يعاني الفن والفنانون في إيران من ظروف غاية في القسوة والرقابة والصعوبة حيث لا يجدون لأنفسهم ساحة ومساحة لعرض فنهم وخلق موهباتهم الفنية والثقافية إلا وأن يقبلوا بالمتاجرة بها من أجل الحكم الديني القائم في إيران منذ أربعة عقود.. ووصل الأمر إلى حد توصف إيران في الكثير من الأوساط الفنية بأنها أكبر سجن للفن والفنانين. والأمر تزداد قسوة وشمولا ومرارة اذا كان الفنان امرأة فإن الفنانات الإيرانيات يعشن حياة فنية لا تطاق وأغلبهن يغادرن البلاد أو يمتن ألما وحسرة.. ومنهن الفنانة «كبرى سعيدي (شهرزاد)» فهي شاعرة شهيرة واحدى أول المخرجات للأفلام في إيران. ومع ذلك ورغم كل ما لها من خلفية فنية وثقافية في هذا البلد الشهير اصلا بالفن والثقافة والأدب منذ قديم الزمان، فهي تقول بانها ليس لديها حاليا مكان للنوم وتعيش في أحياء فقيرة وتنام في الشارع : “عندما تنام في الحدائق، شيئا فشيئا تفقد خوفك من النوم بجوار المشردين والفئران والقطط والصراصير، وتعتاد على المصاعب. في الليالي الحارة من الصيف، يمكنك التحديق في النجوم وللمرة الألف يمكنك أن تبحث عن نجم حظك في السماء، ومرة أخرى لن تجد ذلك. وأما في الصباح فتستيقظ وأنت في حاجة للذهاب إلى الحمام. وهنا تبدأ المعضلات الخاصة بك. فهذا الروتين العادي جدا للناس على ظهر الأرض وفي العالم العادي يصبح مشكلة كبرى لأناس مثلك. إلى أين يجب أن أذهب؟ ماذا علي أن أفعل؟ أين يجب أن أضع حقائبي؟” وتضيف الفنانة عن قصة حياتها المريرة وتقول: “أحيانا، تشعر بأنك أجنبي وبُعثت إلى هنا من عالم بعيد، فلا تجد أية مشتركات بينك وبين ما يسمى بلادك “. جدير بالذكر أن الفنانة سعيدي هي شاعرة وممثلة وعضو في نادي الكتاب وكاتبي القصص. كما وهي من أول المخرجات للأفلام في إيران. ولدت في 9 ديسمبر 1946 وقدمت أول فلمها المسمى بـ «مريم و ماني» عام 1977 وبعد الثورة الإيرانية في عام 1979 ووصول خميني إلى السلطة، فقدت الفنانة كل ممتلكاتها وكتبها والأفلام التي كانت تخرجها. وشاركت بعد ذلك في المظاهرة النسائية الشهيرة في إيران يوم 8 مارس 1979 وقامت بأخذ لقطات فيديو من هذا التجمع ويقال بأنه تم إلقاء القبض عليها بعد المشاركة في هذه المظاهرة وبعد ذلك أخذت تعيش حياة غاية في الصعوبة والعزلة والحرمان لحد الآن.