خُلِق الإنسان علي الارض لعمارتها وإقامة الخير فيها، فُطِر على السلام وعدم التعدي على حقوق الآخرين وترويعهم، لكن النفس البشرية تنجرّ كثيراً إلى حكم الشيطان، ويتلاعب بها، فيجعل الإنسان يروّع أخاه الإنسان ويتعدى على حقه في الحياة، وعلى ماله، وعِرضه، ودينه، وهذا ما يُسمى في عصرنا الحديث بمصطلح الإرهاب.
الإرهاب وما فيه من تعدٍ قاسٍ على آمن الآمنين وترويعٍ لحياتهم، يمثل حالةً من الهمجية المبطنة التي يغلفها أحياناً بطابعٍ ديني ليستروا به عورة أفعالهم، فيدّعون وهماً بأن قتل الآخرين هو بإسم الدين، لكن الدين براءٌ منهم، فالله تعالى لم يُعطٍ لأي شخصٍ حق سلب حياة الآخرين أو التعدي عليهم، حتى وإن اختلف معه في الدين أو في العِرق.
يقوم الإرهاب بالدرجة الأولى على الإثم والعدوان، فكم من روحٍ أُزهقت بسببه، وكم من صروحٍ دمرها عنف الإرهاب وأحالها إلى رمادٍ وهباءٍ منثور، فالإرهاب وسيلةٌ للتعدي على الأبرياء وإفساد حياتهم، وهو ضد الإنسانية، فلا يمكن أن يجتمع في نفس الإرهابي حب الخير والتعدي على الآخرين في الوقت نفسه.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف، في إشارةٍ لنبذ العنف والإرهاب وتحريمه: ”من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي”، وهذا إن دلّ على شيء، يدلّ على أن الإسلام هو أول محاربٍ للإرهاب، وهذا ما يجب أن يعرفه العالم أجمع، خصوصاً أن الإرهاب أصبح متفشياً في المجتمع الدولي، وأصبح الكثيرون يُلقون بثقل أفعاله على الإسلام، بسبب فئةٍ ضالةٍ تدعي أنها مسلمة، والإسلام منها براء.
لم يعد يقتصر الإرهاب على المجتمعات المغلقة، ولا على الأفراد والجماعات الصغيرة، بل أصبح يُدار على مستوياتٍ تنظيميةٍ إقليمية ودولية، تُدار من قبل جماعاتٍ خارجةٍ على قوانين الدين والأخلاق والدول، وأصبحت هذه الجماعات تتبنى الأعمال التفجيرية والانتحارية التي تحدث على مستوى الدول الكبرى، مما زاد من خطورة الأمر، وجعل محاربة الإرهاب من أولى أولويات الدول، ويجب أن يكون هناك حلٌ جذري لهذه الظاهرة للقضاء على الإرهاب من جذوره واقتلاع جميع الإرهابيين الذين جرفتهم الأفكار المسمومة والعقليات المريضة، والفئات الضالة وخصوصاً أن الإرهاب أصبح يحصد الأرواح بالعشرات، ولم يعد يقتصر على فردٍ واحدٍ أو اثنين، مما زاد من خطورة الوضع، ولهذا يجب أن يقف المجتمع الدولية مجتمعاً وصفاً واحداً في وجه الإرهاب، وأن يقاومه بكل ما فيه وأن يحاربه وأن ينتصر عليه
<< اقتراحات لحل مشكلة الارهاب >>
يتطور الارهاب اسرع ما تتطور أدوات مواجهته , فهو ينمو وينتشر ويرواغ كفيروس يتمحور اسرع من سرعة المناعة على إنتاج اجساد مضادة , والمفارقة الغريبة ان التنظيمات الارهابية المتطرفة الرجعية المعادية للحداثة والتجديد والابداع هى الأقدر على الأبداع وإبتكار أدوات للإنتشار !!
بينما الدول النظامية التى هى احد مكتسبات العصر الحديث تسيطر عليها الافكار الروتينية والتقليدية فى المواجهة
فالارهاب هو منتج لحالة تطرف كان سببها عدم تطوير خطابات دينية او سياسية تحولت لأفكار متطرفة كان يمكن مواجهتها بأدوات المجتمع المدنى الفكرية والاجتماعية والثقافية والفنية فهذه هى المسئولية التى تتحملها النخبة فى أي دولة وهى قيادة عملية التنوير، وبناء الوعي، خاصة في مرحلة ما بعد الاهتزازات السياسية الكبرى او فى اوقات التحديات الكبرى .
كونها تعد في مقدمة القوى الناعمة لأي دولة، دفاعًا عن مصلحتها الوطنية، في إطار بناء أمنها القومي ،لذلك لابد من تطوير استراتيجيات مواجهة الارهاب والتطرف بمزيد من الافكار خارج الصندوق وبمساندة كل القوى الابداعية فى المجتمع ويأتى على رأسها مؤسسات المجتمع المدنى بكافة تنويعاته , والمقصود بالمجتمع المدنى هنا هو
” مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التى ينشئها المواطنون لتحقيق مصالح افرادها او لتقديم خدمات للمواطنين او لممارسة انشطة انسانية متنوعة “
مثل الجمعيات الاهلية والنوادى الرياضية والاجتماعية ومراكز الشباب والاتحادات الطلابية وجمعيات رجال الاعمال والنقابات المهنية والنقابات العمالية , والكيانات الدينية كالطرق الصوفية وهذه المنظمات والمؤسسات جميعا قادرة لو عبئت قواها ومارست انشطتها فى كل انحاء المجتمع على القيام بدور فعال فى مواجهة الارهاب والتطرف.
**أدوار المجتمع المدنى فى مواجهة الارهاب
1_ المشاركة فى وضع وتخطيط استراتيجيات وبرامج وخطط لمواجهة الإرهاب فى المجالات الفكرية والثقافية والفنية والاجتماعية
2_ عمل تنظيمات تطوعية للمواطنون لتحقيق مصالح افرادها او لتقديم خدمات للمواطنين او لممارسة انشطة انسانية متنوعة “
مثل الجمعيات الاهلية والنوادى الرياضية والاجتماعية ومراكز الشباب والاتحادات الطلابية وجمعيات رجال الاعمال والنقابات المهنية والنقابات العمالية , والكيانات الدينية كالطرق الصوفية وهذه المنظمات والمؤسسات جميعا قادرة لو عبئت قواها ومارست انشطتها فى كل انحاء المجتمع على القيام بدور فعال فى مواجهة الارهاب والتطرف
3_ نشر ثقافة التسامح والاستنارة من خلال أنشطتها المتنوعة فإنها تساهم بشكل حقيقى فى تحصين المواطنين ضد التطرف والاستجابة لمحاولات تجنيدهم للمنظمات الإرهابية .
4_ تشجیع برامج وانشطة نشر ثقافة الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر، و نشر ثقافة إنماء الحس الوطني والوحدة الوطنیة لدى المواطن .
5_ لعب دوراستشاري إيجابي لاستبدال برامج مواجهة الإرهاب التي لم تنجح لأي سبب کان .
6_ تقليل المسافات وردم الهوة وتخفيف الصراعات الموجودة فى المجتمع بين كافة طوائفه من خلال توفير أجواء مناسبة وآمنة للنقاش والحوار المجتمعى لحل كافة المشكلات وحصار التوتر الطائفى او القبلى او الدينى .