إضراب سائقي الشاحنات يفضح عقوداً من قهر العمال في إيران

سلّط مقال نشره موقع “ناشونال بوليسي نيوزيلند” في 30 مايو/أيار 2025، الضوء على إضراب سائقي الشاحنات الواسع في إيران، مؤكداً على عدالة مطالبهم ومشروعية حركتهم التي تفضح، بحسب الموقع، عقوداً من الظلم والاستغلال الذي تعرض له العمال الإيرانيون سواء تحت نير “الديكتاتورية الشاه” البهلوية أو “حكم الملالي” الديني الحالي.
ويبدأ المقال النيوزيلندي بالإشارة إلى أنه في 21 مايو/أيار 2025، اجتاحت إيران موجة من الاحتجاج والتضامن عندما أضرب سائقو الشاحنات في مختلف أنحاء البلاد. ويوضح أن هذا التحرك “لم يكن وليد حدث معين، بل كان نتاج سنوات من السخط العميق: ظروف اقتصادية وخيمة، وظلم مزمن، ووفيات مؤلمة كان يمكن تفاديها لعدد من السائقين في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس”.
ويضيف الموقع أن ما بدأ كاحتجاج في مدينة جنوبية “تحول بسرعة إلى حركة وطنية قوية”، حيث انضمت مدن كبرى مثل تبريز وشيراز وكرمانشاه وقزوين وأراك وإيلام إلى الإضراب، مما أدى إلى “توقف غير مسبوق في حركة نقل البضائع في البلاد”. ويرى المقال أن “العمال الذين تم تجاهلهم لسنوات، يقفون الآن في طليعة المقاومة المدنية”. فبإيقافهم لشاحناتهم وتجمعهم في محطات الشحن، لم يعد هؤلاء السائقون مستعدين لتحمل عبء نظام معطوب، وشعارهم الموحد – “لن نتحرك حتى تتحقق مطالبنا” – لا يتردد صداه فقط في محطات الشحن، بل يهز أيضاً ضمير أمة بأكملها.
مطالب عادلة في مواجهة قمع ممنهج
يؤكد “ناشونال بوليسي نيوزيلند” على أن مطالب السائقين المضربين “شفافة وعادلة وتستند إلى حقوق إنسانية ومهنية أساسية”، وتشمل:
- تحديد أسعار شحن عادلة ومستقرة تتناسب مع التضخم وتكاليف المعيشة والعمل.
- تأمين وقود كافٍ وموثوق، ومكافحة الفساد المستشري في السوق السوداء للوقود.
- توفير قطع غيار بأسعار مناسبة، بعد أن أصبحت نادرة أو باهظة الثمن بسبب العقوبات وسوء الإدارة والاحتكارات.
- تأمينات معقولة وفعالة تحمي السائقين وعائلاتهم بدلاً من استغلالهم.
- اهتمام حكومي جاد بالسلامة المهنية، خاصة في البيئات الخطرة كالموانئ والطرق.
- إنهاء العنف الممنهج والقمع والترهيب الحكومي ضد السائقين والعمال الذين يمارسون حقهم في الاحتجاج.
ويشير المقال إلى أنه “بدلاً من الحوار والإصلاح، لجأ النظام الإيراني مرة أخرى إلى أساليبه المألوفة: التهديد، والتجسس، وإرسال قوات الأمن، والاعتقال والملاحقة القضائية”، وهي نفس الأساليب القمعية التي استخدمت في إضرابات سائقي الشاحنات السابقة عامي 2018 و2022 والتي اعتُقل خلالها المئات.
يرى الموقع النيوزيلندي أن إضراب هذا العام يختلف، فهو “ليس مجرد خلاف مهني حول الأجور أو ظروف العمل، بل هو موقف أخلاقي – صرخة من أجل العدالة والكرامة والاعتراف في بلد تعرضت فيه الطبقة العاملة دائماً للاستغلال والتجاهل”. وقد ارتبطت هذه الحركة “بموجة واسعة من السخط في جميع أنحاء إيران، ووحدت العمال والطلاب والنساء والمؤسسات المدنية تحت راية مقاومة مشتركة”.
ويصف المقال سائقي الشاحنات، الذين غالباً ما يتم تجاهلهم في النقاشات السياسية، بأنهم “تحولوا إلى أبطال غير متوقعين. إنهم العمود الفقري للاقتصاد الإيراني… ولكنهم في الوقت نفسه، يتعرضون للازدراء والتجاهل من قبل أصحاب السلطة”. ويشير إلى أن “أصوات المعارضة الديمقراطية الإيرانية أعلنت دعمها القاطع للإضراب”، واصفة السائقين بأنهم “عمال شجعان وشرفاء” لا يدافعون عن حقوقهم فحسب، بل يكرمون أيضاً ذكرى السائقين الذين قضوا في مآسٍ كان يمكن تجنبها.
موجة مقاومة جديدة ودعوة للتضامن الدولي
يخلص “ناشونال بوليسي نيوزيلند” إلى أنه “في بلد يسوده القمع والفساد والخوف، يُعد إضراب سائقي الشاحنات عملاً نادراً وشجاعاً ضد الظلم. إنه علامة على موجة جديدة من المقاومة – مقاومة لا تنبع من النخب السياسية أو الخطط الخارجية، بل من الأيدي الكادحة التي تحافظ على دوران عجلة الاقتصاد الإيراني”.
ونظراً لكل هذه القضايا، يؤكد المقال أن “سائقي الشاحنات الإيرانيين، الذين عانوا سواء تحت هيمنة نظام الشاه الاستبدادي أو الآن تحت نير ديكتاتورية النظام الإيراني وحكم ملالي ، يحتاجون أكثر من أي وقت مضى إلى دعم عاجل من النقابات والاتحادات الدولية لسائقي الشاحنات”. ويختتم بالقول: “هذا إضراب من أجل البقاء، إضراب من أجل العدالة، والأهم من ذلك كله، إضراب من أجل الكرامة الإنسانية”.