لا أعرف بأي تحية أبدأ ندائي اليكم ، لانكم لو تعرفون للتحية قدرا ، لما فسدتم ولما سعوتم في الأرض فسادا .
لكن ما العمل, لم يبق لنا سوى استنهاض ضمائركم ,والتي ماتت منذ زمن بعيد، لكن عسى وعلَّ… من يدري؟! ( لعل الله يحييها بعد موتها ، فهو ولي ذلك والقادر عليه )
أيها الفاسدون المفسدون
لا المجال يتسع ، ولا الوقت يسعف ، فالجميع يري ويسمع بما ال اليه حال البلاد والعباد بفضل أياديكم الملوثة ، وقلوبكم السوداء القاسية ، لقد حولتم الناس الي شياطين كبيرة وصغيرة ، يلعن بعضهم بعضا ، كما يلعنونكم أناء الليل وأطراف النهار جراء ما أقترفت أياديكم الملطخة بعرق الكادحين من الفقراء والمساكين من أبناء هذا الوطن الغالي ، فقلبتم سلم القيم ، وأفرغتم البلاد من كل خير وجمال بقبح أطماعكم الشريرة والغير متناهية وأنتم تدعون حب الوطن والوطن منكم براء ، لانكم تتعاملون مع البشر كما يتعامل الزناة مع العاهرات المرخصة الرخيصة ، تطؤنها ما دامت ذات حليب صدر فتمصونها ، وتتركونها عارية دون احترام .
أيها الفاسدون المفسدون
كفوا عن سرقة لقمة عيشنا, وخذوا استراحة ، خاصة في هذا الوقت العصيب والذي يمر به الوطن الغالي من الم وجراح ، افعلوا حسنة واحدة ولو مرة في حياتكم (فحسنة قليلة تدفع بلاوي كثيرة.) فأزمة البلاد الان لا تحتمل نشاطكم الزائد، ولم نعد نحتمل النهب الداخلي والضغط الخارجي معاً. استريحوا قليلا , خذوا غفوة أو راحة قصيرة ، فلن نطالبكم بالرحيل أبدا، فأنتم الشر الذي لا بد منه ولا يمكننا العيش بدونكم لاننا قلوبنا تلوثت معكم ، لقد استشرى الفساد وتوطن فى البلاد بفضل نشاطكم وسعيكم وراء كل شر، لدرجة جعلت المواطن يتكيف ويتعايش معه وكأنه أصبح جزءاً من ذلك الوطن ، فلا يمر يوم الا ونري ونسمع عن قضية من قضايا الفساد ( من سرقة ونهب وشفط ورشوة وعش .
أيها الفاسدون والمفسدون
أصبحنا نأكل فسادكم كل يوم ونشربه ، ونتعامل معه وكأنه هو لغتنا الرسمية والقانونية في التعامل .وكل قضية من قضاياكم العفنة كفيلة بإحالة صاحبها لفضيلة المفتي .. فصاحب قضية الفساد لا يرتكب جريمة فى حق نفسه فقط، بل الجريمة تكون فى حق ذلك الوطن وأبنائه.. ( قمح فاسد .. لحوم حمير …مياة ملوثة ..رشوة .. مساكن أيلة للسقوط .. سرقة أعضاء بشرية ..تزوير ونصب …سرقة المال العام .. احتكار وطمع وسوق سوداء .الخ .لدرجة أن المواطن الشريف أصبح مجبر على أن يكون فاسداً سواء بدفع رشوة لانهاء مصلحته ، أو لطمعه هو الأخر في الحياة الكريمة .
فالفساد أصبح من أهم عوامل انهيار الشعوب.. وأعتقد أن الجميع يعرف قصة المسؤول الروسى الذى جندته المخابرات الأمريكية، وحامت حوله الشبهات، ولكن بلا أى دليل على إدانته.. ظل هكذا لسنوات عديدة إلى أن تم اكتشاف السر، واعترف أن المخابرات الأمريكية لم تطلب منه أى معلومات عسكرية أو اقتصادية عن بلده!! بل طلبت منه أمراً واحداً فى منتهى السهولة، وهو أن يختار للمناصب القيادية فى الدولة الفاسدين أمثاله وعديمى الكفاءة والخبرات!!
والآن زال الاتحاد السوفيتى من الوجود وتفكك، بعد أن كان من القوى العظمى.. هل علمتم الآن سبب انهيار الشعوب إنه سوء الاختيار، وسوء الإدارة، ووضع عديمى الكفاءة، ومنعدمى الضمير فى مناصب ليسوا أهلاً لها.
