كتب محمد عبد الله سيد الجعفرى
رغم الانشقاقات والصراعات الداخلية حول قيادة الجماعة كشف الإعلام الإخواني عن عقد ورشة عمل في العاصمة الأمريكية “واشنطن” خلال الأيام القليلة الماضية، حضرها قيادات إخوانية وعصام حجي العالم المصري بوكالة ناسا، وهاجموا مصر.
وزعم إعلام الإخوان أن هدف هذه الورشة هو لم شمل القوى السياسية، مشيرًا إلى أن الذي حضرها كل عصام حجي، وعبد الموجود الدرديري القيادي الإخواني، وسوسن غريب منسق حركة شباب 6 أبريل في أمريكا، والدكتور سيف عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية، ومنذر عليوة القيادي بحزب غد الثورة.
وأشاروا إلى أنهم أصدروا توصيات تتضمن 10 بنود، أبرزها مهاجمة ثورة 30 يونيو، وانتقاد الشرطة والقضاء، كما كشف إعلام الإخوان أن هناك ورش عمل أخرى لهذه الشخصيات داخل أمريكا لاستكمال ما بدءوه، مشيرًا إلى حدوث عمل بين الحضور خلال أول ورشة؛ نظرًا لمطالبة البعض جماعة الإخوان بفصل الدين عن الدولة، واستنساخ تجربة إخوان تونس، الأمر الذي انتقده بشدة عبد الموجود الدرديري القيادي الإخواني.
وقد كشفت تلك المبادرة التي تم تدشينها خلال الساعات الماضية من قبل حلفاء الإخوان في الخارج، وبعض الشخصيات السياسية، طريقة تحركات الإخوان وحلفائها في الخارج، ووضعت علامات استفهام كثيرة حول أسباب قفز كل من الإخوان والجماعة الإسلامية من سفينة هذه المبادرة خلال الساعات الماضية.
الإخوان ومحاولاتوتناوب كل من الإخوان والجماعة الإسلامية في التبرؤ من تلك المبادرة، وإعلان رفضهما لها، رغم وجود أعضاء من كلا الطرفين حضروا ورش العمل التي تم عقدها خلال الأيام الماضية في العاصمة الأمريكية، إلا أنهم بعد الإعلان عنها رسميا، أصدروابيانات يتبرءون منها.
ويعد البند الخامس من المبادرة، هو سبب قفز الإخوان وحليفتها الأقوى من سفينة المبادرة، ورغم صياغة ورقة المبادرة بموافقة الإخوان في بادئ الأمر، فإن الجماعة غيرت موقفها 180 درجة، في الوقت الذي التزم فيه عصام حجي، الصمت حيال هجوم الإخوان على مبادرة واشنطن.البند الخامس الذي تضمن أن مصر بلا هوية، كان سبب الجدل الكبير الذي شهدته تلك المبادرة، فاضطر أصحاب المبادرة لتغييرها، في محاولة لإقناع حلفاء الجماعة على القبول بها، إلا أن الإخوان والجماعة الإسلامية فضلوا القفز من سفينة هذه المبادرة.من جانبه، قال حاتم أبو زيد، المتحدث الرسمي لحزب الأصالة السلفي، أحد حلفاء الإخوان: “أخرج القائمون على المبادرة بواشنطن مبادرتهم بعنوان (وطن للجميع) بصورة رسمية بعد لغط دار حولها تركز معظمه حول المادة الخامسة منها، وذكروا في هذا الصدد أن البند الخامس خرج في الوثيقة المسربة بطريقة مغلوطة والذي تضمن أن مصر بلا هوية”.
وأضاف في بيان له: “خرجت الوثيقة رسميًّا وبندها الخامس مغايرًا عما بالوثيقة غير الرسمية، ولكن مع التدقيق بالوثيقة سنجد أن مضامينها في غاية الخطورة على الشعب المصري وتحطم آماله في الحرية، وتقول في بندها الثاني: (الهوية المصرية الجامعة بطبقاتها المتنوعة هي العامل المشترك الموحد لعناصر الشعب المصري) وهذا فيه إنشاء لهوية جديدة للشعب المصري خلاف الإسلام، وهو الأمر الذي نصت عليه جميع الدساتير العلمانية في مصر .
