ما عاد الهَمس يُجدي
ماعاد يُفيد التَّمنّي
أَصبَحت الحياةُ غابا
تُؤخذُ كيداً و غِلابا
قِ نَفسَكَ و أحبابِكَ
شرّ البَلاءِ والتَّدنّي
و تَعلَّم لُغة الحِوارا
سَفه و عَته و رَشاوَى
بَلطجَة و قَسوة و طُغيانا
ما عادت المَبادِئُ تَحوي رِجالا
أصبحَت النُّفوسُ والضَّمائِر
زِنَتُها الدَّناءة و الوَضاعة
صَارت الشَّهوات تُقيم بِلدانا
شَهوة الغِلّ تَرفَعُ أقواما
فَوزيرٌ بِه يُحتفَي
إن صَرَّح و حَكَّمَ دون أوراقه
إن لَعَن كنَّاساً و أهلَه و ناسَه
إن رأي المَذابحَ عدالة
والثأرُ طُهرا و غايَة
الرَّأسُ بِعشرِ آَلاف إِخوانا
و نِعم القَول والعَدلِ مِيزانا
و إِذا الراقصة تَعتِلي مِنصّةَ الإعلامِ
تَنفث القَولَ سُمَّاً زُعافاً
تَدعو لِهجرِ الفَضائِل
و تُعلِن أنَّ الزِنا ولا سُواه رَاحة
فَمَعتوه الفنِّ يدَّعي الرَّجاحة
والعَقل مِنه مَسلوبٌ
لا يُدرك مِن القول إلَّا الوَقاحة
فهذا يَخوض في الأَئِمَّة و الصَّحابة
و يُشارُ له بِالمجدد مُجيد فنّ الخِطابا
فَرَح السَّفيهُ و أزدانا ثم زادنا من فن السُبابا
و أما إذا كان يوما ثائرا ولا سيما شبابا
كانوا للنارِ خشباً و حِطابا
أَلَا ساءت أعمالاً إن لم يتقنوا الإِنبطاحا
إِن أدار الغَضب عَقلا لهم فبِه أَطاحا
إِذا بلغَ حناجرا فردَّد عُلوَّا و صَاحا
أو إذا أدرك اياديهم فَأشار
و الوَجه فيهم أشاحا
إذا أدرَك عيناً فَأدمَع من مآقيهم و لَاحا
إِذا للدم أنكر ،، إِذ يَوماً أُستباحا
أَلَا ساءت أعمالاً
إن ظَنَّ يَهتِفُ للحرّية والكرامة والعَدالة
لا لِلخسَّة و الَنذالة فلا إِكراميَّة ولا إِصطِباحة
لا كِبراً ولا تَعاليَه ولا هدراً للدِّماء أَباحا
عذرا و تَقبلُّوا مِنَّا – يا سادة القوم – الأَعذارا
إن يوماً صار هِتافُنا نُباحاً
وصَارت أَوجاعُنا عَويلاً و نُواحاً
إِذا يوماً أَردْنا النَّيل مِن الَّليل
نَستعدِي الظَّلاما نَطلُب صباحاً وَضَّاحاً
فمَهما زاغت أعيُيُنا لا ضَلَلنا طريقاً
لا نَسينَا دمَاً ولا زال مَطلبَنا القَصاصا
نهدِرُ خِفيَةً اليوم و غداً بياناً جِهاراً
فحَذارا ثُمَّ حِذارا
بِئس من ظَنَّ أمد الدهر الإصْطِبارا
فَلم يحذر حليماً يُمهل لا يُهمِلُ
العدْل .. قوياً فَعَتيَّا و جبَّارا