اسليدرالأدب و الأدباءالحوادث و القضاياالصحة النفسية

أمير الظلام” هل الحب أقوى من فرق السن؟ أم أضعف من كشف الحساب؟

أمير الظلام”

هل الحب أقوى من فرق السن؟ أم أضعف من كشف الحساب؟

إذا لم يكن في القلب توافق… فلا يغرّنك توقيع العقد.

كل شيء بدأ بنقرة “إضافة صديق”. هي إيريس جونز، جدة بريطانية عمرها 86 سنة.

هو محمد إبراهيم، شاب مصري عمره 40 سنة، يقال إنه كان يعمل في بيع مستلزمات السباكة. في 2019 تعارفا عبر فيسبوك. زارت مصر ثلاث مرات، وأخيرًا تم الزواج في القاهرة. احتفلا بليلة العمر بتناول وجبة بيج ماك في ماكدونالدز، ثم انطلقت شهرتهما كأنهما ثنائي على السجادة الحمراء…

في حي شعبي. إيريس، بحماس المراهقة، صرّحت للصحافة البريطانية بأن حياتها الجنسية مع محمد نشطة جدًا، فأشعلت النشرات وشغلت البودكاستات. لكن البهجة لم تطل. في صيف 2023، بدأت علاقة الفيزا والعاطفة تنهار كبرج من كرتون البيتزا.

إيريس قالت لصحيفة ديلي ستار إن محمد أناني وجشع، استدان منها المال ولم يعده، وكان يسعى خلف ثروتها. أما محمد، فألقى القنبلة في صحيفة ديلي ميل قائلًا: كنت بعاملها كملكة، لكنّها استخدمتني كعبد جنسي. وفي مقابلة لاحقة، قالت إيريس إن مجرد التفكير في الجنس الآن يجعل معدتها تنقلب، وأطلقت عليه لقب أمير الظلام.

مواقع التواصل لم تسكت كعادتها. تعليق قال: أكيد زرعت جرجير تحت السرير… بس طلع برسيم، لأن الحمار خلع! وآخر كتب: المصريين بيحبوا الآثار… يمكن شاف فيها نفرتيتي! وتعليق قاتل: هو ضحّى بشبابه، وهي عايزة تحاسبه بعد ما استهلكت بطاريته؟

ورغم أن فارق السن قد يثير الشكوك، إلا أن الأمثلة كثيرة على علاقات نجحت رغم التباعد الزمني.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تزوج من بريجيت التي تكبره بـ24 عامًا، وكانت معلمته حين كان مراهقًا. ورغم النقد والسخرية، استمرت العلاقة، وأصبحت السيدة الأولى.

في أمريكا، الرئيس دونالد ترامب تزوج ميلانيا وهي تصغره بـ24 سنة. رغم الخلافات والإعلام، بقي الزواج قائمًا.

هيو هيفنر، مؤسس بلاي بوي، تزوج من كريستال هاريس وهي أصغر منه بـ60 عامًا، واستمرت العلاقة حتى وفاته.

إيلون ماسك دخل علاقات مع شريكات أصغر منه بسنوات كثيرة، مثل المغنية غرايمز، التي أنجب منها، رغم الفارق الكبير بينهما.

في عالمنا العربي، الفن أيضًا مليء بنماذج مشرفة.

سمير غانم ودلال عبد العزيز، فرق 20 سنة، لكن العلاقة استمرت حتى وفاتهما في حب وتفاهم.

أحمد العوضي وياسمين عبد العزيز، هو أصغر منها بعشر سنوات، لكن دعمه لها في أصعب لحظات مرضها أكّد أن التفاهم أهم من العمر.

أما من ناحية الأديان السماوية، فقد تبنّت موقفًا متوازنًا من هذه المسألة.

الإسلام يرى أن فارق السن بين الزوجين لا يُعد مانعًا شرعيًا طالما توفّر الرضا المتبادل والنية السليمة، وتم عقد الزواج وفق الضوابط الأخلاقية والشرعية.

من الأمثلة المعتبرة: زواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة رضي الله عنها، وكانت تكبره بخمسة عشر عامًا، وكذلك زواجه من السيدة عائشة رضي الله عنها، وكانت أصغر منه. الفقهاء يؤكدون على أهمية الكفاءة والتكافؤ في الدين والاستقرار، وليس السن وحده.

المسيحية لا تحرّم هذا النوع من الزواج، لكنها تدعو إلى التأني والتأمل في دوافع القرار. التحذير يكون من الاختلاف الروحي والنفسي، خاصة إن بُني الزواج على مصالح أو شهوات.

ويستشهد بعض المفسرين بوصية بطرس في رسالته الأولى: فلتنمو روحيًا قبل جسديًا.

أما اليهودية، فلا تمنع الشريعة زواج فارق السن. التراث الحاخامي يرى أن الأساس هو النية الصادقة، والتفاهم، والاحترام. كثير من الحاخامات المعروفين عبر التاريخ تزوّجوا نساءً تصغرهم بسنوات كبيرة، ولم يكن ذلك موضع استنكار طالما وُجد التفاهم والقبول المتبادل.

من الناحية العلمية، أظهرت دراسة منشورة على موقع Crosswalk عام 2020 أن الأزواج الذين يفوق بين أعمارهم فارق 30 سنة يكونون أكثر عرضة للطلاق بنسبة 172٪ مقارنة بمن هم في أعمار متقاربة. ليس لأن الحب مستحيل، بل لأن الزمن لا يرحم الاختلاف في التوقعات. إيريس كانت تحاول ترميم وحدتها على يد شاب وسيم من الشرق، لكنها نسيت أن الحب لا يُستورد من السوق الحرة، وأن الفارق في العمر قد يكون جسديًا، لكنه غالبًا ما يكون روحيًا.

وأسوأ ما في الأمر، أن الحب حين يفشل بين طرفين بهذا الفارق، لا يترك وراءه دموعًا فقط، بل صفحات ممتلئة بالتعليقات السامة.

أحمد مراد ahmourad978@aol.com

احمد فتحي رزق

المشرف العام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى