إنها اللعنة يا محمود التي تصيب ولا تخيب وتجعل منك أسيرًا لذلك الكائن الصديق الصدوق الذي لا تستطيع أن تهرب منه طالما لازلتَ تتنفس وتتفاعل وتتأثر وتؤثر لك الله اذا يا محمود لبي ندائه ولا تكن ناكرًا للجميل
ولا يهم ما الذي ستكتبه يكفيك أنه خارجًا من القلب ليصل للقلوب كما أتمنى بلا تكلف أو تكبر وإذا صنف إبدع فلا أتمناه إبداع سادة لطالما تمنيت أن يكون إبداعي إبداع بالنعناع. ولكن مهلًا ما المقصود بالإبداع السادة ؟ لكي نتوقع ماذا ينتج عن ذلك الإبداع حين يخالطه النعناع؟ قالوا إن الإبداع هو الإتيان بشيء جديد أو شكل غير مألوف أو نتيجة التفكير خارج الصندوق والعابر للحدود والقوالب والتابوهات الإنسانية التي تصاحب الإنسان ويخشى التحليق خارج سماها خوفًا من البطش سواء بطش العامة أو رجال الدين أو من يدعون كونهم هكذا أو الحكومات بإختلافها وإختلاف توجهاتها. والإبداع لا يقتصر على مجال بعينه أو أشخاص بعينهم ففي الغالب هو منة و هبة- لا مش ولاد خالتك- المقصود عطية -لا مش خالتك – هي منحة من الله للإنسان ميزته ورسمت لوحة حياته ولونتها بألوان من البهجة والسرور. تخيل إن لم يكن هناك مبدعين في الموسيقى وصارت كل الألحان اييييييييه باللحن المميز لشعبان عبد الرحيم ! تخيل لو لم يكن هناك مبدعين في الكتابة وصارت كل الكتب في مجال واحد ! أسمع من يقول يا حبذا لو كانت في الطبخ ولكن لا يهم بالأكل شيء لذيذ يحتاج إبداع فمن ينكر أن الكبدة الإسكندراني بالفلفل الحراق إبداع والجمبري بنوعيه المقلي والمشوي إبداع وطبق الكشري حين يعلوه البصل وبالنسبة لي لو بدونه فهو لوحة جمالية تعادل فنون دافنشي. وما الخطب إذا صارت كرة القدم لعبة بلا إبداع إن لم يظهر أمثال ميسي و كريستيانو وغيرهم ممن لم يلتزموا بالقواعد والتابوهات ممن استطاعوا الخروج من الشرنقة والعبور من النفق المظلم وتذليل العقبات واستطاعوا التحكم في مجريات الأمور طِبقًا للقواعد البشرية وبمقاييس بشرية مدعومة بالموهبة الإلهية. فالطاهي المحترف مبدع والممثل أو الفنان الذي يحترم جماهيره مبدع ، ولاعب الكرة الفذ مبدع ، والباحث الذي يخرج عن جمود العلم لحرية التفكير مبدع، الداعية المبسط لعلوم دينه دون إخلال بقواعده مبدع حتى شعبان عبد الرحيم والتزامه بلحن طوال ما يقرب من عشرين عاما يعتبره البعض مبدع. ولا أدري حقا أن كل هذا الإبداع وإن كان كل هؤلاء مبدعين إذن فمن هم المبدعين المزيفين؟ أعتقد أن من يسرق إبداع غيره وينسبه لنفسه مبدع لكنه مزيف مبدع في السرقة حتى السرقة فيها إبداع نعم بها إبداع لمن يعشقها ويجدها سبيلًا للوصول بهدفه ويستفيض ويتلذذ في وصف نصاحة ونباهة السارق أبو إيد خفيفة وعقل الماظ. وهناك الكثير والكثير من محاولات تصنيف الإبداع سأكتفي بذكر تصنيف العبد الفقير لله تصنيف للإبداع لصنفين أساسيين صنف إبداع سادة هو إبداع لا يتعدى كونه خروجًا عن المألوف لخلق نوع من البلبلة ومن ثم أحاديث الناس والشهرة حتى ولو كان ذلك بمخالفة شريعة أو تعدي حدود دينية أو قوانين ودساتير من أجل أن ينال صاحبه شهرة سرعان ما تزول وينسى الجميع اسمه حتى وإن تذكروا فعلته . أما النوع الآخر فهو الإبداع بالنعناع نكهة النعناع تفوح منه تتسرب للأنف ووصول تأثيرها للمخ يعمل على إنعاش متلقيه ويعيش معه ومهما كانت محاولات تشويه صاحبه أو الإساءة إليه يجد من يدافع عنه لا من أجل مصلحة أو منفعة ولكن تقديرًا لإبداع دام تأثير صاحبه في النفوس حتى بعد رحيل أصحابها فمن ينسَ الشيخ الشعراوي وإبداعه ود.مصطفى محمود وحلقاته ود.أحمد خالد توفيق وكتبه ورواياته وغيرهم الكثير ممن دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه دون تملق لحاكم أو مجاملة لرئيس -رحمة الله عليهم- وعلى غيرهم ممن أبدعوا إبداعا بالنعناع لا أدري سببا لتسميته ذلك الاسم إلا إنني غالبًا كنت أشاهد أو اقرأ إبداعاتهم وأنا أحمل كوب شاي بالنعناع. وإلى هنا راودتني فكرة إعداد كوب شاي بالنعناع مع محاولة كتابة مقال جديد ربما وجدت زوجتي أو أختي من يكتب عني بعد رحيلي كان من أتباع الإبداع بالنعناع…ربما.