أخبار عاجلةأهم الاخباراخبار عربية وعالميةاسليدرالتقارير والتحقيقاتمقالات واراءمنوعات ومجتمع
أردوغان ينبش قبور السلاطين الأتراك القدامى للحصول على خاتم السلطان ؟؟
بقلم الكاتب : محمد فخري جلبي
لم يكن يخطر ببال اليونانين القدامى بأن يستخدم شعار غصن الزيتون والمشتق من عادات وتقاليد تلك الحقبة التاريخية بأن يصبح شعار غصن الزيتون والذي يرمز للسلام أو حسن نية ، بأن يصبح شعارا للغزوات العسكرية !!
فما بين شعار غصن الزيتون ” التركي ” ومايخفيه ذاك الشعار من أطماع توسعية أستيطانية الذي رافقه قلق أمريكي وتهديد سوري ، بدأت القوات التركية بتنفيذ العملية العسكرية ضاربة عرض الحائط جملة المخاوف الأمريكية والتهديدات السورية حاملة بين طياتها موافقة روسية كلية أفضت إلى أشعال فتيل الجبهة الجديدة على الأراضي السورية .
فقد أنطلقت العملية العسكرية التركية مساء يوم السبت الماضي رغم مطالبة الولايات المتحدة لتركيا بعدم شنها ووسط قلق مسؤولين أمريكيين على قوات أمريكية في مدينة منبج ، كما تزامن التحضير لتلك العملية أنطلاق جملة تهديدات حادة اللهجة مصدرها دمشق ومفادها أسقاط المقاتلات التركية من قبل الدفاعات الجوية الأسدية .
كما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن وجهة القوات التركية ستكون مدينة منبج بعد عفرين !!
وتتهم أنقرة واشنطن بأنها تريد إنشاء “جيش من الإرهابيين” على الحدود التركية السورية ، بعد إعلان الولايات المتحدة عن تدريب قوة حدودية قوامها 30 ألف مقاتل أغلبهم من الأكراد .
تلك هي المبررات المزيفة التي ساقها أردوغان لغزو مدينة عفربن على غرار غزوه مدينة جرابلس السورية مستخدما ذات الأوراق المعترف عليها بهذا الشأن ؟؟
والمتعلقة بحماية حدوده من اللاعبين الأكراد المدعومين من قبل واشنطن ، بالأضافة إلى ورقة التنظيمات الأرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش الذي يتلقى الدعم اللوجستي والعسكري عن طريق الأراضي التركية !!
ويكاد المتأمل بتفاصيل العملية العسكرية التركية ودوافعها الملحة ( المضللة ) يبيح لأنقرة غزو الأراضي السورية من أجل حماية أمنها القومي بعيدا عن التمعن برغبة أردوغان بتوسيع حدود سلطنته وإيجاد موطىء قدم تركية ثابتة ضمن الدولة السورية المنتهكة أراضيها من قبل كافة اللاعبين الدوليين والأقليمين وتصريح تلك القوى ببقاء قواتها في الأراضي السورية إلى أمد غير محدد .
وبرأيي الشخصي فأن المحفز الرئيسي والدعامة الفولاذية التي أستند إليها أردوغان لبدء عمليته العسكرية ليس التواجد العسكري الكردي في مدينة عفرين والذي يبلغ عمره سنتين على أقرب تقدير ، كما ليس هو إعلان الولايات المتحدة عن تدريب قوة حدودية قوامها 30 ألف مقاتل أغلبهم من الأكراد (فقوام القوات الكردية الحالية المدعومة من قبل واشنطن تقترب من تلك الأعداد أو تنقصها ببضع مئات ) ، فتلك مجرد مسوغات لا قيمة لها ؟؟
وإنما الهدف الحقيقي هو أعادة تموضع اللاعب التركي ضمن المشهد السوري وبالأخص عقب القضاء على تنظيم داعش وتفشي عدوى الأستعمار بين اللاعبين المشاركين بالملف السوري .
ولعل من أطلق أشارة البداية لنوايا السلطان التركي التوسعية هو تصريح واشنطن برغبتها الواضحة بالبقاء ضمن الأراضي السورية على الرغم من أعتراف كافة المشاركين بالعمليات العسكرية ضد تنظيم داعش بفناء الأخير !!
وهنا يجب علينا تذكر التصريح التالي وربط المسببات التي ذكرتها ببدء العملية العسكرية التركية ؟؟
فقد صرحت الولايات المتحدة في مطلع هذا الشهر بإن الجيش الأمريكي باق في سوريا ليس فقط لدحر تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية بالكامل بل من أجل منع الرئيس السوري بشار الأسد من بسط سيطرته على كامل البلاد مع حليفته إيران ، وأوضح وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون ، في كلمة ألقاها في جامعة ستانفورد حول استراتيجية بلاده لمساعدة سوريا لإنهاء الحرب الدائرة فيها منذ 7 سنوات ، أن مهمة الجيش الأمريكي هي دحر تنظيم الدولة ومنع عودته مرة أخرى مما يستدعي بقاء القوات الأمريكية إلى أجل غير مسمى !!
وبالمقابل يسعى أردوغان لحجز مقعده على المدرجات السوربة المطلة على أعداد الضحايا الإبرياء متأبطا رغبته العمياء بالحصول على جزء من الكعكة السورية على غرار القوى الكبرى .
الأجواء الإيجابية لقيام أنقرة بالعملية العسكرية في مدينة عفرين ؟؟
وضمن ذات السياق ، فقد عاين أردوغان بأم عينه أمارات أنكفاء النظام السوري خلف اللاعب الروسي مما من شأنه المباشرة بالعملية العسكرية في حال التوصل إلى أتفاق مسبق مع موسكو .
وأما بالنسبة للجانب الأمريكي فأردوغان يدرك تماما ضعف واشنطن الواضح عن مواجهة اللاعب الروسي بشكل مباشر وذلك في ضوء تخبط الأدارة الأمريكية الحالية وعجزها عن حل عدة ملفات داخلية وخارجية تؤرق فكر الساسة الأمريكيين وتفسح المجال أمام المنضويين تحت جناح واشنطن فيما مضى بالأنعتاق من التبعية الأمريكية والتصرف بشكل أحادي دون الحاجة للعودة إلى أروقة البيت الأبيض على الأطلاق ؟؟
فداخليا : يواجه مئات الآلاف من الموظفين في المؤسسات والأجهزة التابعة للحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة خطر إغلاق مواقع العمل الحكومية في حال أستمرار الفشل في تمرير تشريع بموازنة مؤقتة جديدة .
في حين بدأ تبادل الاتهامات بين أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ الأمريكي حول أسباب تلك الأزمة البالغة الحساسية والتي من شأنها حصول إغلاق حكومي تتوقف خلاله التمويلات المخصصة للحكومة الفيدرالية وأصابة كافة مفاصل الولايات المتحدة بالشلل التام .
مما يجعلها تتحول من مقاعد المشاركين بالأحداث العالمية إلى مقاعد المشاهدين فقط !!
أما واشنطن على الصعيد الخارجي ، فقد شممنا رائحة الضعف الأمريكي (رغم أصابتنا البالغة بالزكام جراء أستنشاق البارود المتطاير في عموم الأجواء العربية ) وذلك في ظل حكم الرئيس الحالي “ترامب” ، وأفتقار السياسة الأمريكية الحالية لخلق توازنات شاملة تجعلها في مقدمة الدول الصانعة للقرار ، ويتجلى ذلك واضحا بعجز واشنطن عن دعم حلفائها في شبه الجزيرة الكورية في مواجهة تهور “كيم جونغ اون” زعيم كوريا الشمالية ، بالأضافة إلى تخلي واشنطن عن حلفائها الأكراد في كردستان العراق وعفرين السورية ، وتفشي حالة الذعر الشديد في أوساط النخب السياسية الأمريكية من حقيقة ولاء ترامب للكرملين في ضوء توصل التحقيقات إلى الدائرة الضيقة المحيطة بترامب وعلاقة صهر الرئيس جاريد كوشنر ومستشاريه بالجانب الروسي .
ولعل جملة النكسات التي عانت منها واشنطن بقيادة دونالد ترامب وتصدر روسيا المشهد الدولي يجعلنا نؤكد العلاقة السرية بين رأس الهرم الأمريكي ” ترامب ” بالكرملين من خلال تقاعس واشنطن عن أداء واجبها وأفساح المجال للقيصر الروسي ليكون شرطي العالم الحالي ؟؟
وبالحديث عن تجاوز القطب الروسي القطب الأمريكي بعدة أشواط ضمن الحلبة الدولية المستعرة ، فيجب التنويه هنا إلى أمر بالغ الأهمية وهو قيام أردوغان بالعملية العسكرية الحالية فور حصوله على موافقة موسكو والتي تمت ترجمتها بأنسحاب القوات الروسية من مدينة عفرين وأعلان موسكو عن طريق وزارة خارجيتها بالنأي بالنفس بالنسبة للتوغل التركي ضمن الأراضي السورية ، مما دفع أردوغان للمباشرة بالعملية العسكرية غير أبه بالتحذيرات الأمريكية بهذا الشأن !!
وفيما يعتقد البعض أن تركيا عقدت صفقة مع روسيا مفادها رفع اليد عن إدلب مقابل تمكنها من التحرك في عفرين خاصة وأن روسيا سحبت وجودها العسكري المحدود في المنطقة قبل بدء العملية التركية ، فقد أكد فرانس كلينتسيفيتش نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد الروسي أن بلاده لن تتدخل في حال نشب نزاع بين قوات النظام السوري والجيش التركي !!
ولن نخوض بتفاصيل أحداث العملية العسكرية التركية في مدينة عفرين السورية ، فالمعلومات حول الخسائر البشرية الطفيفية نسيبا وتمكن القوات التركية بجانب قوات الجيش السوري (الحر) من طرد عناصر القوات الكردية خارج مدينة عفرين وسيطرتها على بعض المواقع الهامة ، كما أننا لن نتطرق لردود الأفعال الدولية حول التحركات التركية العسكرية ودعوة فرنسا لأنعقاد جلسة عاجلة لمجلس الأمن فيما يتعلق بالشأن التركي السوري ؟؟