نبيي وحبيبي وشفيعي… أستميحك عذرا إن تأخر كتابي أو قل جهدي في الذود والذب عنك يا رسول الله، فأسأل ربي القبول والسداد، فكيف أكتب عنك وأنت فوق مداد القلم، وأكبر من كل الكلمات، فقد تعثر قلمي وتلعثمت كلماتي مراراً وتكراراً، فعيوني كانت ترنو وتروح في كف سيرتك الطاهرة، ووجدت نفسي مسوقةً الآن إلى تسجيل كلمات والتي لم يكن لي اليد في توارد خواطرها مما يعتلج في نفسي من ألم وأسى بالغ من التجرؤ والإساءة إليك يا خاتم الأنبياء وسيد الرسل، هذه السيرة العطرة التي في بدايتها استطعت أن تُخرج أمة من الظلمات إلى النور، وتنشر دينناً في بضع سنين في «23 سنة»، وتقيم حضارة خالدة بقيت حتى زماننا هذا إلى يوم البعث، حيث يتفق الجميع بمن فيهم أعداء الإسلام على دورها المحوري في البناء الإنساني الكوني في، وفي نهاية سيرتك العطرة تكون يا نبينا وحبيبنا شفيعا لأمتك عند بارئهم، وتروي أمة كاملة كُتبت لها النجاة من النار تلتقي بك عند الحوض ترويها من كوثر يديك.
ومع الواقع المأسوي، فإن واجب الوقت من حيث الجملة هو بيان الحق ونصرة دين الإسلام والرسول، فعلينا أن نتجشم الصعاب، حتى نحمي البيضة، ونحافظ على الإسلام وهويته التي يود أعداؤنا أو سموهم ما تشاؤون! الإساءة له، وعلى أن أؤكد للجميع أنني لست معنية بأي شد ودفع أو سجال مع أي طائفة بعينها لا قيمة له ولا فائدة ترجى منه، كما يجب أن أنزه رأيي عن أي توظيف سياسي بل الأمر بصراحة شديدة انتصاراً لرموزنا الإسلامية فلا ينبغي أن نغض الطرف عن البذاءات التي يرتكبها بعض الزنادقة الذين فقدوا أبسط مقومات المروءة الإسلامية، والكارثة أن هناك من لا يعي خطورة الإساءة ويُهون من الجرم بدلا من أن يدينه، والأسوأ تَصور الأمر مجرد حدث عابر وسطور كُتبت لا تستحق لإثارة ضجة، وهذا ورب الكعبة أقبح من الإساءة نفسها، فهؤلاء لا يعوا معنى الدين وأبعاده وحساسيته، فسبحان الله لم تهدأ نفوسنا بعد من إساءات زكريا الخبيث حتى أطلت علينا إساءات مماثلة لا تقل ضراوة عن سابقتها في النيل من نبي الأمة وزوجته عائشة الطاهرة، ما يؤكد أن هذه الهجمات ليست عشوائية بل هي أقرب للتلقين المباشر ويمكن تشبيهها بعملية غسيل مخ، فالإساءات المهينة والمؤلمة للمسلمين كافة رجّت الأعماق رجاً خصوصا أنها موجهة لشخوص بثقل ومكانة حرمة الرسول وزوجاته وكرامتهن، وإذا كنا نريد أن تكون للدولة وللقانون وللمجتمع وقفة فلتكن مع الجميع مع كل من يسيء مهما كبر أو صغر وقفة حازمة بحق، فالإساءة لم تكن حدثا عابرا من مغمور نفثت حقده، وليس هم ثلة من أراذل القوم مُلئت قلوبهم حِنقا على شخص الحبيب وآل بيته فقاموا يسخرون منهم، ولو كان الأمر وقف عند هذا الحد لكان مما يسعه الصدر على جُله وثقله وعِظمه، ولو كانت زلات قلم وهنات فِكْر، لغضضنا الطرف وقلنا سقطة سفهاء فَكْر خرجت من نطاق العقل فلا تثريب عليهم، إذ علمنا رسولنا الكريم الترفع عن السفهاء وعدم مجاراتهم، ولكن الأمر مخطط ومدروس بحرفية من أدمغة سوداء متعصبة وقلوب مريضة ما زال يسكنها الحسد، حيث يقول الله عز وجل «قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بيَّنا لكم الآيات إن كنتم تعقلون» سورة آل عمران: آية 118.
فلن يضروك يا شفيع الأمة بهذه الهجمات المسعورة، والإساءات المأفونة، والحماقات غير المسؤولة، فقد تعهد الله بحفظك، وتوعد عدوك، وجمع أمة محمد لنصرتك، وهم يتوقون شوقا للقائك، وقد أمد الله البعض بمنابع ضوء حيث رجع الكثيرون إلى رشدهم على إثر هذه الإساءات، فقد يأتي النفع بعد الضر، واليسر بعد العسر، والرخاء بعد الشدة، والفوائد بعد المصائب، فهذا قلمي انتفض لك يا نبيي وحبيبي وشفيعي نقمة، وهذه جوارحي تنحني لك اعتذارا يا نور الأمة،اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد