اسليدرالاسلاميات

الإسلام والرفق بالحيوان

زرقاء اليمامة – جيهان أحمد عثمان

للإسلام السبق فى التنبه بحقوق الحيوان برغم أن المنظمات الدولية التى تنادى بالرفق بالحيوان لم تلتفت لهذا الأمر إلا فى القرن العشرين ، ومن الملفت للنظر أن الإسلام يعتبر هذه الحقوق من الأمانات …

ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة فى معاملة الحيوانات ، والسنة الشريفة مليئة بالمواقف التى تدل على حبه وعطفه صلى الله عليه وسلم على الحيوان .

ورد فى الصحيح عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم ، قال : لعن الله من مثل بالحيوان .

وفى رواية لعن الله من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا .(( سنن الدارمى ص 1973 )) ومثال ذلك من تعذيب بعض من مالكى الحيوانات عن طريق كيها بعلامة معينة .

ومن أعظم أمثلة الرفق بالحيوان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه أبو هريرة رضى الله عنه : بينما رجل يمشى بطريق ؛ إذ اشتد عليه العطش ، فوجد بئرا ، فنزل فيها فشرب وخرج ، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذى بغ منى ، فنزل البئر ، فملأ خفه ، ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب ، فشكر الله له ،فغفر له . فقالوا : يارسول الله ! وإن لنا فى البهائم لأجرا ؟ فقال : فى كل كبد رطبة أجر . (( السلسلة الصحيحة للألبانى ))

* شبهة الذبح (( النحر )) : من الشبهات التى يُهاجم بها الإسلام هى ذبح الحيوانات ، ونرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر باتباع طريقة الذبح المشروعة فى الحديث الشريف ، فأمر صلى الله عليه الصلاة والسلام بإحداد الشفرة وإراحة الذبيحة .

فعن شداد بن أوس رضى الله عنه ، يقول صلى الله عليه وسلم : إن الله كتب الإحسان على كل شئ ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته . (( أخرجه مسلم وأصحاب السنن الأربعة ))

وهذا الحديث ينفى مايطلق على الإسلام من قسوة ووحشية ‘ وضحد الادعاء بأن ذبح هذه الحيوانات ليس من الإنسانية .

نتعرض هنا لحكمة الذبح أو ( النحر ) كما يطلق عليها فى مناسك الحج . ونحر الذبائح فى أيام الحج وأيام التشريق مع ذكر اسم الله تعالى عليها . لماذا ؟ لأن النحر المقصود به التقرب إلى الله تعالى .

وقصة النحر لها ذكرى ، وهى ذكرى فداء إسماعيل عليه السلام ، وجل ما تدل عليه القصة على طاعة أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام لأوامر ربه .

يقول الله تعالى : { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ{101} فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ{102} فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ{103} وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ{104} قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ{105} إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ{106} وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ{107} … الصافات والأمر من أكل لحم الذبيحة أمر مستحب وهدفها إطعام البائس الفقير بل يصل لدرجة الوجوب وينتهى الإحرام بالنحر ( التحليل ) وبهذا تنتهى أركان الحج .

والربط بين النحر وتقوى القلوب والشعائر والمناسك هى رمز لهذه التقوى … والنحر كان معروفا فى شتى الأمم للتقرب من الله تعالى : {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }الحج34

* من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم توضح وصيته بالحيوان :
* جاء عند الطبراني في «الكبير» بسند جيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فوجد ناقة معقولة، فقال: (أين صاحب هذه الراحلة؟) فلم يستجب له أحد، فدخل المسجد، فصلى حتى فرغ، وخرج فوجد الراحلة كما هي، فقال: (أين صاحب هذه الراحلة؟) فاستجاب له، فقال: أنا يا نبي الله، فقال: (ألا تتقي الله عز وجل فيها؟ إما أن تعقلِها، وإما أن ترسلها حتى تبتغي لنفسها).

* وأُخرج فى الصحيح من حديث أبو هريرة رضى الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دَخلت امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ حبسَتْها حتى ماتت، لا هي أطعمَتْها وسَقَتْها إذ هي حبستْها، ولا هي أرسَلتها تأكلُ من خَشاش الأرض)

* حديث عبد الله بن العاص رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله صلى الظهر فوجد ناقة معقولة ، فقال : أين صاحب هذه الراحلة ؟ فلم يستجيب له أحد .

فدخل المسجد فصلى حتى فرغ ، وخرج فوجد الراحلة كما هى ، فقال : أين صاحب هذه الراحلة ؟ فاستجاب له ، فقال : أنا يانبى الله . فقال : ألا تتقى الله عز وجل فيها ؟ إما أن تعقلها ، وإما أن ترسلها حتى تبتغى لنفسها . ((ذكره الطبرانى فى الكبير بإسناد جيد ، وكذلك الهيثمى فى مجمع الزوائد ))

* حديث سهل بن الحنظلية رضى الله عنه قال : مر رسول الله ببعير قد لحق ظهره ببطنه ، فقال : اتقوا الله فى هذه البهائم المعجمة ، فاركبوها صالحة ، وكلوها صالحة – وفى رواية فاركبوها صحاحا – (( رواه أبو داود فى سننه ، والطبرانى وصححه ابن خزيمة ))

* الإسلام وحقوق الحيوان :
بعد العرض السابق نعرض تساؤل ونجيب عليه ، هل للإسلام فلسفة خاصة بحقوق الحيوان ، نرد بالإيجاب ونعرض الأسباب :

1- الرفق عامة بالكائنات الحية مبدأ اسلامى وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وأرضاها (( إن الله رفيق يحب الرفق فى الأمر كله))

2- لقد لفت الإسلام الأنظار لأهمية الحيوان فى حياة الناس فقد روى عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال : ((الخيل معقود بنواصيها الخير )) صحيح أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من طرق كثيرة ‘ وقد ذكر الله تعالى فى آى الذكر الحكيم منافع تلك الحيوانات : {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }النحل8

3- أشار القرآن الكريم على أن الكائنات الحية من الحيوانات والطيور أمم تماثل أمم البشر {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38

4- إن الإحسان للحيوان يصل إلى درجة المغفرة ، وقد روى عن أنه قال : بينما رجل يمشي بطريق ؛ إذ اشتد عليه العطش ، فوجد بئرا ، فنزل فيها فشرب وخرج ، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني ، فنزل البئر فملأ خفه ، ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب ، فشكر الله له ، فغفر له .

فقالوا : يارسول الله ! وإن لنا فى البهائم لأجرا ؟ فقال : فى كل ذات كبد رطبة أجر . (( سبق تخريجه ))

ومن ناحية أخرى جعل الله تعالى عدم الاهتمام بالحيوان والقسوة عليه من أسباب العقاب ، فقد روى أيضا عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال : دخلت امرأة النار فى هرة ، حبستها فلا هى اطعمتها ولاهى تركتها تأكل من خشاش الأرض . (( صحيح فى الصحيحين وأخرجه الألبانى فى الصحيحة ))

5- هناك فرقا شاسعا بين نظرة الإسلام فى الرفق بالحيوان ونظرة جمعيات الرفق بالحيوان من جهتين أساسيتين :

• الإسلام سبق هذه الجمعيات فى الزمن فقد نشأت ول جمعية للرفق بالحيوان فى انجلترا فى أوائل القرن التاسع عشر .

• نظرة الإسلام للرفق بالحيوان أعمق من تلك الجمعيات فنظرتها أخلاقية ؛ لكن نظرة الإسلام تقوم على أسس تشريعية وقد نوهنا ف النقطة الرابعة على أن متبعها يُثاب ، وتاركها يُعاقب .

6- الإسلام يلعن من يُعذب الحيوان ، فقدر روى عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن الضرب على الوجهه وعن الوسم كما روى مسلم فى صحيحه .

* ماهى حقوق الحيوان فى الإسلام :

1- الطعام والسقاية . لقوله صلى الله عليه وسلم فى كل رطبة أجر .

2- لاتُعذب ولاتُؤذى . فقد روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال من حرق هذه قلنا نحن قال إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار . (( أخرجه أبو داود والألبانى فى الصحيحة ))

3- لانتخذ من تعذيبه ملهاة . وهذا مانراه الآن فى مسابقات مصارعة الديكة فى الهند ، ومصارعة الثيران فى اسبانيا ، واطلق عليه صلى الله عليه وسلم اسم ( التحريش ) فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم ، عن ليث عن مجاهد عن ابن عم رضى الله عنهما (( أنه كره أن يحرش بين البهائم )) (( أخرجه أبو داود والبخارى فى الأدب المفرد ))

س ماهو التحريش ؟ (( التحريش بين البهائم هو تسليط بعضها على بعض وكان من العرب من يأتون بكبشين أو ثورين يتناطحان حتى يهلكا أو يقاربا الهلاك وهم يتفرجون ويضحكون )) .. أخرجه الألبانى فى غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام.

4- عدم لعن الحيوان ففى صحيح مسلم أن امرأة كانت على ناقة فضجرت فلعنتها ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بإعراء الناقة مما عليها وإرسالها عقوبة لصاحبتها .. رواه مسلم .

5- نحسن الذبح أو القتل فيه لقوله صلى الله عليه وسلم (( أن الله كتب الإحسان على كل شئ ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليرح أحدكم ذبيحته وليحد شفرته )) .. رواه مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجة والدارمى وأحمد .

وفى النهاية نوقن مما سبق أن الإسلام كان له السبق فى حقوق الحيوان وهذه التعاليم تنسف الإفتراءات التى يفتريها البعض عن الإسلام .

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى