الكاتب : رعد التميمي
“أهوار العراق” أو “جنة العراق”، هكذا وصف العديد من الكتاب هذه المنطقة العراقية التي يرجع تاريخها الحضاري إلى خمسة آلاف عام منذ حضارة السومريين حتى اليوم. وتلقت هذه المنطقة الضربة القاضية بعد أن قام النظام العراقي السابق بتجفيف المياه التي كانت عماد الحياة فيها.
تعد أهوار وادي الرافدين من أكبر المسطحات المائية في الشرق الأوسط وتقع في الجزء الجنوبي من العراق بين محافظات البصرة وميسان وذي قار. وتتكون الأهوار الجنوبية من ثلاث مناطق رئيسة هي: الأهوار الشرقية المعروفة بهور الحويزة، الأهوار الوسطى أو المركزية، والأهوار الجنوبية المعروفة بهور الحمار.
تشكل مساحة الأهوار حوالي 17% من مساحة العراق، إذ تغطي المياه حوالي 8.3 مليون دونم من الأراضي العراقية منها حوالي 2.3 مليون دونم تغطى بمياه الأهوار.
ويعد نهر دجلة المصدر الرئيسي للمياه في هذه المنطقة التي عانت خلال فترة النظام السابق من عمليات التجفيف عبر تنفيذ العديد من المشاريع، حيث تم قطع المياه عن الأهوار وذلك بشق القنوات لتصريف المياه إلى خارجها. كما أقيمت السدود الترابية لمنع تدفق المياه باتجاه المنطقة.
تجفيف الأهوار كان كارثياً في شتى المجالات إذ أدى إلى تدمير نظام بيئي فريد من نوعه ، وقد تقلّصت مساحة الأهوار إلى نحو 5% من مساحتها الأصلية.
الى ذلك، شكل حكم النظام السابق تهديداً حقيقياً لسكان الأهوار بعد أن أصدر أوامره إلى مهندسيه للقيام باكبر عملية تجفيف للاهوار شهدها العراق عبر تاريخه الطويل . وكانت ذريعته إحياء بعض المناطق غير الصالحة للزراعة وجعلها أرضاً خصبة. وشرع المهندسون منذ نهاية عام 1991 الى حفر قنوات لا تحصى وقنوات تصريف المياه وشيدوا السدود الترابية وطريق المواصلات لتمنع مياه دجلة والفرات من أن تصب في الأهوار.
ولم يكتف المهندسون بحفر تلك القنوات فحسب، بل قاموا أيضاً بحرق آلاف الكيلومترات من قصب البردي تمهيداً لإقامة مشروع النهر الثالث.
عام 2003 بدأت الأهوار مرة أخرى بالازدهار لتصبح نظاما بيئيا غنيا شهد عودة عشرات الآلاف من الطيور والحيوانات والأسماك.
وقد عاد عرب الأهوار لحرفهم التقليدية بما في ذلك قطع القصب الأخضر الذي يتم استخدامه كعلف للجواميس و مواد للبناء، لكن على الرغم من ذلك فإن الحياة لا تزال صعبة في المنطقة بسبب وجود السدود على نهري دجلة والفرات.