الآلاف يتظاهرون من أجل إيران حرة في بروكسل… والإعلام يصمت!
في مقال نشرته الكاتبة ليلى جزائري على موقع “Yorkshire Bylines” البريطاني، تم تسليط الضوء على التعتيم الإعلامي الغربي الذي واجه أكبر مظاهرة للمعارضة الإيرانية في أوروبا. فبينما نزل عشرات الآلاف إلى شوارع بروكسل للمطالبة بإيران حرة، اختارت وسائل الإعلام الكبرى الصمت، مما يطرح تساؤلات جدية حول سياسة استرضاء طهران، وانتهاك معايير الصحافة، وغياب المساءلة أمام الجمهور.
في 6 سبتمبر 2025، ملأ عشرات الآلاف من الإيرانيين شوارع بروكسل في أكبر تجمع للمعارضة الإيرانية في أوروبا، احتفالاً بالذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية . كان جوهر المظاهرة هو دعم “الخيار الثالث” الذي طرحته السيدة مريم رجوي: لا للحرب، لا للاسترضاء، بل تغيير النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة.
حضور دولي بارز وتجاهل إعلامي متعمد
أكدت قائمة المتحدثين على أهمية الحدث، بقيادة السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، التي عرضت مرة أخرى خطتها لإيران علمانية وديمقراطية وغير نووية. وانضم إليها مجموعة من الشخصيات الدولية البارزة، من بينهم مايك بنس، نائب رئيس الولايات المتحدة السابق؛ وغي فيرهوفشتات، رئيس وزراء بلجيكا السابق؛ وأليخو فيدال كوادراس، نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق وأحد ضحايا إرهاب النظام الإيراني؛ وجون بيركو، رئيس مجلس العموم البريطاني السابق، وغيرهم الكثير.
لم يكن هذا التجمع هامشيًا، بل كان حشدًا سياسيًا بارزًا في قلب الاتحاد الأوروبي، ضم شخصيات سياسية كبرى على المنصة وعشرات الآلاف في الشوارع. ورغم حجمه وأهمية المتحدثين فيه، كانت التغطية الإعلامية شبه معدومة في وسائل الإعلام الرئيسية. لقد تم التعامل مع مظاهرة كبرى في بروكسل، تضم بعضًا من أبرز الأسماء السياسية في الغرب، كما لو أنها لم تحدث قط.
سياسة الاسترضاء وعواقبها على الإعلام
يشير المقال إلى أن هذا الصمت لا يمكن فصله عن سياسة الاسترضاء الأوسع تجاه طهران التي اتبعتها العديد من الحكومات الغربية لعقود. فقد اعترف دبلوماسيون أوروبيون بأن أحد الشروط الأولى التي يطرحها النظام الإيراني في أي مفاوضات هو تقييد أنشطة منظمة مجاهدي خلق.
بالإضافة إلى ذلك، قادت طهران حملة تشويه شيطانية ضد معارضتها الرئيسية، بهدف إقناع العالم بأنه “لا بديل” لحكمها. وفي كثير من الأحيان، رددت الحكومات الغربية هذه الرواية أو تماهت معها، بدلاً من تحديها. إن الخوف من البديل الديمقراطي المنظم الذي يمثله المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق، يُترجم إلى ضغط على الحكومات الغربية لعزل الحركة.
هذا الضغط السياسي يتسرب حتمًا إلى وسائل الإعلام. فالقائمون على التحرير، سواء بوعي أو بغير وعي، يعملون ضمن المناخ الذي تخلقه سياسات حكوماتهم. وعندما تعامل الحكومات منظمة مجاهدي خلق كورقة مساومة في المحادثات مع طهران، تتبع غرف الأخبار نفس المنطق، فتقوم بتهميش أو إسكات تغطية الحركة، بغض النظر عن قدرتها على حشد عشرات الآلاف في قلب أوروبا.
الوعد المكسور للصحافة
خلص المقال إلى أن مظاهرة بروكسل سلطت الضوء على حقيقتين: القوة المستمرة للمقاومة الإيرانية في المنفى، وهشاشة المعايير الصحفية عندما يتدخل السياسيون. إذا سار عشرات الآلاف في بروكسل ووقف شخصيات دولية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على نفس المنصة مع مريم رجوي، وظلت معظم الصحافة صامتة، فهذا يعني أن هناك خللاً ما. واجب الصحافة هو أن تعكس الواقع، لا أن تمحوه.
إن صمت وسائل الإعلام قد كسر المعايير التي تدعي التمسك بها – الدقة والحياد والمسؤولية تجاه الحقيقة. ويجب على المحررين أن يسألوا أنفسهم: عندما يحكم التاريخ، هل سيُذكر صمتهم على أنه حياد، أم تواطؤ في التستر على نضال شعب من أجل حريته؟