كتبت منى سالم الجبوري في مقالها المنشور في “ميدل إيست أونلاين” بعنوان “مصرع رئيسي أو العودة الى المربع الأول”، عن التحديات التي يواجهها النظام الإيراني في ظل غياب رئيسه إبراهيم رئيسي الذي كان يتمتع بدعم غير مسبوق من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي.
وتناولت الجبوري في مقالها تاريخ العلاقات بين الولي الفقیة ورؤساء إيران السابقين وكتبت: “خلال عهد رئاسة أحمدي نجاد، سلطت الاضواء كثيرا على حجم الدعم والتأييد الذي كان يلقاه من جانب المرشد الاعلى للنظام علي خامنئي، وحتى إن إحتجاجات عام 2009، الكبيرة والتي حدثت ضد الانتخابات الرئاسية المشكوك في صحتها على أثر إعلان فوز أحمدي نجاد، فقد أشيع وقتها بأن الايادي التي عبثت بنتائج الانتخابات لم تكن بعيدة عن خامنئي. ولكن حبل الود بين خامنئي وأحمدي نجاد لم يستمر طويلا بل وحتى إن شطب اسمه من الانتخابات الرئاسية عام 2021، كان يحمل بصمة خامنئي بكل وضوح.
لم يحظ كل من رفسنجاني ومحمد خاتمي وحسن روحاني بذلك الدعم الذي قدمه خامنئي لأحمدي نجاد، ولكن الدعم والتأييد غير العادي الذي قدمه لإبراهيم رئيسي، كان من القوة بحيث لايمكن أبدا مقارنته ومقايسته بما تم تقديمه لأحمدي نجاد، وهو أمر جدير بالملاحظة ويجب أخذه بنظر الاعتبار والاهمية ولاسيما وإن خامنئي ظل يقف بقوة خلف رئيسي ليس مؤيدا له بل وحتى مبررا لفشله وإخفاقه في الإيفاء بوعوده الـ 50 التي قدمها للناخبين، وحتى إن اسم رئيسي والإشادة به في خطب خامنئي لم يسبق وإن حظي به أي رئيس آخر”.
كما تطرقت الجبوري إلى الخصائص التي ميزت رئيسي عن سابقيه، منها إخلاصه المطلق للنظام واستعداده لتنفيذ الأوامر بدون نقاش، حتى عندما تولى منصب الرئاسة. تكتب الجبوري: “إخلاصه للنظام واستعداده لتقديم خدماته الى أبعد حد ممكن وظل على هذا الحال خلال عهد الخميني ومن بعده خامنئي”. كما لفتت النظر إلى دوره كعضو في لجنة الموت التي نفذت مجزرة السجناء السياسيين عام 1988، والتي أكسبته مكانة خاصة داخل النظام الإيراني.
من النقاط المهمة التي أثارتها الجبوري هي ترشيح خامنئي لرئيسي قبل انتهاء فترة رئاسة حسن روحاني، حيث كان الهدف من ذلك ترسيخ سياسة القبضة الحديدية لمواجهة الاحتجاجات الشعبية المتزايدة ضد النظام. کتبت الجبوري: “وخامنئي عندما أقدم على هذا الامر، فإننا يجب أن لا ننسى بأن النظام الايراني ولاسيما خلال عهد روحاني قد واجه إحتجاجات شعبية غير مسبوقة تميز بطابعها السياسي المعارض للنظام وذلك خلال أواخر عام 2017 وفي نوفمبر من عام 2019، وكانت الاجواء توحي وكأنها شبيهة ببدايات إسقاط النظام الملكي السابق. ولذلك فإن خامنئي عندما جاء برئيسي ومهد له الطريق لكي يجلس على كرسي الرئاسة فإن الذي كان ينتظره منه هو أن يكبح جماح هذه الفورة الشعبية ضد النظام. ومع إن رئيسي لم يوفق في مهمته خلال ولايته خصوصا التي حصلت فيها أقوى إحتجاجات شعبية دامت ولأول مرة لعدة أشهر”.
وتختتم الجبوري مقالها بالإشارة إلى أن مصرع رئيسي في حادثة المروحية قد أوقف آمال خامنئي في كبح جماح الاحتجاجات الشعبية وإعادة الاستقرار للنظام، مما يعيد النظام إلى المربع الأول وربما إلى مرحلة أكثر تعقيداً مما كانت عليه قبل تولي رئيسي. وأضافت الجبوري: “جاء مصرعه في حادثة المروحية ليضع حداً لما كان خامنئي ينتظره منه، وهذا يعني العودة إلى المربع الأول”.
بهذا التحليل العميق، تسلط منى سالم الجبوري الضوء على أزمة القيادة التي تواجهها إيران بعد مصرع رئيسي، وتضع النظام الإيراني أمام تحديات جديدة في ظل غياب شخص قادر على العمل كـ”مجرافة” تزيح العوائق أمام النظام، كما كان يتمنى خامنئي.