خلال الاعوام الماضية، تم وصف العديد من الانتخابات التي أجراها نظام الملالي، بأنها إنتخابات صعبة أو غير عادية يواجهها هذا النظام، لکن وإن کان شئ من هذا الکلام عن بعض من تلك الانتخابات صحيحا فإن الکثير منها کان مفتعلا، إذ أن نظام الملالي کان يحاول وبأسلوب مخطط له سلفا بأن يوحي بأن الانتخابات صعبة وليس من الممکن أن يتم إجرائها بسهولة، لکنه في النتيجة وبطابع مسرحي مثير للسخرية کان يعلن عن نجاح الانتخابات وإنه حقق الانتصار بهذا الصدد، لکن، يبدو وبموجب الکثير من المٶشرات إن مسرحية الانتخابات الرئاسية القادمة في إيران تختلف نوعيا عن سابقها لوسعة تداعياتها على الملا خامنئي.
مصرع السفاح رئيسي والذي کان بمثابة ضربة نوعية لشخص خامنئي وإنتکاسة ملفتة للنظر للنظام، قد تسبب في إضعاف كبير للتوازن الداخلي للحكومة وقدرتها على مواجهة الشعب والاحتجاجات.
هذه الانتخابات ستکون الاصعب لأنها تجري بعد سلسلة إنتخابات فاشلة منذ عام 2018 ولحد الان، حيث إضافة الى المقاطعة الکبيرة لها من جانب الشعب فقد إندلعت ثلاثة من الانتفاضات النوعية بوجه النظام، والملاحظة المهمة هنا، إنه وفي الوقت الذي يقوم فيه النظام بالتطبيل والتزمير لرئيسي ويسعى لجعله شخصية وطنية، فإن الشعب يقوم بغير ذلك تماما إذ تنفس الصعداء وأعرب عن فرحته وسعادته لهلاکه، ولذلك فإن النظام الذي يريد أن يختار وجه آخر يحمل محله ويحظى بقبول شعبي فإن الفشل ينتظره منذ الان، ذلك إن الشعب ليس يفکر ببديل مناسب للسفاح رئيسي وإنما بتغيير النظام ذاته!
خلخلة وإضعاف التوازن الداخلي للحکومة وقدرتها على مواجهة الشعب والاحتجاجات، لن يمر بردا وسلاما على هذه الانتخابات وحتى إن خامنئي وفي رده على هذا الوضع، في أحد مقالات موقعه بعنوان “الله عام 1980 هو نفس الله هذا العام”، قارن الوضع الحالي بفترة الثمانينيات وكتب: “إذا كان البلد قد نجا ونما في قلب تلك الأزمات والجراح بينما لم تكن الهياكل الرسمية والقانونية قد تشكلت بالكامل، فإنه بعد الأحداث المأساوية والمحزنة مثل فقدان الحاج قاسم (سليماني)والسيد رئيسي، سيخرج بكرامة.”، ومن دون شك فإن هذا النوع من التشجيع يأتي غالباً لتطمين نفسه والباسيجيين الحائرين. لكن يبدو أن هذه المقارنة بين الأزمة الحالية وظروف الثمانينيات قد عادت بنتائج عكسية على النظام. لأنها تلفت الانظار وبصورة غير مباشرة من إن الأزمة الرئيسية هي أزمة النظام وليس مجرد أزمة انتخابات أو خلافة مسؤول. هذه المقارنة تعكس بشكل ما وجود بديل جدي ومهدد للحكومة.
أحد المسؤولين الحكوميين، ذو النوري، قارن الوضع الحالي بعام 1980 وقال إن “الثورة الإسلامية مرت بأحداث مختلفة ومنعطفات خطيرة جدا”.وادعى أنه ” إذا كان النظام في عام 1980 عندما لم تكن الهياكل الرسمية والقانونية قد تشكلت بالكامل، قد استطاع تجاوز الأزمة، فإنه بعد وفاة رئيسي يمكنه تجاوز هذه الأزمة أيضا”، لكن هذه المقارنة مضللة؛ لأن أزمة النظام الحالية أعمق بكثير من أزمة عام 1980. وفاة رئيسي ليست مجرد “مصيبة” للحكومة، بل هي إشارة على انهيار وعجز الحكومة عن إدارة البلاد.