كما كان متوقعاً، كان تجمع المقاومة هذا العام، والذي استمر لمدة 3 أيام؛ فريداً ومنقطع النظير من كل النواحي. لقد عُقد هذا الاجتماع رغم أنف الرجعية والاستعمار، أي النظام الدكتاتوري الحاكم في إيران، وداعميه الدوليين، حيث أنهم كانوا يسعون إلى الحيلولة دون انعقاد هذا الاجتماع (!) أو على الأقل التقليل من ثقله في ميزان القوى الحالي، وتهميش “البديل الديمقراطي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. لكنهم فشلوا في كلا المجالين فشلاً ذريغاً!
أدى تنظيم مظاهرات حاشدة بعشرات الآلاف من الإيرانيين في برلين، والتجمع الضخم الرنان بحضور مئات الشخصيات العالمية في باريس، والدعم الدولي الواسع النطاق لهذا البديل؛ إلى إحباط جهود حلفاء دكتاتورية ولاية الفقيه. والجدير بالذكر أن الأيام الثلاثة المضيئة في الصراع مع الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران؛ كانت في الواقع استمرارًا لانتفاضة الشعب الإيراني ضد نظام ولاية الفقيه.
يمكننا في نظرة عامة على هذا التجمع وانعكاسه على المستوى الدولي؛ رؤية هذا النصر في عدة جوانب عامة منها ما يلي:
استمرار ثورة الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية ضد دكتاتورية ولاية الفقيه الحاكمة في إيران، وإسقاطها في المستقبل القريب. وعلى الرغم من المجازر والمؤامرات والدعم غير المباشر الذي تقدمه الحكومات الغربية للنظام الديكتاتوري الحاكم في إيران، إلا أن هذا التجمع كان امتداداً للانتفاضات الشعبية داخل إيران ضد دكتاتورية ولاية الفقيه، ويشير إلى أن الانتفاضة والنضال لإسقاط الديكتاتورية في إيران ليس مجرد تمرد فحسب، بل إنها باتت أكثر قوة من أي وقت مضى وموجودة بقوة في المشهد، وتتحدى سياسة الاسترضاء مع هذه الدكتاتورية، وأنها عاقدة العزم على التخلص من الدكتاتورية في إيران؛ نظراً لأن الشعب الإيراني ليس متحدًا داخليًا ويقاتل بشكل مشترك ضد الديكتاتورية فحسب، بل إنه على المستوى الدولي أيضاً، ليس وحيدًا ولن يبقى وحيدًا. يتمتع الشعب الإيراني بـ “هيئة قيادية” كفؤة تمكنت من المضي قدماً في المعركة ضد الدكتاتورية في جميع الميادين، وقطع الطريق أمام الرجعية والاستعمار.
لم ولن يكن هناك بديل آخر للنظام الإيراني سوى “البديل الديمقراطي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”. إن ما سبحت بحمده الرجعية والاستعمار هو بعض البدائل من نوع “الدكتاتورية” أو “التبعية” التي صنعوها بأنفسهم، وزجوا بها في المشهد للتصدي لمقاومة الشعب الإيراني، وسرعان ما فشلوا فشلاً ذريعاً. لقد رأى الجميع في هذا التجمع قوة البديل الحقيقي، وليس هناك ضمير واعٍ ويقظ لم ولن يعترف به.
إن البديل الحقيقي للديكتاتورية له جذوره في أعماق المجتمع الإيراني، والبدائل الزائفة سرعان ما تختفى من المشهد مثل الزبد على الماء. إن البديل الديمقراطي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يحمل هذه الرسالة بالقيام بـ 20,000 عمل وممارسة اجتماعية داخل البلاد، وبفضل شبكة عريضة من المقاتلين داخل الوطن المحتل. إن شبكة “وحدات المقاومة” المنتشرة في جميع أنحاء إيران هي من السمات البارزة “لاستراتيجية” المقاومة الإيرانية. وهو بديلٌ يشبه الشجرة التي تمتد جذورها في أعماق المجتمع وتنتشر فروعها وأوراقها في جميع أنحاء إيران.
إن البديل الشعبي والحقيقي سيكون ناجحاً عندما يتمتع بـ “جبهة موحدة”. وبدون مثل هذا التنظيم والجبهة الموحدة، فإنه من المستحيل أن يكون البديل بديلاً لنظام ما.
