كتبت / سما زياد
منذ أن تطلع عالمنا العربي فى مرآة أوروبا المتقدمة وانعكس أمام عينه مدى تخلفه عن ركب الحضارة وصدمته تلك الأفكار التقدمية المبهرة حين ارتطمت داخل عقله بموروثاته وأفكاره المتحجرة وتناثرت شظايا ذلك الارتطام فى عقول النخبة المثقفة منه حتى نتج فى مجتمعاتنا العربية ما يسمى بالازدواجية ذلك المسمى الذى طالما وضع ضمن قائمة الأمراض النفسية وقد تحول بصفته من مرض إلى سمة من سمات العصر وأصبحت تلك السمة تتخذ أشكالا حطمت كل المعايير فنجد من تخالف أفكاره تصرفاته ومن تخالف تصرفاته معتقداته فهو المثقف الواعى المتحضر حين تنحصر أفكاره فى حيز الرأى فقط وحين تقترب هذه الأفكار من دائرة حياته الفعلية نجده وبلا وعى ينصر موروثاته وأفكاره التى طالما هاجمها بل وتبرأ منها .. فالرجل فى مجتمعاتنا يؤمن بأهمية الحوار وحرية الرأي واحترام الرأى الآخر وينكر ذلك على زوجته .. يعشق المرأة الجميلة وينكر على زوجته أن تتجمل واذا سألت الرجل المتزوج عن رأيه فى الزواج أخذ يفند ويسرد الكثير من المساوئ وان عاودته متسائلا أتريد الزواج مرة أخرى اجابك نعم .. وبلا تردد ونجد المرأة تطالب بالحرية الفكرية واحترام رأيها وخصوصيتها فى الوقت نفسه الذى تنكره على ابنتها فى اقل حق من حقوقها وهو اختيار شريك حياتها وتزرع فى أبنائها من الذكور كل الموروثات التى عانت منها كامرأة طوال حياتها . ويتحير عقلك حين يصرخ الشباب مطالبين بالحرية والديموقراطية وهم يصمون آذانهم عن سماع اى رأى مخالف لآرائهم مجسدين بذلك الديكتاتورية فى امقت صورها . تلك الازدواجية هى بمثابة المخالفة لمبدأ الحياد الفكرى والذى بدوره أفقد مجتمعاتنا ذلك التوازن بين الفكر والتطبيق ومن ثم افقدها المصداقية ..