعلم بأن ولادته كانت في العصر العباسي الثاني , و بالوقت نفسه كان اقترانه بأسرة البخاري الذي كان ذو حظ مع العباسيين ويحترمهم ويجلهم ,فكل الاحتمالات وارده لكنها تحتاج الى أدلة قطعية وهي مجرد افتراضات .
ولكن مقابل تلك الافتراضات هناك أحاديث شريفة يجب الوقوف عندها والتقيد بفحواها ولا بأس أن نأخذ اثنان منها : عن أبي ذر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله (ص) -: ( ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ) (ومن ادعى قوما ليس له فيهم , فليتبوأ مقعده من النار ) . عن ابن عباس – رضي الله عنهما –
قال: قال رسول الله (ص) -: ( من انتسب إلى غير أبيه , أو تولى غير مواليه) وفي رواية: (تولى قوما بغير إذن مواليه , فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين , لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا )
وأخيرا إن ثبت نسب القطب أحمد الرفاعي بأنه هاشمي أو من عوام القبائل العربية، فهو ذلك المؤمن الذي يقر الشهادتين , الزاهد العارف ,وهو الرجل الصالح الفقيه شافعي المذهب , أحد الأقطاب , وصاحب طريقة تلوذ بها فئة إسلامية تعتبر جزءا لا يتجزأ من المسلمين , فالأمر لا يغير من منزلة ومكانة ذلك الولي الذي اشتهر بالكرامات وتوفي وهو مستجاب الدعاء كما طلب من خالقه أن يذهب إليه جلد على عظم .
وبنفس الوقت قبره ومرقده شامخ بأعماله كمراقد الصحابة والأتباع في العراق.