شجرة الإرهاب لا تنمو إلا في غابة التطرف،انه بات واضحا أن “داعش” أصبح يتبع تكتيكات تنظيم القاعدة في اعتماد “العمل المباشر” لترويع الغرب وإلهام المتعاطفين معه، حيث أظهرت تفجيرات باريس التطور في التفكير الاستراتيجي للتنظيم وتحوله للعالمية، أن تلك التفجيرات تعد بداية لمرحلة من التطرف كتلك التي أخرجتها لنا تفجيرات 11 سبتمبر2001. إنه امتداد لما حدث ويحدث من تدمير فظيع في العراق وسوريا ودول عربية أخرى، ولا جدوى فعلية من دحر الارهاب عالميا دون علاج جذري لمنابر ومدارس التخريب والتحريض على ما يسمونه الجهاد في شبه الجزيرة العربية التي منها تخرج أوائل الارهابيين، ومنها تلقوا ويتلقون دعما لا حدود له من أموال النفط.
إن التدخل الخليجي في سياسات ومصير دول عربية، أساء كثيرا للأمن الدولي وأخل بمعادلاته وتوازناته.
لذلك، لا بد من تحجيم الدور الخليجي ضمن حدوده الذاتية، وعدم التعامل معه كقوة تأثير دولي، ومطالبة الحكومات المعنية بوقف منابر التحريض والدعم.
وتتبع داعش تكتيكات تنظيم القاعدة. فقد أراد ت القاعده توحيد الأمة والمسلمين في العالم، من أجل تغيير الأنظمة الفاسدة والمنافقة، في المقام الأول في الشرق الأوسط. وكانت هذه الخطوة الأولى لاستعادة السلطة المفقودة ومجد الإمبراطوريات الإسلامية في القرون الوسطى وإعادة تأسيس الخلافة. وبالفعل بدأت في جلب نجاحات تذكر على المستوى المحلي حتى بدأ تنظيم القاعدة يستهدف الغرب، وتحديدا الولايات المتحدة.
يبدو أن داعش يسير بمسار مماثل. ولكنه على عكس تنظيم القاعدة، نجح بشكل نسبي في إضافة “العالمية” لتكتيكاته وأهدافه. حيث استبدل استراتيجيته المحلية في العمليات التي يقوم بها كتلك المعروفة بـ”الذئب الوحيد”، وتحول من استراتيجية التحريض غير المباشر إلى العمل المباشر الأكثر فعالية، كالذي شاهدناه في تفجيرات باريس. داعش مثل جميع التنظيمات الإرهابية، يستخدم العنف بشكل هادف. وهجماته ليست عشوائية. مشيرة إلى أنه لديه ثلاثة أهداف هما: الترويع والتعبئة والاستقطاب. فنشر الخوف من خلال – الإرهاب – في المجتمعات المستهدفة، يعني أن داعش قد يجبر القادة على اتخاذ القرارات التي لولاها ما كان سيقُدم عليها هؤلاء القادة، مثل وقف حملة القصف في سوريا، على سبيل المثال. والهدف الثاني هو أن يلهم الأنصار الحاليين وجذب آخرين جدد. أما هدفها الثالث وهو الاستقطاب، وهو الأكثر أهمية. ففي العراق وسوريا، فيلعب داعش على أي توتر داخلي في المجتمع سواء كان طائفي، قبلي، عرقي أو اقتصادي وتقوم باستغلاله. حيث أن هذا التنظيم يعلم جيدا أن المجتمع المنقسم الذي يتغذى على الكراهية والخوف المتبادل، يعد الأرض الخصبة للتجنيد