أيها الفاسدون والمفسدون
كلنا نلعن الفساد ونلعنكم ونصب جام غضبنا عليكم ؛لأننا وصلنا بفضل فسادكم أن أصبحت صور الفساد ضمن سياق حياتنا الطبيعة، تنازلنا عن حقوقنا في الحصول على الخدمات وهي حق أصيل لنا قانونا، لنجد مبرراً أخلاقياً في أن ما نفعله هو الصحيح.
أباطرة الفساد من رجال أعمال ووزراء ومسئولين والذين نهبوا ثروات البلاد بفسادهم وتلاعبهم بالقانون
المحامي اصبح فاسد ويحتال على الموكل ويتفنن في استنزاف جيب موكله تحت عناوين (الرشوة والاكراميات والمنح والرسوم وغيرها) ليحتال علي القانون ليبريء المجرم ويدين البريء ، ونسوا ان المحاماة هي الرحمة والخبرة ورسالة العدل والتضحية بأسمى معانيها.
المهندس أصبح يغش في عمله ويزوِّر التقارير باستلام مشروع اما أنه لم ينفَّذ أصلاً، أم نفذه بطريقة عشوائية وغير مطابقة للمواصفات ليسرق من وراءه تروة هائلة .
.الطبيب والذي يتاجر بأعضاء المرضي بلا رحمة اما بسرقه الاعضاء ، أو باجراء عملية جراحية من أجل المادة فقط وليس لحاجة المريض اليها ، أو مص دم وجيوب الفقراء وصفقات البزنس بينه وبين معامل التحاليل والأشعة ،
الصيدلي بات يغش في دواءه ويتفق مع الطبيب بطريقة خرجت عن كل الاعتبارات الإنسانية والمهنية والأخلاقية، فهو فاسد ولص
المواطن الذي يقوم بربط انابيب المياه أو أسلاك للكهرباء من خارج العدادات، وأحياناً بمساعدة مهندسين وفنيين من دوائر الكهرباء والمياه، فيستهلكون ما استطاعوا مجاناً ودون حساب فهم فاسدين ولصوص.
تلاميذنا وطلابنا في مختلف المراحل يمارسون الغش في الامتحانات، واستطاعوا إقناع مدرسهم “الفاسد” بتزويدهم بأسئلة الامتحان داخل بيوتهم وهو يأكل ( الجاتوه ويشرب العصير أو النسكافيه ) فكلهم غشاشون ولصوص وفاسدون.
الموظف من أوكلت له مهمة متابعة الفاسدين غارق في الفساد، والذي يتأخر عن عمله ويسرق ساعات عمله ويسيء معاملة المواطن فاسد أيضا، والذي يتفق مع التجار لزيادة أسعار سلعة ما، فكلهم فاسدين ولصوص.
المحقق ورجل الشرطة، الذي يقوم بالعثور على ضحية وتلبيسه التهمة تهدئة للخواطر الثائرة من جهة وإبراز كفاءة أمنية زائفة من جهة أخرى، ويحرف التحقيق نحو الخطأ في تحديد هوية الجناة؛ فهم فاسدين ومفسدين.
السائق الذي يخالف اشارات المرور، وبائع الخضروات الذي يغش في بضاعته ، وتاجر الجملة والذي يحتكر السلعة لمص جيوب الفقراء والمحتاجين . كلهم فاسدون .
أما عن الفساد الاعلامي بكل صورة وتزييف الحقائق ، ويكون ذلك عندما تنعدم الضوابط والأخلاقيات ولا يكون هناك ميثاق شرف إعلامي، فتتوه الحقيقة وسط إعلام جذاب ينقل الزيف للناس على أنه حقيقة، فالرشوة مقابل حصولك على المعلومة، والمال من أجل تشويه الحقائق الثابتة وتغير قناعات الناس دون أن يشعروا أصبحت من سمات الاعلام ، فالحرب الحالية هي حرب إعلامية في المقام الأول ، فنحن نعيش الآن حالة من التزييف الإعلامي غير مسبوقة تشوه فيها الحقيقة بشكل كبير جدًا، فيظهر لك الحق على أنه باطل ويظهر لك الباطل على أنه حق، وتضخ في سبيل ذلك مليارات الجنيهات من خلال آلة إعلامية جبارة تعمل ليل نهار.
من منا لا يعلم في منطقته فاسدين وعمليات فساد تمت وكما قال الممثل احمد زكي رحمه الله في مرافعته في فيلم ضد الحكومة: ( كلنا فاسدون ولا أستثني أحدا )