لا يمكن لأي بديل أن يكون حقيقيًا وديمقراطيًا دون دبلوماسية قوية وبرنامج مادي وعملي لإدارة البلاد. إن حضور المئات من الشخصيات العالمية البارزة في هذا التجمع، ومن بينهم نائب الرئيس الأمريكي السابق، وعشرات رؤساء الوزراء والوزراء من الدول الغربية والعربية، فضلاً عن دعم أكثر من 4000 برلماني من 53 دولة حول العالم، وإعلان “برنامج المقاومة من أجل إيران الحرة غداً” الذي أعلنته السيدة مريم رجوي قبل سنوات عديدة؛ هو أحد السمات البارزة لهذا التجمع وهذا البديل. وهذه هي المؤشرات التي تدلّ على استمرارية هذا البديل وتعبِّر عن الترحيب المسبق من قبل المجتمع الدولي بظهوره وتطوره.
يمكن اعتبار الهجوم على “سياسة الاسترضاء مع دكتاتورية ولاية الفقيه” أحد الجوانب البارزة في المعادلات الراهنة فيما يتعلق بالمشهد السياسي الإيراني. وجهَّت السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية، في هذا التجمع؛ كلمة لأصحاب هذه السياسة وداعميها، قالت فيها: “قرروا في أمريكا ضخ أكثر من مائة مليار دولار من الأصول الإيرانية في جيب الولي الفقيه، وإعادة فتح مسار بيع النفط لتمويل قوات حرس نظام الملالي وميليشياته. ويردوا على إشعالة للحروب بالتهدئة. وفي بلجيكا سلموا الدبلوماسي الإرهابي الحامل للقنبلة للملالي. وأطلقوا في السويد سراح أحد جلادي مجزرة عام 1988، على الرغم من الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وسلموه للملالي. كما يملأون في فرنسا صفحات صحفهم بتزييف وافتراءاتمرتزقة وزارة المخابرات الإيرانية سيئة السمعة. وبذريعة ضوابط السلامة يهدمون مبنى أنصار المقاومة الإيرانية. بعد ذلك، تمادي مساعد سلطة قضائية الجلادين في وقاحته لدرجة أنه قال : ” إننا كنّا نراقب هذه العمليات مباشرة في هذا المبنى!”. ووجهَّت السيدة مريم رجوي كلمة إلى الحكومات المتواطئة قائلةً: “إن سياستكم هذه تشجع نظام الملالي على الإرهاب، واحتجاز الرهائن، والإعدام، والقمع. ومن الأمثلة على ذلك الاعتداء على البروفيسور، آلخو ويدال كوادراس، النائب السابق لرئيس البرلمان الأوروبي، في وضح النهار في مدريد في شهر نوفمبر الماضي. إنكم جعلتم هذا النظام الفاشي أقرب إلى الحصول على القنبلة الذرية، من خلال انتهاج سياسة الاسترضاء، وفتحتم الطريق أمام خامنئي لإشعال الحروب في المنطقة، وجرأتم الملالي لدرجة أن الأوكرانيين أيضًا صرخوا. لقد ضللتم الرأي العام لسنوات طويلة من خلال ادعائكم الكاذب في وسائل إعلامكم بأن الفاشية الدينية لا بديل لها، ويجب الوقوف إلى جانبها. بيد أنه من المستحيل أن تكونوا قادرين على الحفاظ على هذا النظام المحتضر، والحيلولة دون سقوطه الحتمي”.
إن نظام ولاية الفقيه يتهاوى ويتآكل، ولا جدوى من سياسة إطلاق سراح جلاديه ومعذبيه وإرهابييه، وكذلك سياسة احتجاز الرهائن والابتزاز والرشوة، فكل هذا لن يشفي ألماً لهذا النظام، وسقوطه حتمي! إن المسرحيات الانتخابية للنظام الإيراني، وهرج ومرج الرجعية والاستعمار، لن تزيد إلا من منحدر سقوط هذا النظام الفاشي. ومن المستحيل عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه. وإسقاط هذا النظام الديكتاتوري أمر حتمي!
الكلمة الأخيرة!
إن الحقائق صعبة المراس. والنضال ضد الديكتاتورية له أساس واقعي ومستمر. الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية لن يكلوا أو يملوا، وسَيُنهِكون قوى الرجعية والاستعمار ويُسودّون وجوههم. لا يمكن تلفيق “قائد” أو “ملكة” أو “ملك” أو “شعار” وما إلى ذلك للشعب الإيراني! إن الشعب الإيراني أذكى من أن يُخدَع مرة أخرى أو يُجر إلى طريق خاطئ. لذلك، يجب أن نقف على الجانب الصحيح من التاريخ، وإلا فإن “عجلة التاريخ” ستغير مسارها. هذا قانون لن يُخرق أبدًا! إن الشعب الإيراني، باعتباره المالك الرئيسي لبلاده، لديه قيادته السياسية الخاصة وهدفه هو القضاء على الدكتاتورية في بلاده!