في المقابل التزم عصام حجي، أحد من شاركوا في ورش عمل مبادرة واشنطن بالتعاون مع الإخوان، الصمت تمامًا دون الرد على هجوم الإخوان على المبادرة، أو إعلانهم رفضها رغم مشاركتهم فيها.
الإخوان ومحاولاتمن جانبه، قال اللواء يحيى الكدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان: إن خروج الجماعة وحليفتها من سفينة هذه المبادرة لتيقنهم من فشلها، وعدم قبول الشعب المصري بها، فجميع محاولات الجماعة للعودة للمشهد السياسي بتعاون مع دول إقليمية باءت بالفشل.
وأضاف وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، أن الشعب المصري لن يقبل بمبادرات يتم صياغتها خارج حدود الوطن، كما أنه يعلم الهدف الحقيقي منها، مما اضطر الإخوان للخروج والتبرؤ منها كي لا يلصق الفشل إليهم.
وفي السياق ذاته، قال النائب أحمد إمبابي، وكيل لجنة الشئون العربية بالبرلمان: إن الإخوان تبحث فقط على مصالحها، وبعد أن تيقنت أن هذه المحاولات التي يتم القيام بها في أمريكا لعودتهم للمشهد السياسي لن تنجح خرجت للتبرؤ منها.
وأضاف وكيل لجنة الشئون العربية بالبرلمان أن أي مبادرة ستخرج بها الجماعة خلال الفترة المقبلة سيكون مصيرها الرفض، ولن يقبل الشعب المصري بها.
الإخوان ومحاولاتبدوره قال هشام النجار، الباحث الإسلامي: إن هناك خلافًا حول بندين أساسيين، هما إشكالية علاقة الدين بالدولة وهوية الدولة ومسألة شرعية مرسي، وهما نقطتان تمثلان أكبر نقاط الخلاف، ليس فقط بين الإخوان وبعض القوى الثورية والشبابية، إنما أيضاً داخل الإخوان وبين الإخوان وحلفائهم الإسلاميين.
وأضاف أن هذه المبادرة وتلك الوثيقة كانت لأهداف محددة والمخاطب بها الخارج والولايات المتحدة والغرب بشكل أساسي بعد الانتقادات الغربية المتلاحقة للمعارضة عموماً ولدور الإخوان غير القادر على خلق تجانس وتوحد في صفوفها، والمتابع يدرك تباينات وخلافات بين مواقف الإخوان وخطابهم ورسائلهم للغرب مقابل بياناتهم ومواقفهم الموجهة للداخل ولجمهور الحالة الإسلامية، بدليل أن هناك رموزًا محسوبين على الإخوان تصدروا تدشين الوثيقة مقابل مواقف أخرى تتبرأ منها فلا تخسر الجماعة قواعدها وزخمها الإسلامي، ولا تفقد حليفها الغربي.
وفي الوقت الذي انتقدت فيه قيادات باللجنة الإدارية العليا للجماعة، القيادات التاريخية برفض المبادرة، معتبرين ذلك موقف غامض غير واضح، أيدت قيادات أخرى من اللجنة رفض شيوخ الجماعة للمبادرة، الأمر الذي يظهر الانقسام داخل القيادة الجديدة للجماعة.وتجلى الانقسام داخل الجبهة الجديدة للجماعة، عندما أعلن عز الدين دويدار دعمه للمبادرة بعدما رفضتها الجبهة بشكل رسمي.
وقال عز الدين دويدار، القيادي الإخواني، في تصريحات له عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، “بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا، أنت لما اعترضت على مبادرة واشنطن كنت قبلها قرأت نسختها الأصلية؟ طيب هل إحنا فاهمين الفرق بين أن يكون فيه وثيقة أو مبادرة لوضع إطار للتفاهم، وبين وثيقة أو مبادرة متقدمة للتوافق والمصالحة؟”.
وأضاف: “هل أنت فاهم أن مبادرة واشنطن ليست مبادرة للمصالحة، وأنها مجرد جهد لهيكلة العلاقة بين حلفاء الإخوان، هو ليه إحنا عصبيين كده وبنشتم قبل ما نفهم”.وفي ذات السياق، اعترف عصام تليمة، مدير مكتب يوسف القرضاوي السابق، بعدم وجود أهداف واضحة للإخوان خلال الفترة الحالية، وعدم وجود خطاب سياسي واضح أيضًا.
