لربما كان تفكيري وقتها بالموضة وعالم الأزياء فحسب ، لربما جمالي اللطيف اغرني ، وزاد من غروري ، وقلل تواضعي ، لربما كانت فترة مراهقتي قاسية ،
لربما هناك احتمالات اخرى كثيرة .. عديدة .. لكنني اعرف منذ سنوات ان قلبي كان يخطو في سبل كل فتاة متحجبة ، كان يتسارع للفوز بشرف ارتداء ذلك الخمار الذي تديره على رأسها فيغطي شعرها ، كان قلبي مأسورا بالعباءات الطويلة ..
والخمارات المربعة ، ذات الألوان الهادئة . احترقت الشوق لإرتدائه .. للخروج به ، والتستر به ،
حلمت ذات يوم انني امشي في الشارع بعباءتي الطويلة وخماري العريض فتفتح لي الطريق ، لا مضايقات ولا كلاما يترامى علي من افواه الرجال .. ليت ذلك الحلم طاال ،
وليت امي لم توقضني وقتها ، ربما كان حقيقة لا تطبق في الواقع .. الحاء والجيم والألف التي تفصل بين الجيم والباء حروف هي حلمي وامنيتي …
اتساءل بيني وبين قلبي وعقلي ، اقوم حروبا عادة ما تنتهي بخسارتي ، لا البث امامهم ، اضعف .. انهزم و اسقط جثة هامدة وسط ساحتهم ، قلب يريد وعقل يرفض ، ثوب طويل حد الكعب فضفاض و طرحة بيضاء مرقعة تفي بالغرض ،
ليس بخاطري طلب الكثير ، القليل من القليل يكفيني ويغنيني ، جلاء حزني هو وبهاء منظري ، سعادة لقلبي وايمان لذاتي . الإسلام يكابد الجراح كل يوم اكثر ، فيا انا ، فيا مسلمة عاشقة دينك لا تزيدينه جراحا ، ضمديها بحنانك و تقواگ ، لا تزيديها بتمردك وكفرانك .
اخلعي القيود ، حطمي الجدران ، تجاوزي العوائق ، ارفعي شعار العفة والاحتشام عاليا ، برهني ان التقوى بالقلب لا بالكلام ، حصني جسدك من عيونهم ، دعي نفسك هدية لم تفتح الى أن تقدم الى زوجها ، فيسعد فهديته و يقدسها كونها اثمن الهدايا واغلاها ..
يا انا افعلي ما ينصك عليه قلبك ولا تنسي استخدام عقلك ، لا تقعي في فخاخ المراهقة ، ولا تتخفي خلف ستار الحرية ، مدعية انك حرة مستقلة ، حرة انت مستقلة ، بلا قيود ولا شروط لا نكران في الأمر ،
لكن الحرية لا تكمن في سروال جينز مقطع يطل عليه لحمك كالعمة سعيدة عجوز الحارة التي دائما تطل على نافذتها ، ترمق الذاهب والقادم ، الداخل والخارج ، والكل يرمقها بنظرات تعبر عن سخريتهم منها واستفزازهم لها ، الحرية ليست في قميص لا يغطي جسدك ويفضحه ، فتصبحين عرضة لكلام الشوارع ،
حديث الساعة وعلكة في اللسان ، الا تستحين او لا تغارين على نفسك ، فما ذنب الجسم الذي وهبك الله به ، وما ذنبه اذا لم يستر ، كوني عقلانية ولا تغترين ، فكم من الفتيات اللواتي سرن في نفس طريقك ، كابدن من الأوجاع اصعبها و من الآلام و الآهات اقساها ، ففاتهم القطار و ضاعت منهم التذكرة ، فما عادوا قادرين عن المضي قدما ولا العودة قدما