كتب / جمال عبد الناصر ومحمد وجيه اكد وزير الأوقاف أ.د محمد مختار لقد دفعني إلى كتابة هذا المقال دفعا ودون أي تردد ما نشرته صحيفة الجمهورية في عددها الصادر يوم الأربعاء 19 / 8 / 2015م على لسان/ محمد رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان المعزول محمد مرسي رئيس الأهل والعشير من الجماعة الإرهابية ، الذي لم يكن رئيسا لكل المصريين ، ولم يكن يصلح لا هو ولا جماعته لذلك ، فقد أكد ” الطهطاوي ” أنه كان صديقا شخصيا للمعزول فاختاره رئيسا لمكتبه ، أي أن أهم مقومات الاختيارهي الصداقة والولاء ، وقبل وصول مرسي إلى الحكم لم يكن يظهر على ” الطهطاوي ” هذا أي ملامح للانتماء الإخواني ، حتى أكثر الكارهين للإخوان ممن عرفوه قبل توليه هذه المهمة لم يكتشفوا حقيقة ولائه وانتمائه للإخوان ، ولذلك دلالتان :
الأولى : مدى قدرة هؤلاء وتدربهم على التنكر وإخفاء الهوية ، مع التقية والخداع ، أما الدلالة الأخرى فهي حرص هذه الجماعات وبخاصة جماعة الإخوان الإرهابية على زرع قياداتها وعناصرها من الصف الثاني إلى الطابور الخامس في المؤسسات الهامة والمؤثرة ، وبخاصة المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية والتربوية والخدمية والاجتماعية ، وكل ما يتصل بالتعامل المباشر مع الناس ، كسبا لودهم وتأييدهم ، أو عملا على السيطرة على عقولهم وتوجيههم لصالح الجماعة وتنظيمها الإرهابي الدولي .
ولاشك أننا يجب أن نفكر جديا في مواجهة هذا الاختراق من خلال اتخاذ إجراءات حاسمة تنتهي إلى إبعاد العناصر غير الوطنية التي تُؤْثِر المصالح الضيقة على المصالح العليا للوطن ، أو تنتمي لتلك التنظيمات الدولية التي يكون ولاؤها للتنظيم الدولي على حساب أوطانها ، فيجب أن يبعد هؤلاء جميعا عن دوائر صنع القرار ، سواء أكانوا قياديين ، أم خبراء ، أم مستشارين ، وأن يدقق كل مسئول فيمن يختاره من معاونيه ، والمحيطين به ، وأعضاء مكتبه ، وصولا إلى سائر الموظفين حتى السعاة ، وقد اكتشفت من خلال تجربتي أن هذه الجماعات توظف كل طاقة ممكنة حتى سائقي المسئولين وسعاة المكاتب لصالحها ومصالحها ، واختراق المؤسسات لحسابها ، وتجنيد من تستطيع تجنيده من القيادات لخدمة أغراضها .
وأرى أن اختيار أي قيادة ينبغي أن يتضمن ثلاثة شروط أساسية هي : الكفاءة والأمانة والوطنية ، والمراد بالوطنية هنا أن يكون انتماء الإنسان لوطنه خالصا لا شائبة فيه ولا غبار عليه ، بما يجعله يُؤْثِر مصلحة الوطن على جميع المصالح الحزبية والشخصية وعلى أي إغراءات أو تهديدات ، وأن يكون انتماؤه وولاؤه الحقيقي لوطنه لا لهذه الجماعة أو تلك ، وقد سمعنا بعض قيادات الجماعة الإرهابية وهو يتحدث عن بلده فلا يقيم للوطنية أو مفهوم الدولة أي وزن ، ذلك لأنهم لا يؤمنون بوطن ولا دولة وطنية ، إنما ولاؤهم لتنظيمات دولية تعمل على إثارة الفوضى في أوطاننا ، وتتخذ من هذه العصابات رأس حربة في هدمها ، وتغريها بالمساندة في الوصول إلى سُدَّة الحكم ودعمها ماليا ودوليا للوصول إلى ذلك ، غير أن هؤلاء قد لا يدركون أن شعوبنا قد شبت عن الطوق وصارت تميز تمييزا واضحا بين الوطنيين المخلصين والخونة والعملاء والمأجورين ، ومن يتواصلون سرًا مع أعداء الأمة ، سواء أكان تواصلا مباشرًا أم عبر وسائط ووسطاء ؛ لذا يجب أن تراقب حركة سفر أعضاء هذه الجماعات إلى الخارج واستقبالهم لمبعوثيهم مراقبة دقيقة ، كما يجب رصد أي اتصالات ، وأن يجرم التواصل مع أي جهة معادية أو جهة يؤدي التواصل معها إلى زعزعة الأمن والاستقرار ، وبخاصة الأفراد الذين لا تتطلب أعمالهم أو وظائفهم عقد اللقاءات المشروعة التي تتم تحت بصر الدولة وسمعها ، ومن خلال التنسيق مع وزارة الخارجية والجهات المعنية بالدولة .
كما ينبغي مراقبة قضايا التمويل الأجنبي ، وقضايا غسيل الأموال والصفقات المشبوهة مراقبة دقيقة واعية ، وأن يتابع ما يظهر من ثراء فاحش وسريع على عناصر هذه التيارات بما لا يناسب أبدًا دخلها أو حجم وطبيعة أعمالها متابعة دقيقة واعية .
ويجب أن نتحلى جميعًا بالإيجابية والشجاعة الكافية لمواجهة هذا الاختراق ، وأن ندرك أن القضية قضية دين ووطن ووجود ، فهذه الجماعات الإرهابية وعناصرها خطر على الدين لأنهم يشوهون وجهه الحضاري ، ويلبسونه ثوبا غير ثوبه بأعمالهم التخريبية ، وانتهاج بعضهم القتل وسفك الدماء منهجا ومسلكا ، وفتواهم المثيرة للدهشة والاستغراب ،كما أنهم خطر على الوطن ، لأنهم يبيعون أوطانهم لأعدائهم بثمن بخس أو بوعود مكذوبة متوهمة ،كما أنهم خطر على وجودنا وعلى الأمن العام ، بما يقدمون عليه من عمليات إجرامية وانتحارية ، واستهداف الآمنين ، والزج بشباب الوطن إلى المهالك دون وازع أو رادع من دين أو خلق أو وطنية أو آدمية أو ضمير إنساني حي .
على أن المرحلة المقبلة وبخاصة تلك التي تسبق إجراء الانتخابات البرلمانية أو تتزامن مع إجرائها تقتضي مزيدًا من اليقظة لمحاولات هذا الاختراق ، والتصدي له بقوة وحسم ، وألا نسمح باستخدام مقدرات الدولة لدعم أي شخص أو حزب أو فصيل ، وأن نُؤْثِر المصلحة العليا للوطن على كل اعتبار أو أي اعتبار آخر