وقال “تليمة” في تصريح له عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “للأسف كان من أخطاء خطابنا السياسي كإخوان، إننا عارفين احنا مش عايزين إيه، ورافضين إيه، فخطابنا كان معظم عباراته: لا لكذا، ولا لكذا، لا نريد كذا، ولا نريد كذا”.
وأضاف تليمة: “طيب حضرتك ماذا تريد؟ عايز إيه؟ وإيه أدواتك للي أنت عايزه؟ وانتقلت عدوى خطابنا السياسي لكل من وقف معنا واقترب منا، حتى أصبحنا شُطَّار في ماذا نرفض، ولا نحسن التعبير عما نريد، والسبيل لتحقيقه.. اقرءوا ردودنا على كل المبادرات سواء كانت صح أو غلط، متفق معها أو مختلف، كل تعليقاتنا منذ عزل مرسي في الجانب السلبي، لكن الجانب الإيجابي، لا نبادر بشيء”.
وتابع: “لا تجد لنا مبادرة واضحة بماذا نريد؟ ممكن بعد شهر اتنين تلاتة يقعد كل من يقول لا على أي شيء، يكتب لنا رؤيته القائمة على نعم لكذا، نريد كذا”.
الإخوان ومحاولات
في المقابل قال عمرو دراج، رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان في الخارج: إن مبادرة واشنطن، التي أعلن عنها بعض حلفاء الإخوان لم يتم التمهيد لها، وانطلقت من مكان مثير للجدل، كما حوت مادة صادمة للغالبية تتحدث عن أن “الدولة لا هوية ولا مرجعية لها إلا مدنيتها”.
وأضاف دراج في مقال له: “محاولة طرح مثل هذه المبادئ والوثائق والإعلانات سيؤدي دائمًا إلى تفخيخ العمل، ولن يصل إلى الغرض الذي تفرضه طبيعة المرحلة من تحقيق أكبر قدر ممكن من الإجماع، ولهذا فأنا أبدي تحفظي المبدئي على مجرد إصدار مثل هذا الإعلان”.
وأشار رئيس المكتب السياسي للإخوان في الخارج إلى أن مبادرة واشنطن تضمنت ألا يتدخل الدين في الدولة، ولا تتدخل الدولة في الدين، وهو ما جعل الكثير يأخذ موقفًا عدائيًّا منها، وأن هناك بعض المشاركين في المبادرة طرحوا أن تكون مصر بلا هوية، ولكن تم التحفظ على هذا الرأي.الإخوان ومحاولات .وبدوره،
علق محمد البر، القيادي الإخواني، على مبادرة واشنطن قائلًا: “بصرف النظر عن الموقعين عليها، ودون الخوض في نياتهم، وكذلك أيضًا مع تقديم الشكر لهم على ما يبذلون من جهد، فمن المعلوم أن هذه المبادرة ليست الأولى، ومن المؤكد أنها لن تكون الأخيرة، وكذلك فإن كل مبادرة مثيرة للجدل طُرحت، كان من الموقعين عليها عدد غير قليل من الموقعين على هذه المبادرة،
ومن المتوقع أيضًا بعد أسبوع أو اثنين أو أكثر أو أقل، أنهم سيوقعون على مبادرة جديدة، بإضافة بعض الشخصيات الجديدة، لكنها ستبقى كسابقاتها، مبادرات خالية من الروح، وإن شئت فقل: منزوعة الدسم، عديمة الفائدة، سيهيل عليها مقدموها التراب كما أهالوه على ما سبقها”.
وأضاف في بيان له، أن “هذه المبادرات صارت استنزافًا لتحركات الإخوان، وتفريقًا لمن كانوا سابقًا على قلب رجل واحد من ناحية أخرى، وإن زعموا أنها لإعادة الاصطفاف من جديد، فقد أصبح مصطلح إعادة الاصطفاف كالمصطلحات التي أفرزتها الحقبة الشيوعية، يتناولها الناس دون إدراكٍ لمعانيها، أو لمراميها”.وتابع: “بالله عليكم، كفى مبادرات من هذا القبيل، وابحثوا لنا عن أمور عملية جديدة، تساهم في دفع العمل”.