بقلم : احمد فتحي رزق
بعيدا عن الدخول فى الجدل العقيم والتحليل السياسى حول مواطن الحزن فى بلادنا العربية والتى قد إمتدت لأماكن كثيرة من غرب أوربا بسبب تواجد العرب والمسلمين وجدلية الإرهاب والإسلام .
ومقالنا اليوم ليس لتبرئة الدين الإسلامى ولا العرب المسلمين وغيرهم غير من تهمة الإرهاب التى ألصقت بهم بعد أحداث سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة الأميركية .
فعندما كانت أوربا تلهو فى ظلام الجهل وسيطرة الكنيسة ورجال الدين على مناحى الحياة السياسية والإجتماعية وما يعرف بصكوك الغفران , حارب الكثير من المفكرين والعقلاء بأهمية فصل الدين عن الحكم , لكن شتان ما حدث لتتخطى أوربا هذة العقبة وما يحدث الآن من هجوم على الإسلام والمسلمين , وكما لا نحب أن نفتى بغير علم , وجدنا أن مشكلة المسلمين الان تنحصر فى تطبيق الدين بالمظاهر , لا كما تفعل دول كثيرة الآن لا تدين بالإسلام مثل بلجيكا والسويد وغيرهم فى إلتزام تلك القواعد بعيدا عن الشكل , فلا يستطيع أحد أن يفرق بين المسلم وغير المسلم عند تطبيق القانون وحقوق الموطنة .
ونعود بكم لنشأة المواطن العربى مسلما أو مسيحيا , نجدة يخضع لضوابط صارمة ليست من الدين فحسب ولكن من عادات وتقاليد إجتماعية تنبع أساسا من الأديان , لأن الدين فى الأساس هو مجموعة أخلاقيات ونظم تنظم علاقة الإنسان بربة والمجتمع والمعاملات الأخرى .
ففى دولنا العربية نشأ الجميع على حب السلطة والمال والنفوذ والمنافسة غير الشريفة سواء بمنزل العائلة أو المدرسة أو الجامعة , يرى الجميع أن هناك من إستحوذ على حقة لغياب العدل حسب وجهة نظرة , ورأى أيضا تأخر العدالة الناجزة , وأيضا الواسطة والمحسوبية فى فرص العمل , كما أن شعورة الدائم بالظلم والإضطهاد على مدار حياتة وأسرتة والمقربين بل والمجتمع ككل ونحو علاقتهم برجال الحكم والساسة واعضاء مجلس النواب والذى من المفترض أن يكونوا عكس ذلك تماما فى أولوية المطالبة بحقوقهم المشروعة نحو مساواة وعدالة إجتماعية , نعلم أن تلك هى السنن الكونية وصراعات الخير والشر التى ستمتد ليوم القيامة , لكن هناك من المجتمعات الغربية قد تغلبت على تلك المشكلات .
سنجد مثلا المملكة العربية السعودية وهى الأقرب لتطبيق النموذج الإسلامى لديها أيضا مشكلات تخص ذكورة المجتمع وخروج المرأة للعمل وتوزيع الثروات , إذن ليس العيب فى تطبيق تعاليم الإسلام فى المعاملات ولكن العيب فى اسلوب التطبيق .
دول عربية أخرى مثل سلطنة عمان وهى قد تكون بعيدة عن بؤرة الصراعات إلا أنهم منذ ولادة جيل كامل من الشباب لم يروا سلطانا لهم سوى السلطان قابوس , لم يروا أبدا تداول سلطة على مر عقود , فماذا تنتظر من هؤلاء ؟
اليمن غير السعيد الآن , تحطم كل شيئ بسبب الصراعات على السلطة بين رؤساء عفا عليها الزمن من طول جلستهم فى سدة الحكم وتدخل جهات خارجية .
أما عن مربع الحزن الذهبى العراق وسوريا وفلسطين , فحدث ولا حرج .
تلك الدول الثلاث حٌكموا بالحديد والنار على مدار خمسون عاما بعد التحرر من الإحتلال الغربى , وتربى هؤلاء على أن الحاكم إلاة , ولا يجوز الطعن فية ولا معارضتة , ولابد أن تأخد ما إمتدت بة الأيدى سواء كثير أو قليل , كان الأهم بالنسبة لهم أن العيش ( مجرد العيش ) بإستقرار وأمن . وها نحن نجنى الآن ثمار الحكم الشمولى منذ الولادة , على النقيض تماما من تربية النشأ فى غرب أوربا وباقى العالم إلا بعض مناطق الصراعات المعروفة والتى لن تنعم بالإستقرار أبد الحياة .
وبرغم أن القذافى كان ديكتاتورا مختلا , إلا أنة كان من الممكن إنشاء ديمقراطية تفوق دولا كثيرة حيث الموارد الضخمة من البترول .
وتونس التى عانت كثيرا من تقلص فرص العمل والبطالة والتهميش وبطش الأمن وتغول الأجهزة السيادية , لا يعنى ياسيدى أن تأخذ كل مقدراتى بدعوى الأمن فالعدل هو الأمن , قالها لى أحد شباب تونس ونحن على سلم الطائرة متجها لباريس حلم الطفولة والنور .
هكذا يفكر شباب العرب وعندما يصطدم بأى عقبات لابد وبالتأكيد أن يلجأ للعنف .
وكذا الجزائر والمغرب والتى لم تطلها ثورات الربيع العربى , لا يغرنك إستقرار الأحوال هناك , فداخل كل بلد منهم رؤية جديدة لم تظهر بعد وما يعوق ذلك هو أنظمة الحكم الشمولى وغياب الديمقراطية . الدولة المدنية ليست مجرد ترفية , بل هو النظام الوحيد لتحقق العدل تمشيا مع أنظمة تعليم جديدة ومبتكرة تخرج ما بعقول النبهاء للمساعدة فى تطوير بلدانهم .
أما عن مصر التى فى خاطر الكثير فهى لم تأت بعد فمازال أمامنا الكثير وأهمها القضاء على الحكم الشمولى وتعميق وترسيخ دولة المواطنة والحقوق . لن نتقدم بالمشروعات العملاقة فقط ولكن بإرساء دعائم العدل والقضاء على الفساد بكل أشكالة .
هنا فى مصر تجد من المآسى الكثير والمظالم المتراكمة على مدار عقود بعد تراس محمد نجيب الجمهورية الوليدة .
وجدنا أيضا الصراعات فى كل مكان وهذة طبيعة البشر , لكن ليس بهذا التدنى والإنفلات , حقب طويلة مرت على مصر وكان من الممكن أن تكون رائدة المنطقة بالفعل وليس بالأغانى والطبول , التجاوزات من بعض رجال الشرطة والقضاء وسيطرة المؤسسة العسكرية على معظم موارد الدولة بغرض التسليح , رغم أن تلك المؤسسة تملك ميزانية ضخمة بل هائلة تفوق ميزانيات دول ومشروعاتها الكبيرة .
الكل يتسآئل الآن ؟ أين تذهب كل هذة الموارد ولصالح من خصوصا أن الجميع يرى تدنى فى الخدمات وإنتشار البطالة فى كل الأعمار وزيادة نسبة العنوسة والطلاق وغيرها ,
أعتقد أن ما تقدم يستوجب الحزن , حقا إنها أوطان الحزن . أوطانى